نشر مقاتلة أمريكية من الجيل الخامس بالشرق الأوسط.. لماذا الآن؟
بعثت واشنطن بـ"رسالة دعم قوية" لدولة الإمارات، عبر نشر طائرة مقاتلة من الجيل الخامس في المنطقة، لمواجهة هجمات المليشيات الحوثية.
ويرى خبراء عرب متخصصون في الشأن الأمني، في أحاديث منفصلة لـ"العين الإخبارية"، أن التحرك الأمريكي يمثل "رسالة دعم إيجابية" للإمارات تعكس عمق التحالف بين الدولتين، وأن واشنطن تنظر لها كـ"شريك استراتيجي طويل الأمد".
بيد أن قسما من هؤلاء الخبراء وصفوا التحرك الأمريكي حتى اللحظة بـ"الخجول" وإن اتسم بالإيجابية، داعين واشنطن إلى بذل مزيد من التحركات السياسية والاستراتيجية والأمنية، بالتوازي مع تصنيف الحوثي كجماعة إرهابية، لردع المليشيات المتطرفة، ووقف اعتداءاتها التي ترتقي لـ"جرائم الحرب".
وأعلن وزير الدفاع الأمريكي لويد أوستن، خلال اتصال هاتفي أجراه صباح الأربعاء مع الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة الإماراتية، نشر طائرة مقاتلة من الجيل الخامس في المنطقة.
وقالت البنتاجون، في بيان، إن الوزير أوستن بحث مع ولي عهد أبوظبي، هجمات الحوثيين الأخيرة على منشآت مدنية في دولة الإمارات، مجددا إدانته الشديدة للهجمات الحوثية المستمرة.
وأضافت أن وزير الدفاع شدد على التزامه بالشراكة الاستراتيجية بين الولايات المتحدة ودولة الإمارات، واستمرار التعاون في تقديم الدعم المعلوماتي، وفي مجال الدفاع الجوي.
متانة الشراكة الدفاعية
الدكتور رياض قهوجي مدير مؤسسة الشرق الأدنى والخليج للتحليل العسكري في دبي، أكد لـ"العين الإخبارية"، أن الولايات المتحدة قامت بخطوة للتأكيد على متانة الشراكة الدفاعية مع دولة الإمارات، والتزامها بأمنها.
وبحسب قهوجي فإن "التحرك الأمريكي يحمل في ذات الوقت رسالة للحوثيين ومن خلفهم إيران، بأن واشنطن لن تتهاون فيما يخص أمن حلفائها في المنطقة".
وبنشر مقاتلة من الجيل الخامس في المنطقة، "تضع واشنطن وحدات قتالية هجومية جاهزة للتعامل مع أي تهديدات مستقبلية مصدرها مليشيات الحوثي"، وفقا لـ"قهوجي" الذي يؤكد أن ذلك "يعكس عمق التحالف الأمريكي-الإماراتي".
مواصفات مقاتلة الجيل الخامس
وفي توضيحه لقدرات المقاتلة الأمريكية من الجيل الخامس، قال الخبير أيضا في الشؤون العسكرية والاستراتيجية، إن أمريكا تنشر أحدث ما لديها من مقاتلات الجيل الخامس التي لا ترصدها رادارات، لقدرتها على التخفي، وتمتعها بتقنية عالية من ناحية الاستهداف الدقيق، والترابط الميداني مع الوحدات العاملة على الأرض، تقوم بالرد على أي اعتداءات.
ويبرز "قهوجي" أنه باتت تتوفر قدرات دفاعية جيدة، ويسوق دليلا بعملية اعتراض للصواريخ الباليستية لأكثر من 3 مرات خلال الفترة الأخيرة، وهو ما عده نموذجا للتعاون الاستخباراتي عبر تقديم الإنذار المبكر من الجانب الأمريكي، والذي ساعد في التصدي الناجح لهجمات الحوثيين.
وفي وقت سابق، أشادت وزارة الدفاع الأمريكية "البنتاجون" بمهنية القوات المسلحة الإماراتية، في مواجهة التهديدات الحوثية لأراضيها.
رسائل التحرك الأمريكي
ويحمل التحرك الأمريكي الأخير بنشر مقاتلة الجيل الخامس بالطرازين "إف–22" و"إف–35" في المنطقة برسائل في عدة اتجاهات.
وقال الدكتور نبيل ميخائيل، أستاذ العلوم السياسية بجامعة جورج واشنطن لـ"العين الإخبارية" : هناك رسالة لإيران التي تقف خلف اعتداءات الحوثي، وأخرى كرد عملي على هجمات المليشيات المتكررة، ورسالة تأكيد أيضا على التزام أمريكا بعلاقات قوية مع دول الخليج ولفترة طويلة".
ويذهب الأكاديمي المصري المقيم في أمريكا إلى أن "التحرك الأمريكي الأخير للرد على الاتهامات التي تطال الولايات المتحدة بأنها تخلت عن حلفائها، وستنسحب من أي التزامات بمنطقة الشرق الأوسط".
أما اللواء سمير فرج المفكر والخبير الاستراتيجي المصري، فلم يختلف مع سابقيه "قهوجي وميخائيل" بشأن قراءته لدلالات ودوافع التحرك الأمريكي، وتوقيت نشر مقاتلاتها من الجيل الخامس بالمنطقة.
وقال لـ"العين الإخبارية" إن دولة الإمارات تتعرض لهجمات حوثية من خلال طائرات بدون طيار، وصواريخ باليستية إيرانية الصنع، ما استدعى التحرك الأمريكي؛ لرفع كفاءة منظومة الدفاع الجوية؛ بهدف تعزيز أمن وحماية الإمارات.
وأكد "فرج" أن "الولايات المتحدة تسعى لترجمة حديثها النظري حول مسؤولياتها بحماية أمن المنطقة، إلى تحركات عملية عبر العمل على زيادة القدرات الدفاعية لدولة الإمارات، وردع الحوثي".
ونبه إلى أن المقاتلة الأمريكية من الجيل الخامس تتمتع بقدرات عالية جدا، للإنذار المبكر والتعامل مع الصواريخ الباليستية والطائرات المسيرة، ويرى أنه "بالتزامن مع العمل على تأمين الإمارات، يجب سريعا وضع الحوثي على لائحة الإرهاب".
دعم إيجابي لكنه خجول
"دعم إيجابي لكنه خجول إزاء التصعيد الحوثي وما يحمله من تطورات خطيرة"، هكذا جاءت رؤية الدكتور فهد الشليمي، مدير مركز الشرق الأوسط للاستشارات السياسية والاستراتيجية بالكويت، التي حملت انتقادا غير مباشر لتعاطي الولايات المتحدة مع "التصعيد الحوثي" الخطير ضد دولة الإمارات والسعودية.
وقال الشليمي لـ"العين الإخبارية" إن "تحرك أمريكا لحماية الإمارات بمثابة دعم إيجابي لكنه خجول إزاء خطورة التصعيد الحوثي"، داعيا إلى ضرورة اتخاذ إجراءات أمنية وسياسية أخرى لتعزيز دعم أمن الإمارات ودول الخليج بشكل عام".
ويوضح : نتمنى أن يكون هناك إجراءات ضد مليشيات الحوثي تتعلق بتصنيفها منظمة إرهابية على غرار حزب الله، والتعامل مع مقاتليه كمجرمي حرب؛ لأنهم يقومون باعتداءات وحشية على منشآت مدنية.
وذكر المتحدث باسم وزارة الدفاع الأمريكية، جون كيربي، خلال مؤتمر صحفي في البنتاجون، الإثنين: أنه "بالحديث عن التهديدات في المنطقة، رد الجيش الأمريكي في وقت سابق من اليوم على هجوم صاروخي داخلي على دولة الإمارات".
ولاقى الهجوم الإرهابي الذي استهدف منشآت مدنية في أبوظبي، الإثنين 17 يناير الماضي، تنديدا واستنكارا دوليا وإقليميا وأمميا غير مسبوق، حيث أجمع العالم على أن الهجوم الإرهابي يعمل على تقويض استقرار المنطقة وتهديد الأمن والسلم الإقليمي والدولي.
ويرى مراقبون وخبراء أن المليشيات المعزولة، التي تدعمها عاصمة وحيدة في العالم، هي طهران، باتت قاب قوسين أو أدنى من النهاية، بعدما وقف المجتمع الدولي في صف الإمارات والسعودية، وحقهما في الدفاع عن النفس، واتخاذ ما يلزم لردع هذه المليشيات المارقة.