احتجاجات ذكرى "القيادة العامة".. السودان في اختبار "التهدئة"
إجراءات أمنية مشددة رافقت دعوات للتظاهر في ذكرى فض اعتصام قبل 3 سنوات قاد إلى شراكة بين المكونين المدني والعسكري في البلاد.
واليوم، يواجه السودان اختبارا جديدا في تعامل السلطات مع الدعوات التي تأتي بعد شهور من فض الشراكة في خطوة قادت البلد الأفريقي إلى أزمة سياسية عميقة، وسط محاولات ومبادرات لرأب الصدع بين الفرقاء.
وأغلقت السلطات جسورا وطوقت مقر قيادة الجيش لمواجهة احتجاجات معلنة بذكرى فض الاعتصام اليوم الجمعة.
وتشكل المناسبة امتحانا لتدابير بناء الثقة وتهيئة مناخ الحوار التي تقودها السلطات السودانية، إذ تحدد طريقة تعامل السلطات الأمنية مع المتظاهرين السلميين مستقبل العملية السياسية التي تسيرها الآلية الدولية (بعثة الأمم المتحدة، الاتحاد الأفريقي، منظمة إيجاد)، وفق مراقبين.
وكثفت لجان المقاومة السودانية وقوى سياسية الدعوات للخروج في مظاهرات لإحياء ذكرى فض الاعتصام الذي كان بمحيط قيادة الجيش بوسط الخرطوم، لتخليد ذكرى مئات الأشخاص الذين سقطوا في تلك الحادثة التي وقعت يوم 3 يونيو/حزيران 2019، وسط مطالبات محلية ودولية للسلطات بعدم التعرض العنيف لهذه الاحتجاجات.
وتأتي مواكب اليوم بالتزامن مع خطوات بدأتها السلطات السودانية لتهيئة المناخ لحوار ينهي الأزمة السياسية الطاحنة التي تعيشها البلاد، تمثلت في رفع حالة الطوارئ بعد 7 أشهر من السريان، وإطلاق سراح العديد من المعتقلين السياسيين.
ومع توقعها لانطلاق مفاوضات مباشرة بين الأطراف السودانية الأسبوع المقبل، دعت الآلية الثلاثية السلطات في الخرطوم إلى الامتناع عن استخدام العنف غير المبرر ضد المتظاهرين.
وتسعى هذه الآلية التي تحظى بتأييد ودعم دوليين إلى حل أزمة سياسية خانقة يعيشها السودان منذ قرارات قائد الجيش الصادرة في يوم 25 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، والتي قضت وقتها بحل الحكومة وفرض حالة الطوارئ بالبلاد وتجميد بعض بنود الوثيقة الدستورية.
ويرى المحلل السياسي عزالدين دهب أن تعامل أجهزة الأمن السودانية مع المتظاهرين سوف يؤثر على مستقبل العملية السياسية التي تقودها الآلية الثلاثية، والتي ينتظر أن تدخل مرحلة التفاوض المباشر الأسبوع المقبل، فأي عنف قد يتسبب في رفض المشاركة من مجموعة ممانعة في الأساس.
وقال دهب في حديثه لـ"العين الإخبارية" إن "المشاركة في المحادثات المباشرة يعتبر محل خلاف كبير بين القوى السياسية، فهناك من يرفضه مطلقاً وآخرون يرهنون ذلك بتحقيق شروط معينة منها وقف العنف، لذلك فإن عدم التعرض بالقوة المفرطة لمواكب اليوم سوف يخفف وتيرة الغضب مما يصب إيجابا في صالح تهيئة المناخ".
وترفع المظاهرات المنتظر انطلاقها في وقت لاحق الجمعة، وفق الدعوات شعارات تنادي بالقصاص العاجل لضحايا حادثة فض الاعتصام، ومطالب بالحكم المدني الديمقراطي.
ورغم مرور 3 سنوات، لم تقدم لجنة التحقيق المستقلة التي شكلتها الحكومة الانتقالية برئاسة المحامي نبيل أديب، تقريرها حول حادثة فض الاعتصام، كما لم توجه أي تهم لمشتبه في تورطهم في هذه الجريمة.
ويشير المحلل دهب إلى وجود غضب كبير جراء غياب تحقيق العدالة لضحايا فض الاعتصام والثورة السودانية بشكل عام، وهو ما يعزز مجموعات معبرة من السودانيين تناهض فكرة التفاوض، وهو ما يجعل العملية في مهب الريح.
بدورها، قالت مجموعة الترويكا الدولية التي تضم أمريكا، وبريطانيا، والنرويج في بيان صحفي الجمعة، إنها تقف متضامنة مع الناجين والضحايا بحادثة فض الاعتصام، وتنضم إلى السودانيين في الدعوة إلى حل عاجل من قبل لجنة التحقيق التي عينتها الحكومة والكشف عن النتائج للجمهور.
وحث البيان السلطات العسكرية على تقديم المسؤولين عن هذه الجرائم المروعة ضد المتظاهرين المدنيين السلميين إلى العدالة.
ودعت الترويكا السلطات إلى اعتماد مزيد من تدابير بناء الثقة لدعم العملية السياسية التي تسيرها بعثة الأمم المتحدة (يونيتامس) والاتحاد الأفريقي ومنظمة الإيجاد وتعزيز سيادة القانون واحترام حقوق الإنسان.
وحثت الترويكا، وفق البيان، قوات الأمن السودانية إلى الامتناع عن استخدام العنف المفرط ضد المتظاهرين السلميين.
aXA6IDMuMTQ0LjExNS4xMjUg جزيرة ام اند امز