ذكرى تأسيس "مجلس التعاون".. جهود إماراتية لتعزيز التضامن الخليجي
يوافق، اليوم الثلاثاء، ذكرى مرور 40 عاما على تأسيس مجلس التعاون الخليجي، في العاصمة الإماراتية أبوظبي 25 مايو/أيار 1981.
وتحل ذكرى التأسيس هذا العام، بعد طي صفحة الخلاف مع قطر بموجب اتفاق العلا خلال القمة الخليجية الـ41 التي عقدت في محافظة العلا شمال غرب السعودية 5 يناير/كانون الثاني الماضي.
وتواصل الإمارات المضي قدما على طريق تحقيق الاتفاق بخطوات واثقة وصادقة وبشفافية تامة إيمانا منها بأهمية المحافظة على اللحمة الخليجية وتطوير العمل الخليجي المشترك بما يحقق مصلحة دول مجلس التعاون ومواطنيها، وتحقيق الاستقرار والازدهار في المنطقة.
كما تحل ذكرى التأسيس هذا العام، بعد أن استكملت الإمارات معظم الدراسات والمشاريع ضمن متطلبات التكامل الاقتصادي والمالي الخليجي قبل الموعد المقرر لتطبيقه في العام 2025 لتصل إلى مرحلة متقدمة في تطبيق متطلبات السوق الخليجية المشتركة.
أيضا تأتي ذكرى التأسيس في وقت لا تزال فيه جائحة كورونا تنتشر في العالم للعام الثاني على التوالي، وكانت الإمارات قد أسست خلال رئاستها الدورة الـ40 لمجلس التعاون على مدار عام 2020، التي تزامنت مع العام الأول لانتشار الجائحة، أسسا وقواعد لقيادة مجلس التعاون الخليجي في تلك الظروف كانت محل تقدير وإشادة دائمين.
ورغم انتشار جائحة "كورونا"، قادت الإمارات خلال ترؤسها تلك الدورة أكثر من 733 اجتماعا خليجيا، معظمها عبر تقنية الاتصال المرئي، لمواجهة تلك الجائحة وتداعياتها على دول مجلس التعاون، وتعزيز مسيرة العمل الخليجي المشترك.
جهود تأتي ضمن مسيرة رائدة للإمارات في تعزيز التضامن الخليجي بدأها المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، منذ أول قمة خليجية يومي 25 و26 مايو/أيار في أبوظبي عام 1981.
وتتواصل حتى اليوم بقيادة وتوجيهات الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الإمارات، والشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس دولة الإمارات رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، والشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة الإماراتية.
تعزيز اللحمة الخليجية
وفي إطار الحرص على تعزيز اللحمة الخليجية، وطي صفحة الخلاف مع قطر، التقى وفدان رسميان يمثلان كلا من الإمارات وقطر في الكويت 22 فبراير/ شباط الماضي وذلك في أول اجتماع يعقد بين الجانبين لمتابعة بيان العُلا.
وناقش الجانبان الآليات والإجراءات المشتركة لتنفيذ بيان العُلا، وأكدا على أهمية المحافظة على اللحمة الخليجية.
وتم طي صفحة الخلاف مع قطر بموجب اتفاق العلا خلال القمة الخليجية الـ41 التي عقدت في محافظة العلا شمال غرب السعودية 5 يناير/كانون الثاني الماضي.
وتستند الرؤية الإماراتية لطي ذلك الخلاف على خطوات لبناء الثقة مع تنفيذ جاد وشفاف وصادق لما تم الاتفاق عليه، بشكل يفضي إلى تأسيس قواعد صلبة تحقق انطلاقة جديدة لمجلس التعاون، تتجاوز خلافات الماضي، وتحصن مجلس التعاون ضد أي خلافات مستقبلية.
التكامل الاقتصادي
أيضا على طريق تحقيق التكامل الاقتصادي والمالي الخليجي، أكد يونس حاجي الخوري، وكيل وزارة المالية بالإمارات، على أن بلاده استكملت معظم الدراسات والمشاريع ضمن متطلبات التكامل الاقتصادي والمالي الخليجي قبل الموعد المقرر لتطبيقه في العام 2025 لتصل إلى مرحلة متقدمة في تطبيق متطلبات السوق الخليجية المشتركة.
وحول المبادرات التي قدمتها الإمارات لدعم التكامل الاقتصادي الخليجي، أوضح الخوري في تصريحات له في مارس/ آذار الماضي أن دولة الإمارات سباقة في تبني أفضل القرارات التي تسهل وتبسط سير العمل وتطبق المتطلبات الأساسية للسوق الخليجية المشتركة.
وأكد على التزام وزارة المالية بدورها في متابعة مراحل عملية التكامل الاقتصادي والمالي الخليجي وتنفيذ الاتفاقية الاقتصادية الموحدة ومتابعة سير العمل في السوق الخليجية المشتركة.
وقال الخوري إن النشاط الاقتصادي والاستثماري الخليجي في دولة الإمارات شهد نمواً واضحاً ويعكس مكانة الدولة الاقتصادية والاستثمارية خليجيا حيث بلغت قيمة الاستثمارات في شركات المساهمة العامة المسموح بتداول أسهمها لمواطني دول مجلس التعاون 41,453 مليار درهم بزيادة قدرها 11% وبلغت قيمة الصفقات العقارية للخليجيين في دولة الإمارات 1,294.2 مليار درهم.
وأضاف أن عدد الخليجيين المتملكين للعقار ارتفع ليبلغ 48,535 في عام 2019 بنسبة زيادة بلغت 10% مقارنة بالعام 2018 في حين بلغت أعداد التراخيص الممنوحة للخليجيين لممارسة الأنشطة الاقتصادية على أرض الدولة 29,352 بنسبة زيادة بلغت 9% فيما بلغ عدد المساهمين من دول التعاون في الشركات المساهمة العامة المسموح بتداول أسهمها لمواطني دول المجلس 204,032 في عام 2019.
اكسبو دبي
وفي إطار حرصها على تعزيز التكامل بين دول مجلس التعاون على مختلف الأصعدة، وقعت وزارة تنمية المجتمع الإماراتية 6 مايو/أيار الجاري مذكرة تفاهم مع الأمانة العامة لمجلس التعاون لدول الخليج العربية وذلك في إطار تعزيز التعاون المشترك وتقديم الدعم المتبادل لضمان إقامة الفعاليات المتفق عليها خلال فترة إقامة معرض "اكسبو دبي" من برامج ومبادرات تعكس التعاون والتكامل بين دول مجلس التعاون.
تأتي المذكرة فيما تستعد دولة الإمارات لانطلاقة "اكسبو 2020 دبي" الحدث العالمي الضخم في دبي أكتوبر/تشرين الأول المقبل بمشاركة 190 دولة و24 منظمة إضافة إلى مؤسسات أكاديمية وشركات.
وحددت مذكرة التفاهم مجالات التعاون باعتبار وزارة تنمية المجتمع شريكا رئيسيا للفعاليات الاجتماعية والتراثية بكافة أنواعها والتي سيتم إقامتها في جناح مجلس التعاون لدول الخليج العربية في معرض اكسبو دبي بما يتيح للجهتين عقد فعاليات اجتماعية مشتركة ومتنوعة ضمن أنشطة ومبادرات جناح مجلس التعاون في اكسبو دبي انطلاقاً من رؤية تحقيق التعاون والتكامل بين دول المجلس علاوة على دعم وتوثيق الروابط بين الشعوب الخليجية .
قمم الإمارات.. محطات فارقة
وتعيد ذكرى تأسيس المجلس إلى الأذهان الدور الرائد للمغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان الذي ترأس أول قمة لمجلس التعاون.
ومنذ تأسيس مجلس التعاون الخليجي، عقدت 41 قمة خليجية اعتيادية، استضافت الإمارات من بينها 6 قمم ترأس الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان 4 منها، وترأس الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان قمتين.
عقدت القمة الخليجية الأولى يومي 25 و26 مايو/أيار 1981 في أبوظبي تلبية لدعوة المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيـان.
واتفق خلالها قادة دول الخليج الست: السعودية والإمارات والكويت والبحرين وسلطنة عمان وقطر، رسميا على إنشاء مجلس التعاون لدول الخليج العربية.
وقام القادة خلال القمة بالتوقيع على النظام الأساسي للمجلس الذي يهدف إلى تطوير التعاون بين هذه الدول، وتعميق وتوثيق الروابط والصلات القائمة بين شعوبها في مختلف المجالات.
وأكدوا خلال البيان الختامي على "ضمان الاستقرار في الخليج مرتبط بتحقيق السلام في الشرق الأوسط، الأمر الذي يؤكد ضرورة حل قضية فلسطين حلا عادلا".
قمة أبوظبي عام 1986
تعتبر قمة أبوظبي 1986 هي القمة الخليجية الثانية التي يترأسها المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، حيث احتضنت دولة الإمارات القمة السابعة التي عقدت خلال الفترة من الثاني إلى الخامس من نوفمبر/تشرين الثاني عام 1986 وأصدرت قرارات مهمة لتحقيق المواطنة الخليجية في الأنشطة الاقتصادية والتجارية.
وأكد الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، في كلمته، على أن مجلس التعاون الخليجي هو درع يقي جسد الأمة العربية وتعبير عن مصيرها المشترك.
وتم خلالها إقرار توصيات التعاون العسكري، والسماح للمستثمرين من مواطني دول المجلس بالحصول على قروض من بنوك وصناديق التنمية الصناعية في الدول الأعضاء.
قمة أبوظبي عام 1992
وهي القمة الثالثة التي ترأسها الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان عقدت عام 1992، وتم خلالها الإشادة بالقرار الدولي رقم 773 الذي أكد ضمان مجلس الأمن لحرمة الحدود الدولية بين دولتي الكويت والعراق، والترحيب بالخطوات التي اتخذتها لجنة الأمم المتحدة لترسيم الحدود على الأرض بين البلدين.قمة الإعداد للقرن عام 1998
وخلال الفترة من 7 إلى 9 ديسمبر/كانون الأول 1998، عقدت رابع قمة ترأسها المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان بحضور إقليمي ودولي كبيرين تمثل في مشاركة الرئيس الراحل نيلسون مانديلا رئيس جنوب أفريقيا وقتها، وكوفي عنان الأمين العام للأمم المتحدة آنذاك والدكتور عصمت عبدالمجيد الأمين العام الأسبق لجامعة الدول العربية والدكتور عزالدين العراقي الأمين العام الأسبق لمنظمة المؤتمر الإسلامي.
وبحثت هذه القمة التي أطلق عليها "قمة الإعداد للقرن المقبل" مجمل تطورات الأوضاع السياسية والأمنية على المستويين الإقليمي والدولي وسبل دعم وتعزيز مسيرة مجلس التعاون في المجالات كافة.
وفي خطوة مهمة في مسيرة مجلس التعاون الخليجي، تم خلال تلك القمة الاتفاق على عقد لقاء تشاوري نصف سنوي لقادة دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية فيما بين القمتين السابقة واللاحقة، كما تم اعتماد قرارات تطوير قوة درع الجزيرة.
الشيخ خليفة.. ومواصلة المسيرة
وواصل الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس دولة الإمارات، نهج المؤسس في تعزيز العمل الخليجي المشترك؛ فبعد أن انتخبه المجلس الأعلى للاتحاد في الثالث من نوفمبر/تشرين الثاني 2004 بالإجماع رئيسا للإمارات، حرص على أن تكون أولى زياراته الخارجية لدول مجلس التعاون.
وأكد في أول خطاب له في الأول من ديسمبر/كانون الأول 2004 بعد توليه رئاسة الدولة حرصه على مواصلة العمل مع إخوانه في مجلس التعاون لدول الخليج العربية لتعزيز العمل الخليجي المشترك وزيادة فعاليته في استكمال بناء صروح التكامل الاقتصادي والأمني والاجتماعي.
وبعد عام من توليه الحكم، ترأس الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان القمة الخليجية التي عقدت يومي 18 و19 ديسمبر 2005 .
كما ترأس الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان مجددا القمة الخليجية التي عقدت في العاصمة أبوظبي يومي 6 و7 ديسمبر عام 2010.
وتم خلال هذه القمة، إصدار حزمة من القرارات لدعم التكامل الاقتصادي من أهمها اعتماد المجلس الأعلى استراتيجية التنمية الشاملة المطورة بعيدة المدى لدول المجلس "2010/2025"، والإطار العام للاستراتيجية الإحصائية الموحدة.
وقررت القمة السماح للشركات الخليجية بفتح فروع لها في دول المجلس، وتطبيق المساواة التامة في معاملة فروع هذه الشركات معاملة فروع الشركات الوطنية.
القمة الـ40 .. شراكة سعودية - إماراتية
وترأست الإمارات الدورة الأربعين لمجلس التعاون الخليجي، في حين عقدت القمة الخليجية للدورة نفسها بالعاصمة السعودية الرياض، في 10 ديسمبر 2019، لتبرز العلاقات القوية والشراكة الاستراتيجية ووحدة المصير بين البلدين، وأهمية التعاون بينهما في تعزيز مسيرة مجلس التعاون الخليجي.
وترأس القمة الخليجية الـ40 خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، وشارك فيها الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الإمارات رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي.
وقامت الإمارات بجهود استثنائية خلال رئاستها لمجلس التعاون الخليجي على مدار عام 2020، للحفاظ على كيانه، وتعزيز مسيرته، رغم انتشار جائحة "كورونا" .
واختتمت القمة الخليجية 41 التي عقدت في العلا شمال غرب السعودية 5 يناير الماضي، وشارك فيها الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم بإصدار بيان ختامي مطول من 117 بندا، وإعلان حمل اسم "إعلان العلا".
وعبّر البيان الختامي عن "بالغ التقدير والامتنان للجهود الكبيرة الصادقة والمخلصة، التي بذلها الشيخ خليفه بن زايد آل نهيان، رئيس الإمارات العربية المتحدة، وحكومته، خلال فترة رئاسة الإمارات للدورة الأربعين للمجلس الأعلى، وما تحقق من خطوات وإنجازات هامة".