خبير تربوي يوصي بـ"التعليم الهجين".. ودراسة تحذر من "التقليدي"
نهج "التعلم الهجين" يستهدف الحفاظ على صحة الأطفال، وفي نفس الوقت إبقاء التواصل المباشر بينهم وبين مدرسيهم خلال أوقات متقاربة
هل تعود المدارس بكامل طاقتها مع بداية العام الدراسي.. أم تتخلى عن الشكل التقليدي للتعليم لصالح التعليم الإلكتروني؟.. بعض الدول اختارت الخيار الأول ووضعت بعض الضوابط الصحية للقيام بذلك، والبعض الآخر فضل خيار التعليم الإلكتروني، انتظارا لانتهاء جائحة (كوفيد – 19).
وهناك دول أخرى ومنها الإمارات اختارت نهج "التعليم الهجين أو المختلط"، وهو ممارسة تسمح لبعض الطلبة بالذهاب إلى المدارس خلال الأسبوع، بينما يستمر الآخرون في التعليم عن بعد، وبالتالي يتم تقليل عدد الطلبة في الحرم المدرسي خلال وقت معين.
ويقول الخبير التربوي المصري الدكتور خالد عبدالمجيد: "إحدى أبرز مشاكل التعليم عن بعد تكمن في افتقاد التواصل المباشر بين المدرس والطالب، وهي مشكلة يعالجها التعليم المختلط، لأنه يسمح للطالب بألا يتعلم عن بعد طوال الوقت، وألا يتعلم بالشكل التقليدي طوال الوقت".
ويضيف عبدالمجيد في تصريحات لـ"العين الإخبارية": "هذه سياسة جيدة تمسك العصا من المنتصف، فلا هي تغامر بصحة الأطفال، ولا تحرمهم من الاستفادة من حين لآخر بمزايا التعليم التقليدي".
وكانت دراسة أمريكية حذرت من عودة التعليم التقليدي بنفس الكثافة مع بدء العام الدراسي، حيث وجدت أن قرار إغلاق المدارس مع انتشار جائجة (كوفيد – 19)، ربما منع أكثر من مليون حالة إصابة على مدى 26 يومًا، وحذروا من خطورة عودة المدارس بنفس الكثافات.
وخلال الدراسة التي نشرت في 30 يوليو/ تموز الماضي بمجلة الجمعية الطبية الأميركية "جاما"، فحص الباحثون من مستشفى "آن وروبرت لوري" للأطفال في شيكاغو، التابع لجامعة نورث ويسترن الأمريكية، مستويات الحمض النووي الريبي الفيروسي لدى الأطفال والبالغين المصابين بـ"كوفيد – 19"، فوجدوا أن الأطفال الذين تقل أعمارهم عن 5 سنوات ممن لديهم أعراض معتدلة من "كوفيد – 19"، كانت لديهم في المقابل كميات عالية من الحمض النووي الريبي الفيروسي في البلعوم الأنفي، مقارنة بالأطفال الأكبر سنًا (المراهقون) والبالغين.
وخرج الباحثون من ذلك بنتيجة أن الأطفال الصغار الذين لديهم حمولات فيروسية عالية من المحتمل أن يكونوا مصادر مهمة لانتشار الفيروس في عموم السكان، وبالتالي فإن إغلاق المدارس في وقت مبكر من الاستجابات الوبائية أحبط على نطاق واسع تحول أطفال مدارس إلى مصدر لانتقال الفيروس إلى المجتمع.
ويقول هيلد سارجنت، إخصائي الأمراض المعدية للأطفال في مستشفى "آن وروبرت لوري" في بيان صحفي نشره الموقع الإلكتروني للمستشفى بالتزامن مع نشر الدراسة: "لم يكن هدفنا إثبات أن الأطفال الأصغر سنا ينشرون كوفيد – 19 مثل البالغين، إلا أننا أثبتنا أن ذلك ممكن".
ويضيف: "نحتاج أن نأخذ ذلك بعين الاعتبار في الجهود المبذولة للحد من انتقال العدوى، بينما نواصل معرفة المزيد عن هذا الفيروس".
وكانت الدراسة تضمنت 145 مريضا يعانون من مرض خفيف أو معتدل وأدخلوا المستشفى في غضون أسبوع واحد من ظهور الأعراض.
واستخدم الباحثون تقنية البلمرة المتسلسل (rt-PCR) على المسحات البلعومية الأنفية التي تم جمعها في المرضى داخل المستشفى، أوالعيادات الخارجية، أو قسم الطوارئ، لقياس مستويات الفيروس.
وفوجئوا بكميات أعلى من الحمض النووي الفيروسي، لدى الأطفال الذين تقل أعمارهم عن 5 سنوات، مقارنة بالأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين 5 و17 سنة، والبالغين الذين تتراوح أعمارهم بين 18 و65 سنة.
وأشار الباحثون إلى أن هذه النتيجة تثير القلق بشأن عودة قوية للفيروس المسبب لمرض "كوفيد – 19" مع فتح المدارس مجددا بنفس الكثافات.
وبعد إثبات امكانية نقل الأطفال أقل من 5 سنوات للعدوى، نظر الباحثون في مدى تأثير إغلاق المدارس على منع العدوى، ووجدوا أن إغلاق المدارس على مدار 26 يومًا، ربما يكون قد ارتبط بمنع حوالي 1.37 مليون حالة من "كوفيد – 19" و40 ألفا و16 حالة وفاة.
ووجد الباحثون أن الانخفاض النسبي في الإصابات والوفيات كان أكبر في الولايات الأميركية التي أغلقت المدارس، عندما كان معدل الإصابة بـ(كوفيد – 19) منخفضًا.
وتبقى الأعداد التي تم ذكرها بالدراسة لاحتمالات انتقال العدوى عن طريق أطفال المدارس مجرد أرقام تقديرية، ولكنها تثبت على الأقل أن احتمالية انتقال العدوى عن طريق الأطفال قائمة، وهو ما يقتضي إحراءات صارمة في الدول التي قررت إعادة فتح المدارس مجددا، ضمن إجراءات تخفيف القيود، كما يقول الدكتور محمد سالم، أستاذ الميكروبيولوجي بجامعة أسيوط "جنوب مصر".
ويضيف سالم لـ"العين الإخبارية": "إذا كان لا يوجد خيار آخر غير فتح المدارس، فيجب أن تكون هناك رقابة صحية صارمة لعزل المشتبه في إصابتهم من الطلاب، وأن تكون هناك سيناريوهات جاهزة للتطبيق إذا استدعت الضرورة اتخاذ قرار إغلاق المدارس مجددا، لأنه على ما يبدو لا يوجد أمل قريب لانتهاء الجائحة".
وحذرت منظمة الصحة العالمية في بيان صدر في الأول من أغسطس/ آب 2020، بعد اجتماع لجنة الطوارئ المخصص لتقييم الأوضاع الصحية، من أن جائحة كورونا ستكون على الأرجح "طويلة الأمد".
وشددت المنظمة في بيانها على خطورة تراخي الاستجابة للجائحة في سياق الضغوط الاجتماعية والاقتصادية.