قمة الناتو.. هل تنقذ «أسلحة الحلفاء» بايدن أم تسقطه؟
النتائج الكارثية للمناظرة التي خاضها الرئيس الأمريكي جو بايدن ضد منافسه الجمهوري دونالد ترامب، لم تعد قضية تخص الديمقراطيين فقط.
ففي الوقت الذي تتكثف فيه الاستعدادات لقمة حلف شمال الأطلنطي (ناتو) الثلاثاء المقبل، يعرب الدبلوماسيون وقادة العالم عن قلقهم الشديد بشأن تقدم بايدن في العمر وقدرته على الفوز في الانتخابات الرئاسية لعام 2024.
ويفضل المسؤولون الأجانب إلى حد كبير إعادة انتخاب بايدن ويخشون من أن تؤدي عودة الرئيس الجمهوري السابق ترامب إلى البيت الأبيض إلى الإضرار بحلف الناتو وشل المجهود الحربي في أوكرانيا.
ومع ذلك فقد أصاب أداء بايدن في مناظرته مع ترامب هؤلاء المسؤولون بالفزع والخوف من أن الرئيس الديمقراطي قد يكون أضعف من أن يتمكن من هزيمة ترامب، وقيادة قوة عظمى عالمية، وفقا لنحو 20 شخصا مرتبطين بالناتو أو القمة المرتقبة تحدثوا إلى صحيفة "بوليتيكو" الأمريكية.
وذكرت "بوليتيكو" أن العديد من الحلفاء كان لديهم بالفعل تحفظات هادئة بشأن الثقة في بايدن قبل المناظرة وأن الرئيس الأمريكي بات يتعين عليه الآن إقناع نظرائه ليس فقط باستعداده للقتال بل بقدرته أيضا على التغلب على أزمته السياسية للبقاء فيه.
وقال مسؤول من دولة أوروبية عضو في الناتو "لا يتطلب الأمر عبقرية لكي ترى أن بايدن كبير في السن.. لسنا متأكدين من أنه، حتى لو فاز، يمكنه البقاء على قيد الحياة لمدة أربع سنوات أخرى".
وتعليقا على المناظرة، قال مسؤول في الاتحاد الأوروبي "كان من المؤلم مشاهدته"، وأضاف "نريد جميعًا أن يحصل بايدن على ولاية ثانية لتجنب التعامل مع ترامب مرة أخرى، لكن هذا ليس مطمئنًا".
وقبل تغيير الحكومة البريطانية تحدث أحد الوزراء السابقين بصراحة أكبر وتساءل "هل يمكن للمانحين الديمقراطيين أن يجمعوا جهودهم معًا ويجعلوا بايدن يتقاعد، بحيث يكون لدينا بعض الفرصة لمرشح يحظى بالمصداقية لدى الناخبين؟".
ورغم أن عدد قليل فقط من القادة الأوروبيين هم من تحدثوا رسميا عن عمر بايدن، إلا أن رئيس الوزراء البولندي دونالد تاسك أعرب بشكل غير عادي عن الانزعاج بعد المناظرة، حيث قال للصحفيين "إنهم بالتأكيد يواجهون مشكلة. وكانت ردود الفعل لا لبس فيها".
أما مارك جيتنشتاين، سفير الولايات المتحدة لدى الاتحاد الأوروبي ومستشار بايدن منذ فترة طويلة، فأوضح أن أي تركيز على عمر بايدن ينبع من المخاوف بشأن الانتخابات وقدرته على الفوز بولاية ثانية.
وقال "لم أسمع قط أي زعيم يعبر لي بشكل مباشر أو غير مباشر عن قلقه بشأن عمره.. إنهم جميعاً قلقون بشأن الانتخابات، لأن الانتخابات قريبة وهم قلقون بشأن بعض الأشياء التي قالها ترامب".
وسيكون بايدن في موقف صعب خلال قمة الناتو المرتقبة التي وُصفت بأنها احتفال بالذكرى السنوية الـ75 لتأسيس الحلف لكنها تحولت بفضل المناظرة إلى نوع مختلف من تقييم اللياقة السياسية والجسدية للرئيس الذي أصبح مستقبله السياسي على المحك.
وسيتعين على بايدن أن يُظهر علنًا مهاراته القيادية وقدرته على التحمل في القمة التي تستضيفها واشنطن، وتبدأ صباح الثلاثاء وتستمر حتى الخميس وسط توقعات بأن يكون الجو شديد الحرارة خاصة وأن الرئيس الأمريكي لن يستطيع تخطي أيا من الفعاليات لكونه المضيف.
وفي اليوم الأول للقمة، سيلقي بايدن خطاباً رفيع المستوى لإحياء الذكرى السنوية الـ75 للناتو في قاعة ميلون، التي شهدت التوقيع على الميثاق التأسيسي للحلف بعد سنوات قليلة من الحرب العالمية الثانية.
ورغم أن بايدن من دعاة تعزيز الناتو إلا أن رسالته قد تضيع إذا تعثر في فقرات رئيسية أو فقد سلسلة أفكاره في منتصف الجملة.
وسيكون يوم الأربعاء الأكثر ازدحاما في القمة حيث يتعين على بايدن مصافحة زعماء الدول الأعضاء الـ 31 الأخرى وكذلك الدول الشريكة وبعدها يرأس اجتماعًا لمجلس شمال الأطلسي لمدة ثلاث ساعات يضم رؤساء الدول والحكومات الآخرين.
كما يستضيف بايدن مأدبة عشاء لزعماء العالم في وقت متأخر من الليل يتجاوز الموعد الجديد الذي فرضه على نفسه في الثامنة مساء للتوقف عن العمل لكن المناسبة ستتطلب من بايدن أن يكون منتبها أثناء وجوده مع نظرائه ومناقشة الأمور الحساسة بعيدًا عن الكاميرات.
ويوم الخميس سيقود بايدن سلسلة ماراثونية من الاجتماعات التي تناقش موضوعات تتراوح من الحرب في أوكرانيا، إلى تعزيز قدرات الردع لدى الناتو، إلى الوضع الأمني الديناميكي في منطقة المحيطين الهندي والهادئ.
كما يتعين عليه المشاركة في جلسات ثنائية مع كبار الحلفاء، مما يضيف المزيد إلى جدول أعماله المزدحم بالفعل والذي يستغرق ثلاثة أيام.
وسيختتم بايدن فعاليات القمة بمؤتمر صحفي منفرد، حيث من المؤكد أنه سيجيب على أسئلة حول عمره ولياقته أكثر من الأسئلة حول العلاقات عبر الأطلسي.
وتهيمن المخاوف من عودة الرمرشح الجمهوري، وقال مسؤول في إحدى الدول الأعضاء "إننا نجري المزيد من المحادثات حول دفاعاتنا لأنه يبدو أن ترامب سيعود".
لكن بعض حلفاء الناتو غير راضين تمامًا عن قيادة بايدن، وينتقد الكثيرون نهجه التدريجي في توفير الأسلحة لأوكرانيا ومنحها الضوء الأخضر لضرب أهداف داخل روسيا.
وتساءل دبلوماسي أوروبي كبير في واشنطن "هل تقود الولايات المتحدة أم أنها تشارك فقط مثل أي شخص آخر؟".
وخلال أعوامه الثلاث ونصف في البيت الأبيض أقام بايدن علاقات قوية مع معظم الحلفاء الديمقراطيين الذين تتوافق سياساتهم بشكل وثيق معه مثل رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين.
كما كان بايدن ودوداً مع خصومه الأيديولوجيين الذين يجتمع معهم حول القلق بشأن أوكرانيا مثل رئيسة الوزراء الإيطالية جيورجيا ميلوني، ومع الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الذي يدعو علناً إلى دور أوروبي أكثر جرأة لكن هؤلاء الحلفاء ما زالوا غير قادرين على تغيير واقع عمر بايدن.
وقال 3 دبلوماسيين إن الحلفاء منزعجون والسبب ليس غياب الرئيس الأمريكي عن حفلات العشاء في مؤتمرات القمة أو مغادرتها مبكرا أو استخدامه لبطاقات الملاحظات، وتحدثه ببطء وهدوء، وتحركه بصلابة من المستحيل عدم ملاحظتها لكنهم قلقون بشأن مكانته السياسية وفرص إعادة انتخابه، مع العلم أن عمره يمثل عائقًا سياسيًا كبيرًا.
وقال أحد كبار الدبلوماسيين في الاتحاد الأوروبي "يبدو لي أنه سيكون من الصعب للغاية بالنسبة له مواصلة حملته والبقاء في منصبه"، وأوضح أن الأمر متروك للحزب الديمقراطي لاختيار بديل لكن عليهم التفكير في كل الخيارات.