تطوع لعملية "السيارة اللغز".. مصري انتشل 1400 جثمان لغرقى في 40 عاما
على خلفية أزمة "الميكروباص الغامض" الذي قيل إنه سقط من أعلى كوبري الساحل في نيل مصر، أعلن هشام الشوبكي تطوعه للبحث عن الجثامين.
لدى هشام خبرة طويلة في انتشال الجثامين، تمتد لـ40 عاما، ذهب فيها إلى محافظات كثيرة، وأماكن عدة داخل مصر، لإخراج الجثامين الغارقة من المياه، سواء كانت في البحر أو النيل.
ولذلك سارع الرجل إلى إعلانه التطوع لإخراج جثامين ميكروباص الساحل. لكن مع ازدياد غموض الأمر قرر الرجل صرف النظر عنه إلى حين التأكد من مصداقية الحدث.
كان هشام يعمل فيما مضى، مديرا مساعدا بإحدى المدارس، لكنه ترك ذلك العمل وتفرغ لتدريب المدربين على الغوص، وهو عمله الحالي.
ومنذ سنوات طويلة قرر الرجل أن يسهم في البحث عن الجثث الغارقة، لا سيما في الحالات المستعصية على الإنقاذ. ولا يحصل الرجل على أجر مقابل ذلك العمل، لكنه عوضا عن ذلك يحصل على ثمن تأجير المعدات والسيارة التي تنقله إلى محل الغرق فحسب.
يقول هشام في حديثه لـ"العين الإخبارية" إنه خلال 40 عاما، استطاع إخراج 1400 جثمان، وتكون تلك اللحظات من أسعد ما يمر عليه، سواء هو أو أسر الغرقى، الذين يتمنون فحسب أن تخرج أجساد أبنائهم من وسط المياه، ليتمكنوا من دفنها: "طالما أن الجسد داخل المياه، تظل الأسر في حالة حزن، أمنية حياتهم فقط أن يدفنوا أبنائهم أو ذويهم فحسب، وهذا شعور صعب".
وخلال عمله واجه الرجل صعوبات عدة، ومواقف يعدها الأصعب في حياته، ويتذكر حين أخرج جسد طفلة كان والدها يحاول إنقاذها ومات هو الآخر: "في تلك اللحظات بكيت كثيرا، كان اسم الطفلة ملك، وهي اسم على مسمى".
وفي حين مرة كان يبحث عن جسد طبيب غرق في ميناء دمياط، وكانت هناك حجارة كثيرة، وزن الواحد منها نحو 8 أطنان، وتم التعاون مع موظفي الميناء، واستطاع إخراج الجسد بعد 3 أيام، بشكل ممزق: "لكن في النهاية كان إخراج الجسد مهما لأسرة هذا الطبيب لدفنه".
كان آخر عملية إخراج جثمان، منذ 20 يوما، لولد وبنت بإحدى محافظات مصر. ويصطحب الرجل معه أسرته التي دربها على أعلى مستوى، سواء ابنته صفاء وابنه عبد الرحمن، اللذين أتما 18 عاما، ويعدان من أصغر الغواصين، وكلاهما يعد مدربا في مجال الغوص، كما يعمل معه ابنه عبد الجليل، ويتولى كل واحد منهم مهمة محددة: "هناك من يمسك الحبال، وهناك من يوجههنا للاتجاهات السليمة، ولكل واحد من أولادي له عمله حين أتولى عملية إخراج وانتشال الجثامين الغارقة".
يحمل الرجل معه معدات متطورة، تساعده في عمله، ويستأجر بعضها لدى ذهابه لانتشال جثامين، ويستمر عمله لساعات طويلة أو قصيرة بحسب كل حالة، وفي تلك اللحظات يكون بعيدا عن منزله، ولا يعود إليه إلا بعد انتشال الجثمان.
وفي كثير من الأحيان تصله بلاغات بشأن عملية انتشال جثمان، وفي تلك الحالة يبحث عن الأصعب، لخبرته الطويلة، ويتجه إليها: "شاطئ النخيل في الإسكندرية من الأماكن التي ذهبت إليها كثيرا، وانتشلت منها جثامين، وفي كل الأحوال أبحث عن العملية الصعبة لمساعدة الأسر على دفن ذويهم".
ورغم أن أولاده بدأوا ذلك العمل في سن صغيرة، وصاروا متمرسين فيه، فإن الرجل لا يخشى عليهم تبعات ذلك العمل، التي قد تكون في المشاهد الصعبة التي يرونها، أو المجهود الكبير الذي قد يبذلونه: "لا خوف من الميت، الخوف يكون من الحي، وطالما أنهم يعملون ذلك تطوعا ولله فلا خوف عليهم أبدا".