العلم الأمريكي في فيلم داميان شازيل الأخير يثير الجدل

نقاش محتدم شهدته مواقع التواصل الاجتماعي حول عدم وجود مشهد لغرس العلم الأمريكي على سطح القمر في فيلم First Man: Moon-Landing

من كان يظن أن العَلَم الأمريكي قادر على إثارة كل هذا الجدل لأسباب ليست سياسية على الإطلاق؟ فخلال العرض الأول لفيلم First Man: Moon-Landing من بطولة رايان جوسلينج، في مهرجان فينيسيا أواخر أغسطس الماضي، ظهرت موجة حادة من الانتقادات للفيلم الذي يحكي عن هبوط نيل أرمسترونج على سطح القمر، والسبب غريب.

المجتمع اليميني المتحفظ في أمريكا غضب للغاية من قطع المخرج داميان شازيل مشهد زرع العلم الأمريكي على سطح القمر، وأطلق حملة انتقاد موسعة عبر مواقع التواصل الاجتماعي.

المضحك في الأمر، أن العلم لم يتم اقتصاصه من الفيلم على الإطلاق، وأنه ظهر في أكثر من مشهد، إلا أن رواد الإنترنت الغاضبين لم ينتظروا إلى أن يشاهدوا الفيلم فور صدوره في دور العرض في منتصف أكتوبر المقبل، وانطلقوا في حملتهم الغاضبة لمهاجمة الفيلم دون تعقل، بحسب مجلة فانيتي فير الأمريكية. 

فيلم First Man: Moon-Landing هو أول فيلم يصدره المخرج داميان شازيل منذ صدور فيلمه الأخير "La La Land" الذي فاز بـ6 جوائز أوسكار، منها أفضل مخرج عام 2017، وقوبل الفيلم بانتقاد قاس بعد نشر صحيفة "تليجراف" تقريرًا تقول فيه إن الفيلم الجديد لا تظهر فيه لقطات لغرس العلم الأمريكي على سطح القمر، بناءً على أقوال مراسلها في مهرجان فينيسيا بعد مشاهدته للفيلم، إلا أنه يتضمن أكثر من مشهد يظهر فيه العلم مغروسا على سطح القمر.

و بعد نشر تقرير صحيفة "تليجراف" البريطانية ونقل أكثر من صحيفة أمريكية للخبر، اشتعل غضب الجمهور اليميني المحافظ من فكرة غياب لحظة ملحمية مثل رفع العلم الأمريكي في الفضاء، فبالنسبة لهم كان الأمر أشبه بتدنيس التاريخ، خاصةً مع وجود الرئيس الأمريكي اليميني دونالد ترامب الذي وصل إلى منصبه من خلال التأكيد على عظمة التاريخ الأمريكي، حينها ثار رواد موقع "تويتر" لأنهم ظنوا أن الفيلم يخلو بأكمله من مشاهد تتضمن العلم الأمريكي ووصف بعضهم الأمر بالجنون. 

ووصل الغضب الجماهيري إلى حد تعليق رئيس تحرير صحيفة "دايلي واير" بين شاربيرو، بنفسه على المشهد دون مشاهدة الفيلم، بقوله: "في عام 1962 أرسلنا أول بعثة إلى الفضاء، وتعهدنا ألا يتم الحكم بأيد معادية وإنما بقيم الحرية والسلام، فقد كان الهدف الأساسي من رحلتنا هو غرس العلم الأمريكي وإثبات سيادتنا وتفوقنا". 

وأيده الناقد السينمائي والمحرر بصحيفة ويكلي ستاندرد، بيل كريستول، أيضًا دون مشاهدة الفيلم، مشجعًا الجمهور إلى التقدم بشكوى رسمية للشركة المنتجة يونيفرسال بيكتشرز، لأن قرار قص مشهد غرس العلم هو قرار خاطئ وتزييف للتاريخ الأمريكي، مطالبًا أن يعاد تصوير الفيلم بحيث نضيف له مشهد العلم من جديد!

ورغم كل هذه الضجة التي أثارها الفيلم لأسباب لا تتعلق بقصته من قريب أو بعيد، فإن قرار المخرج بعدم تخصيص مشهد كامل لغرس العلم على القمر جاء لأمور فنية، فهو يتحدث عن أحاسيس "أرمسترونج" نفسه خلال رحلته إلى الفضاء، وليس عن الجانب الوطني أو التاريخي للرحلة، وبالتالي فإن تخصيص مشهد كامل للعلم كان حدثا دخيلا وغير منطقي على مسار الفيلم.