الأيام الأخيرة لـ"الخلافة".. رسائل سرية حول داعش في سوريا
بعينين خضراوين وبشرة بيضاء ليست "شرق أوسطية" تغزوها لحية طويل بنية اللون، ظهر مسلح أمريكي بين أحضان داعش وبجواره سلاحه الخاص.
كان هذا المشهد قبل عامين قبل أن تعرف قنبلة طريقها لداعشي أمريكي في إحدى القرى السورية، ويتصدى موقع "ذي إنترسبت" الأمريكي لإعداد فيلم وثائقي حول قصته بعد أن عاش ومات داخل التنظيم الإرهابي.
الصحفي الأمريكي ومعد القصة، تريفور آرونسون، أكد أنه كان يتواصل مع "الداعشي" راسل دينيسون لأكثر من 6 أشهر، ثم توقفت رسائله.
وخلال تقرير منشور عبر الموقع الأمريكي، قال الصحفي آرونسون إن دينيسون كان "مسلما متدينا" يعتقد أنه إذا كان مقدرًا له أن تقتله قنبلة فسيحدث ذلك، بغض النظر عن أي شيء سيفعله لتجنب الأمر.
وبالفعل وجدته تلك القنبلة بالفعل في ربيع عام 2019 في باغوز، قرية صغيرة شرقي سوريا قرب الحدود مع العراق. وعلم آرونسون بمقتله بعد شهور، بعدما أخبرته زوجته بالأمر.
بداية القصة
دينيسون أمريكي كاثوليكي النشأة، من ضحايا بنسلفانيا، وكان من أوائل الأمريكيين الذين انضموا إلى تنظيم داعش.
وحاول آرونسون التواصل معه في البداية عام 2014، بعد سماع شائعات تفيد بمغادرته الولايات المتحدة للقتال في الحرب الدائرة بسوريا. وعلى مدار سنوات، لم يتلق الصحفي أي رد.
لكن في أغسطس/آب عام 2018، وبعد الهروب من الرقة مع اقتراب التحالف بقيادة الولايات المتحدة من العاصمة الفعلية لداعش، أرسل دينيسون رسالة بريد إلكتروني للصحفي الأمريكي، وأراد الحديث معه.
وخلال الشهور التي تلت ذلك، أرسل إليه تسجيلات صوتية تقدر مدتها بأكثر من 30 ساعة عبر تطبيق "واتسآب".
وخلال محادثاته التي كانت تتم بشكل أساسي في فترات الليل على وقع أصوات الغارات الجوية، تحدث عن اعتناقه للإسلام في بنسلفانيا، وانجرافه إلى التطرف في فلوريدا، ورحلته عبر الشرق الأوسط، والحدود اللبنانية السورية؛ للانضمام للتنظيم الإرهابية الأسوأ سمعة ومخافة.
ونشرت "ذي إنترسيبت" و"توبيك ستوديوز"، الفيلم الوثائقي، الذي يقدم أكثر رواية تفصيلية وأهمية عن أمريكي عاش ومات داخل "خلافة" داعش.
وتقدم تسجيلات دينيسون صورة مباشرة عن الحياة داخل الأراضي التي يسيطر عليها داعش، وتكشف تفاصيل جديدة بشأن كيفية عمل التنظيم الإرهابية، من وصوله إلى سوريا كقوة متمردة وحتى أصبح شبه دولة بحجم ولاية كنتاكي.
واعتنق دينيسون الإسلام قبل فترة قصيرة على دخوله السجن وهو في بداية العشرينيات من عمره؛ بسبب بيعه كمية صغيرة من الماريجوانا.
وعقب ذلك، تحول نحو التطرف، حيث نقل استيائه من السياسة الأمريكية عبر مساجلات أكسبته متابعة مخلصة على "يوتيوب"، وانتباه غير مرغوب من مكتب التحقيقات الفيدرالي (إف بي آي).
وتسببت ملاحقة المكتب له ومسلمين أمريكيين آخرين خلال تلك السنوات لدفعه للبحث عن شيء ما لم يجده في محل مولده، وهي حرية ممارسة عقيدته.
وانطلق عبر عدة دول وصولًا في سوريا عام 2012، التي وجد فيها الخلافة التي أسسها أبو بكر البغدادي، لكن كان لها مشاكلها الخاصة، من قوات الأمن التي لا تخضع للمساءلة، إلى القرارات السيئة التي أسهمت في خسارة الأراضي، ومقتل مئات الدواعش، وآلاف المدنيين. وكانت علاقة دينيسون بالتنظيم معقدة.
وطبقًا للصحفي الأمريكي، لم يكن دينيسون تابعا أعمى، لكن خلال محادثاته، ألمح إلى مسؤوليته عن الموت والدمار الذي تسبب فيه داعش.
وأشار الصحفي إلى أنه وافق على الشرط الوحيد الذي وضعه دينيسون مقابل تعاونه الكامل بالقصة، وهو ألا يكشف هويته أو يقول قصته إلا إذا تعرض للقتل أو الاعتقال.
وخلال أحد التسجيلات، قال دينيسون: "إذا نشرت تلك المعلومات وأنا على قيد الحياة، فقد تجعل الوضع خطيرًا بالنسبة لي مع قوات الأمن".
وأضاف: "أن يتم إلقاء القبض عليه هو آخر شيء قد يريده أي شخص هنا.. لذا خيارك هو القتال حتى الموت."
ومضى في رسالته: "عناصر الأمن الخاصة بداعش كانت تشبه وكالة الاستخبارات الخاصة بالتنظيم.. دائما ما كانوا يعتقلون الناس بناء على اشتباه. يتهمونهم بأنهم جواسيس، أو يوجهون لهم اتهامات حتى بدون أدلة. ويضعونهم في السجن".
واختتم رسالته: "الأوضاع سيئة للغاية. يضربونهم، وربما حتى في بعض الأحيان يعذبون الناس. نعلم جميعا هذا. ويجب أن تنتبه لما تقوله وما تعارضه."
aXA6IDMuMTI5LjE5NS4yNTQg جزيرة ام اند امز