«حملة اعتقالات» تستهدف حزب الشعب الجمهوري المعارض في تركيا

يواجه حزب الشعب الجمهوري المعارض في تركيا موجة من اتهامات بالفساد وصلات بالإرهاب أدت إلى توقيف أو حبس المئات من أعضائه ومن موظفي البلديات المنتمين له ومن بينهم 14 رئيس بلدية.
واعتقلت السلطات مئات الأشخاص أو سجنتهم في إطار إجراءات قانونية انتقدتها أحزاب معارضة وجماعات يمينية وبعض الزعماء الأجانب ووصفتها بأنها معادية للديمقراطية ومسيسة، وهو ما تنفيه الحكومة مؤكدة استقلال القضاء.
وأثار اعتقال أكرم إمام أوغلو رئيس بلدية إسطنبول في مارس/آذار بتهم فساد أكبر احتجاجات في شوارع تركيا منذ عقد من الزمن.
وأدى ذلك أيضا إلى موجة بيع شديدة لفترة وجيزة للعملة وأصول تركية أخرى مما دفع البنك المركزي إلى العدول عن دورة التيسير النقدي.
ولم يصدر الادعاء العام لوائح اتهام. ويقول حزب الشعب الجمهوري إن "التهم ملفقة".
من هي الشخصيات الرئيسية؟
اعتقلت السلطات إمام أوغلو، وهو المنافس الرئيسي للرئيس رجب طيب أردوغان ويتفوق عليه في بعض استطلاعات الرأي، بتهم فساد ينفي ارتكابها.
وهزم إمام أوغلو، الذي شغل منصب رئيس البلدية لفترتين، مرشحي حزب العدالة والتنمية الحاكم بزعامة أردوغان في عامي 2019 و2024 عندما اكتسح حزب الشعب الجمهوري الانتخابات في معظم المدن التركية الكبرى ليلحق بحزب العدالة والتنمية أكبر هزيمة انتخابية على الإطلاق.
ورغم أنه لا يزال خلف القضبان فهو مرشح حزب الشعب الجمهوري للرئاسة في أي انتخابات مقبلة.
ويقول أردوغان، الذي يتولى رئاسة تركيا منذ 22 عاما، إن الهدف من التحقيقات هو التعامل مع شبكة فساد واسعة، وحث المواطنين على التحلي بالصبر.
وتُحكم التحقيقات قبضة أردوغان على السلطة في الوقت الذي قد يسعى فيه إلى الترشح للمنصب مرة أخرى رغم أنه شغل المنصب لولايتين وهو الحد الأقصى الذي يسمح به الدستور. ومن المقرر إجراء الانتخابات الرئاسية المقبلة في عام 2028، لكنه سيضطر إلى إجرائها مبكرا إذا أراد الترشح مرة أخرى.
وقاد أوزغور أوزيل رئيس حزب الشعب الجمهوري المسيرات المناهضة لأردوغان منذ اعتقال إمام أوغلو، ووصف الحملة بأنها "محاولة انقلاب" لعرقلة مسيرة خصم للحكومة.
وينتظر أوزيل، وهو مرشح بديل محتمل للرئاسة عن الحزب صدور حكم قضائي في سبتمبر/أيلول في دعوى أخرى قد تجرده من منصبه.
متى بدأت حملة الاعتقالات؟
بدأت حملة الاعتقالات في 31 أكتوبر/تشرين الأول 2024، عندما قضت محكمة بسجن أحمد أوزر رئيس بلدية منطقة إسنيورت في إسطنبول والذي ينتمي لحزب الشعب الجمهوري، في انتظار محاكمته بتهمة الارتباط بحزب العمال الكردستاني المحظور.
وتوسعت الحملة في يناير/كانون الثاني عندما جرى سجن رضا أكبولات، رئيس بلدية منطقة بشكطاش، في إطار تحقيق في منظمة إجرامية مزعومة يشتبه في تزويرها للمناقصات العامة عن طريق رشوة الموظفين الحكوميين.
كيف توسعت الحملة؟
في 18 مارس/آذار الماضي، دخل أكرم إمام أوغلو دائرة الضوء عندما ألغت جامعة إسطنبول شهادته الجامعية بسبب مخالفات، وذلك قبل أيام من اختياره مرشحا عن حزب الشعب الجمهوري في انتخابات الرئاسة والتي تعد الشهادة شرطا مسبقا للترشح لها.
وفي صباح اليوم التالي، اعتقلته الشرطة وحوالي 100 آخرين. وانتشرت الاحتجاجات بعد احتجازه، وفي 23 مارس/آذار قضت المحكمة بسجن رئيس البلدية في نفس اليوم الذي أيد فيه أعضاء حزب الشعب الجمهوري اختياره مرشحا للرئاسة.
وفي 27 مارس/آذار، اقترب عدد الموقوفين في الاحتجاجات المناهضة للحكومة من 1900 شخص. ونددت أنقرة بدعوات المعارضة إلى مقاطعة تجارية جماعية، ووصفتها بأنها "محاولة تخريب" اقتصادية.
وفي 30 أبريل/نيسان، قضت محكمة بسجن 18 مسؤولا في بلدية إسطنبول بتهم الفساد في توسيع لحملة الاعتقالات.
وفي 20 مايو/أيار، احتجزت الشرطة 18 موظفا آخر من موظفي البلدية، ثم في 31 مايو/أيار، أصدر المدعون العامون مذكرات اعتقال بحق 47 شخصا في أربعة تحقيقات منفصلة بما في ذلك رؤساء البلديات في مقاطعة أضنة الجنوبية التي يديرها حزب الشعب الجمهوري.
وفي أول يوليو/تموز، اتسع نطاق التحقيقات عندما صدر أمر باحتجاز ما مجموعه 157 شخصا بتهم الفساد والتلاعب في المناقصات والاحتيال في مدينة إزمير الساحلية الغربية، بما في ذلك نائب عن حزب الشعب الجمهوري ورئيس بلدية سابق.
ومن بين هؤلاء، جرى سجن 35 شخصا في انتظار المحاكمة. وفي الرابع من يوليو/تموز، جرى احتجاز رئيس بلدية مانافجات وفي اليوم التالي، الخامس من يوليو/ تموز، احتجز ثلاثة رؤساء بلديات وعدة أشخاص آخرين في مدن أضنة وأديامان وأنطاليا في الجنوب.