«سلاح التنحي» ضرب الديمقراطيين من قبل.. بايدن يخشى مصير جونسون
بعد كارثة المناظرة الرئاسية، رأى العديد من قادة الحزب الديمقراطي ضرورة تنحي الرئيس جو بايدن وإعلان بديل في المؤتمر الوطني المقبل للحزب.
لكن أي تحرك للإعلان عن بديل لبايدن قبل أربعة أشهر فقط من الانتخابات يحمل في طياته مخاطر كبيرة، فالسماح للمندوبين باتخاذ مثل هذا القرار بالغ الأهمية، وإبطال إرادة الملايين من الناخبين الأساسيين وقلب عملية الترشيح التي كانت هي القاعدة لعقود من الزمن رأسا على عقب، عملية مثيرة للانقسام وإثارة الضغينة، بحسب مجلة "بوليتيكو" الأمريكية.
لكن إذا حدث ذلك، فلن يكون سابقة، إذ إنه في 31 مارس/آذار 1968، فاجأ ليندون جونسون الأمريكيين بإعلانه الانسحاب من الانتخابات الرئاسية في ذلك العام.
وتحول المؤتمر الوطني الديمقراطي الذي أعقب ذلك القرار بعدة أشهر إلى حالة من الفوضى والعنف وتسبب في تعثر حملة مرشح الحزب النهائي، نائب الرئيس هيوبرت همفري، ليخسر في نهاية المطاف في انتخابات متقاربة أمام الجمهوري ريتشارد نيكسون.
ولن يكون من الصعب تصور نتيجة مماثلة إذا أقنع القادة الديمقراطيون بايدن بالتنحي.
وقد يكون المؤتمر المفتوح بمثابة لحظة "الديمقراطيين في حالة من الفوضى"، ولكنه قد يشكل أيضاً هزة للنظام ويوقظ العديد من الناخبين غير الراضين، والذين يشعرون حالياً بخيبة الأمل إزاء الخيارات المتاحة أمامهم، من سباتهم.
رأى المؤرخون قرار بايدن تتويجا لعدة عوامل؛ فقد اعتقد جونسون أنه لا يستطيع المشاركة في حملة شاقة للاحتفاظ بالبيت الأبيض أثناء محاولته أيضًا التفاوض للتوصل إلى سلام في فيتنام، إضافة إلى أنه لم يتمكن من السفر من مدينة إلى أخرى، للقاء المحتجين الغاضبين، وسط قلقه بشأن صحته، إذ عانى من نوبة قلبية شبه مميتة قبل أكثر من 10 سنوات، وكان يطارده اعتقاد بأن رجال عائلة جونسون يميلون إلى الموت مبكرًا بسبب أمراض القلب، لكن "السبب الأكبر للقيام بذلك هو شيء واحد فقط"، وصفه بقوله "أريد الخروج من هذا القفص."
وفي الساعة التاسعة مساء بدأ الرئيس خطابه المتلفز. وبعد أربعين دقيقة، أعلن جونسون، في ختام كلمته، أنه لن يسعى أو يقبل ترشيح حزبه لولاية أخرى كرئيس.
وكما كان متوقعًا، فاز همفري بترشيح الديمقراطيين، لكن المؤتمر الوطني للحزب الديمقراطي تحول إلى كارثة تامة. فقد غادر همفري مؤتمر شيكاغو متخلفًا عن نيكسون بفارق 12 نقطة، مع انقسام شديد في أوساط الحزب.
وتشير "بوليتيكو" إلى أن هناك بعض أوجه التشابه الملفتة للنظر. فإذا تنحى بايدن، فسيقع على عاتق المندوبين اختيار بديل وهو شخص لم يترشح أو يفز بأي انتخابات تمهيدية.
وسوف يتمتع كل ديمقراطي بارز بحق متساو في الترشح، وسوف يتمتع أنصارهم بنفس القدر من الحق في الغضب إذا تم تجاوز مرشحهم واختيار كامالا هاريس، نائبة الرئيس الحالي الذي يمكنه أن يدعي بمصداقية أنه يمثل الكتلة التأسيسية الأكثر ثباتًا في الحزب: النساء السود.
وحاولت مجلة "بوليتيكو" الإجابة عن سؤال: هل ستتكرر أحداث عام 1968 مرة أخرى عام 2024؟ قائلة "يشعر العديد من الناخبين بخيبة أمل شديدة لأن الخيارات المتاحة أمامهم تتمثل في شخصين في الثمانينات من العمر (الرئيس السابق دونالد ترامب سيتجاوز الثمانين خلال فترة ولايته إذا فاز)، وكل منهما لا يحظى بشعبية على نطاق واسع، وليس من المستحيل أن نتخيل مؤتمرًا يجذب انتباه الأمة ويهز حملة الخريف من خلال تقديم بديل أصغر سنًا لبايدن أو ترامب.
لكن كل ذلك مجرد تخمين. والمرة الوحيدة التي اضطر فيها حزب كبير إلى استبدال مرشحه في منتصف الدورة، كانت النتيجة كارثية.
بالنسبة لأولئك الذين يرون أن الوقت قد حان لتنحي بايدن، فإن السؤال واضح: ما الذي يجعلك تعتقد أن ذلك لن يجعل الأمور أسوأ؟