خبير أمريكي يكشف لـ«العين الإخبارية» تصميم بطاريات سيارات المستقبل (حوار)
تعتمد العديد من السيارات الكهربائية على بطاريات تحتوي على الكوبالت، وهو معدن يحمل تكاليف مالية وبيئية باهظة.
لكن فريقاً بحثياً من معهد "ماساتشوستس للتكنولوجيا" في الولايات المتحدة الأمريكية، أعلن في دراسة نشرتها دورية "إيه سي إس سينترال ساينس"، عن مادة عضوية بديلة للكوبالت يمكن أن توفِّر طريقة أكثر استدامة لتشغيل السيارات الكهربائية، فكيف يتم تصنيع تلك المادة، وما مشكلات الكوبالت، ولماذا تحقق المادة الجديدة هدف الاستدامة؟.
هذه الأسئلة وغيرها يجيب عنها ميرسيا دينكا، أستاذ الطاقة في معهد "ماساتشوستس للتكنولوجيا"، والباحث الرئيسي في مشروع إنتاج تلك المادة، في حوار مع "العين الإخبارية".
بداية، كيف تعمل البطاريات بشكلها الحالي؟
يتم تشغيل معظم السيارات الكهربائية بواسطة بطاريات الليثيوم أيون، وهي نوع من البطاريات التي يتم إعادة شحنها عندما تتدفق أيونات الليثيوم من قطب كهربائي موجب الشحنة، يسمى الكاثود، إلى قطب كهربائي سالب، يسمى الأنود.
وفي معظم بطاريات الليثيوم أيون، يحتوي الكاثود على الكوبالت، وهو معدن يوفر ثباتاً عالياً وكثافة طاقة، لكن في المقابل له العديد من السلبيات، التي دعتنا إلى التفكير في استبداله بمواد أخرى.
وما أبرز سلبياته؟
الكوبالت له سلبيات كبيرة، فهو معدن نادر، ومن الممكن أن يتقلب سعره بشكل كبير، ويخلق استخراجه ظروف عمل خطرة ويولد نفايات سامة تلوث الأرض والهواء والمياه المحيطة بالمناجم.
وبالتالي، فإن البطاريات المحتوية على الكوبالت وعلى الرغم من قدرتها على تخزين الكثير من الطاقة، ولديها جميع الميزات التي يهتم بها الناس من حيث الأداء، لكنها تواجه مشكلة عدم توفرها على نطاق واسع، وتتقلب التكلفة كذلك، وهو ما دعانا للتفكير في البديل.
هل فريقكم البحثي هو أول مَن سعى لإيجاد بديل للكوبالت؟
بالقطع لا، فبسبب العيوب العديدة للكوبالت، التي ذكرتها سابقاً، فقد تم إجراء قدر كبير من الأبحاث لمحاولة تطوير مواد بديلة، وإحدى هذه المواد هي فوسفات الحديد، والتي بدأت بعض شركات صناعة السيارات في استخدامها في بطاريات الليثيوم أيون بالسيارات الكهربائية، ولكن مشكلة هذه المادة، أنها لا تحتوي إلا على حوالي نصف كثافة الطاقة لبطاريات الكوبالت، وهو ما دعا الفرق البحثية حول العالم لمحاولة البحث عن حل، يتغلب على مشكلات الكوبالت، ولكن يحقق من ناحية أخرى، نفس مزايا كثافة الطاقة.
في إطار البحث عن حلول، كان هناك خيار آخر جذاب، وهو المواد العضوية، ولكن حتى الآن لم تكن معظم هذه المواد قادرة على مطابقة خصائص الموصلية الكهربائية، وسعة التخزين، وعمر البطاريات المحتوية على الكوبالت، وبسبب موصليتها المنخفضة، تحتاج هذه المواد عادة إلى الخلط مع مواد رابطة مثل البوليمرات، مما يساعدها في الحفاظ على شبكة موصلة، وتشكل هذه المواد الرابطة، ما لا يقل عن 50 بالمائة من إجمالي المادة، وهو ما يؤثر على تقليل سعة تخزين البطارية.
وما فعلناه هو أننا نجحنا في الوصول إلى مواد عضوية تحقق كل مزايا الكوبالت، دون أن يؤثر ذلك على سعة تخزين البطارية.
وما تلك المادة وكيف نجحتم في توظيفها؟
تتكون هذه المادة من عدة طبقات من "مكرر رباعي أمينو بنزوكوينون bis-tetraaminobenzoquinone"، وهو جزيء عضوي صغير يحتوي على ثلاث حلقات سداسية مندمجة، ويمكن لهذه الطبقات أن تمتد إلى الخارج في كل اتجاه، لتشكل بنية مشابهة للجرافيت، وتوجد داخل الجزيئات مجموعات كيميائية تسمى الكينونات، وهي خزانات الإلكترون، والأمينات، التي تساعد المادة على تكوين روابط هيدروجينية قوية.
وتجعل روابط الهيدروجين هذه المادة مستقرة للغاية وغير قابلة للذوبان، وتعتبر عدم القابلية للذوبان مهمة لأنها تمنع المادة من الذوبان في إلكتروليت البطارية، كما تفعل بعض مواد البطارية العضوية، وبالتالي إطالة عمرها.
وماذا كانت نتائج تجاربكم على تلك المادة الجديدة؟
أظهرت اختبارات هذه المادة أن قدرتها على التوصيل والتخزين كانت مماثلة لتلك الموجودة في البطاريات التقليدية المحتوية على الكوبالت، كما يمكن شحن البطاريات المزودة بكاثود يحتوي على المادة الجديدة وتفريغها بشكل أسرع من البطاريات الموجودة، مما قد يؤدي إلى تسريع معدل شحن السيارات الكهربائية.
ولتثبيت المادة العضوية وزيادة قدرتها على الالتصاق بمجمع البطارية الحالي، وهو مصنوع من النحاس أو الألومنيوم، أضاف الباحثون مواد حشو مثل السليلوز والمطاط، وتشكل هذه الحشوات أقل من عُشر إجمالي مركب الكاثود، لذا فهي لا تقلل بشكل كبير من سعة تخزين البطارية.
بل بالعكس، تحقق هذه الحشوات وظيفة مهمة، وهي إطالة عمر كاثود البطارية عن طريق منعه من التشقق عندما تتدفق أيونات الليثيوم إلى الكاثود أثناء شحن البطارية.
وما فرص إنتاج تلك البطارية بشكل تجاري؟
فرصتها كبيرة، إذ إن المواد الأولية اللازمة لتصنيع هذا النوع من الكاثود هي مادة الكينون وسلائف الأمين، وهي متاحة تجارياً بالفعل ويتم إنتاجها بكميات كبيرة كمواد كيميائية سلعية، ونقدر أن التكلفة المادية لتجميع هذه البطاريات العضوية يمكن أن تتراوح بين ثلث إلى نصف تكلفة بطاريات الكوبالت.
aXA6IDMuMTUuMjE0LjE4NSA= جزيرة ام اند امز