«مسبار الأمل» الإماراتي.. «المشروع الحلم» يتم عامه الثالث بالفضاء
في 20 يونيو/حزيران 2020 دخلت الإمارات رسميا السباق العالمي لاستكشاف الفضاء الخارجي، وذلك مع انطلاق مسبار الأمل الإماراتي إلى المريخ في رحلة تهدف إلى فهم التغيرات المناخية على الكوكب الأحمر، واكتشاف أسباب تآكل غلافه الجوي، وعدم وجود بيئة مناسبة للحياة عليه
وبعد رحلة استغرقت نحو 7 أشهر في الفضاء، نجح "مسبار الأمل" في الدخول إلى مدار الالتقاط حول الكوكب الأحمر في 9 فبراير/شباط الساعة 7:42 بتوقيت الإمارات، لتدخل بهذا الإنجاز التاريخ كأول دولة عربية، وخامس دولة على مستوى العالم تصل إلى الكوكب الأحمر، واليوم يتم "المشروع الحلم" عامه الثالث بالفضاء.
وكان المسبار يتحرك بسرعة تزيد على 120 ألف كيلومتر في الساعة، واحتاج إلى إطلاق محركات الكبح لمدة تصل إلى 27 دقيقة للتأكد من التقاطه بواسطة جاذبية الكوكب.
وبدأ مشروع الإمارات لاستكشاف المريخ "مسبار الأمل" مهامه العلمية في 10 فبراير/شباط 2021.
ومنذ ذلك الحين يعيش المجتمع العلمي حول العالم حالة من التشويق والترقب لحزم البيانات العلمية الصادرة عن المشروع، والتي ساهمت في إزالة الكثير من الغموض حول الكوكب الأحمر.
مهام علمية مدهشة
وحقق "مسبار الأمل" منذ بدء مهامه العلمية العديد من الإنجازات التي أدهشت العالم، منها التقاط أول صورة شاملة لظاهرة الشفق المنفصل في الغلاف الجوي للمريخ في أثناء الليل باستخدام الأشعة فوق البنفسجية البعيدة.
كما قدم المسبار معلومات هي الأولى من نوعها حول الغلاف الجوي للكوكب الأحمر في أوقات مختلفة، وأرسل صور بركان "أوليمبوس مؤنس" الذي يعد أكبر بركان في المجموعة الشمسية، إضافة إلى نجاحه في تسجيل ملاحظات فريدة حول العواصف الغبارية المريخية وطريقة تطورها وانتشارها في مساحات شاسعة من الكوكب.
ونشر مشروع الإمارات لاستكشاف المريخ مجموعة كبيرة من البيانات العلمية، وذلك في إطار التزامه بمشاركة هذه البيانات وإتاحتها مجاناً للمجتمع العلمي حول العالم.
وتضمنت الحزمة الأولى من البيانات صوراً فريدة للمريخ ترصد ملاحظات غير مسبوقة حول سلوك غازات الغلاف الجوي للكوكب الأحمر والتفاعلات التي تحدث بينها، وأظهرت الملاحظات اختلافات كبيرة في وفرة كل من الأكسجين الذري وأول أكسيد الكربون في الغلاف الجوي العلوي للمريخ في الجانب النهاري من الكوكب.
وأسهمت الاكتشافات الجديدة التي وفرتها الحزمة الأولى من البيانات في تغيير المفاهيم السابقة للعلماء حول توزيع الضوء فوق البنفسجي المنبعث من الغلاف الجوي العلوي للمريخ، حيث تظهر وجود هياكل شاسعة لوفرة الأكسجين الذري التي تختلف في مستوياتها عن المتوقع.
كما تشير أيضاً لاضطرابات جوية غير اعتيادية في الغلاف الجوي، خاصة أنه قد تم التقاط الصور في وقت كان المريخ قريباً من قمة مداره "الأكثر بعدا عن الشمس" بينما كان النشاط الشمسي منخفضاً، إذ بينت الصور المشهد الاستثنائي لانبعاثات الأكسجين عند الطول الموجي 130.4 نانومتر.
وكشفت الحزمة الثانية عن معلومات مهمة تساعد المجتمع العلمي العالمي على استحداث نماذج علمية أكثر دقة للغلاف الجوي للمريخ وتسهم في فهم أعمق لتغيراته.
وأكد مشروع الإمارات لاستكشاف المريخ أنه سيواصل إتاحة ونشر دفعات جديدة من البيانات كل 3 أشهر للاستفادة منها لكل المختصين والمهتمين بعلوم الفضاء واستكشافه حول العالم.
وتضمنت الحزمة الثانية 76 غيغابايت من المعلومات والصور والبيانات العلمية التي جمعتها الأجهزة العلمية التي يحملها "مسبار الأمل" على متنه خلال الأشهر الأولى لبدء مهمته العلمية حول الكوكب الأحمر، وتحديدا في الفترة ما بين 23 مايو/أيار إلى 31 أغسطس/آب 2021.
وفي مطلع أبريل/نيسان الماضي نشر مشروع الإمارات لاستكشاف المريخ الحزمة الثالثة من البيانات البالغة 29 غيغابايت، والتي جمعها المسبار بين 1 سبتمبر/أيلول و30 نوفمبر/تشرين الثاني 2021، حيث ستساعد الخبراء والعلماء على توسيع فهمهم حول التغير المناخي على الكوكب الأحمر.
ورصدت كاميرا الاستكشاف الرقمية 9 صور يوم 22 نوفمبر/تشرين الثاني 2021، تم التقاط كل واحدة منها بفارق زمني بلغ 5 دقائق عن سابقتها، بهدف دراسة حركة الرياح، ومراقبة ظاهرة تشكّل الغيوم، وحركة عواصف الغبار.
وقدمت الحزمة الرابعة من البيانات مجموعة جديدة من الملاحظات العلمية الخاصة بالغلاف الجوي لكوكب المريخ، ومن أبرزها الملاحظات التي رصدها المقياس الطيفي بالأشعة فوق البنفسجية "EMUS" لمسبار الأمل والتي توفر تغطية أفضل لشفق المريخ.
كما رصد المقياس الطيفي بالأشعة فوق البنفسجية جسيمات الطاقة الشمسية والأشعة الكونية المجريّة من خلال تجربة أجراها عبر مراقبة ما يلتقطه الجهاز وهو مغلق. وأظهر المقياس أيضاً إمكانية العمل بحساسية ودقة أعلى إن احتاج الأمر عند التقاط الملاحظات العلمية.
وتمكنت كاميرا الاستكشاف الرقمية "EXI" الخاصة بالمسبار من التقاط صور خاصة عالية الدقة، حيث رصدت الكاميرا، التي صُممت خصيصاً لالتقاط التحركات والتغيرات التي تطرأ في الغلاف الجوي، حركة الغبار في 9 و29 يناير/كانون الثاني و23 فبراير/شباط من 2022 كما راقبت السحب في 42 ديسمبر/كانون الأول عام 2021 و7 و25 يناير/كانون الثاني من 2022
وفي 20 أكتوبر/تشرين الأول 2022 كشف "مسبار الأمل" عن مجموعة جديدة من الملاحظات العلمية الخاصة بالغلاف الجوي لكوكب المريخ، ضمن الدفعة الخامسة من البيانات العلمية الخاصة بالمشروع التي تغطي الفترة ما بين الأول من مارس/آذار و31 مايو/أيار 2022، والتي تؤكد مدى كفاءة وإمكانات والأداء الاستثنائي للأجهزة العلمية المثبتة على المسبار.
وشملت البيانات الصادرة عن المشروع ما رصدته كاميرا (EXI) من ملاحظات علمية متخصصة لدراسة حركة الغبار في الثاني من مارس/آذار والسابع من مارس/آذار و23 مارس/آذار و27 مارس/آذار و12 أبريل/نيسان والثالث من مايو/أيار و23 مايو/أيار 2022.
كما تضم البيانات ملاحظات جديدة رصدها المقياس الطيفي بالأشعة فوق البنفسجية (EMUS) في الغلاف الجوي العلوي للكوكب الأحمر «ملاحظة EMU038» التي تجري بمعدل مرة واحدة أسبوعياً، وهي عبارة عن تحديق عالي الدقة من ناحية الطول الموجي لقرص المريخ، و«ملاحظة EMU039»، وكانت تجربةً فريدة لتشخيص التباينات العابرة في حساسية الجهاز.
جدير بالذكر أن المهمة العلمية لمشروع الإمارات لاستكشاف المريخ "مسبار الأمل" تركز على جمع البيانات ورصد الملاحظات التي تساعد على دراسة العلاقة بين الطبقتين العليا والسفلى من الغلاف الجوي للمريخ، مما يتيح للمجتمع العلمي تكوين صورة شاملة عن مناخ المريخ وغلافه الجوي في أوقات مختلفة من اليوم وعبر فصول السنة المريخية.
ويحمل "مسبار الأمل" ثلاثة أجهزة علمية مبتكرة هي كاميرا الاستكشاف الرقمية EXI التي تلتقط صوراً ملونة عالية الدقة لكوكب المريخ، وتستخدم أيضاً لقياس الجليد والأوزون في الطبقة السفلى للغلاف الجوي.
إضافة إلى المقياس الطيفي بالأشعة تحت الحمراء EMIRS، الذي يقيس درجات الحرارة وتوزيع الغبار وبخار الماء والغيوم الجليدية في الطبقة السفلى للغلاف الجوي.
والمقياس الطيفي بالأشعة ما فوق البنفسجية EMUS يقيس الأكسجين وأول أكسيد الكربون في الطبقة الحرارية للمريخ والهيدروجين والأكسجين في الغلاف الخارجي للمريخ.
مسبار الأمل.. ملاحظات جديدة على الغلاف الجوي للمريخ
في أكتوبر/تشرين الأول 2023 كشف مشروع الإمارات لاستكشاف المريخ "مسبار الأمل" عن الدفعة التاسعة من سلسلة البيانات العلمية عن الغلاف الجوي للمريخ من السطح وحتى الحواف الخارجية له.
يأتي ذلك بفضل كفاءة أجهزته العلمية "كاميرا الاستكشاف الرقمية (EXI)، والمقياس الطيفي بالأشعة تحت الحمراء (EMIRS)، والمقياس الطيفي بالأشعة فوق البنفسجية (EMUS)".
وبعد إكمال المهمة العلمية الأساسية لجمع البيانات حول الغلاف الجوي للمريخ لمدة عام مريخي كامل (ما يعادل عامين على كوكب الأرض) تم إعلان تمديد للمهمة لفهم التغيرات السنوية للغلاف الجوي المريخي لمدة سنة أرضية إضافية.
وتواصل المهمة سجلها الحافل بتجاوز التوقعات كما حدث عندما اكتشف المسبار أنواعاً جديدة من الشفق المريخي إلى جانب حصوله على صور رائعة للقمر المريخي الأصغر "ديموس" ومواصلة جمع البيانات حوله.
وتتضمن المهمة 3 أهداف علمية رئيسية للمهمة تغطي فهم عوامل الغلاف الجوي السفلي، وفقدان الغلاف الجوي العلوي، والرابط بين الاثنين.
وتساعد هذه الأهداف على الكشف عن أسرار الغلاف الجوي المريخي، وكيف يفقد غلافه إلى الفضاء، كما يسمح المدار الفريد لـ"مسبار الأمل" للمجتمع العلمي الدولي باستكشاف التغير اليومي والموسمي للغلاف الجوي المريخي من خلال تحليل بيانات المهمة.
وتشمل المجموعة التاسعة للبيانات، التي جمعت باستخدام الأدوات العلمية خلال فترة الفترة من الأول من مارس/آذار 2023 إلى 31 مايو/أيار 2023، مجموعة من صور السحب عالية التكرار التقطت بواسطة كاميرا الاستكشاف الرقمية في 11 و25 أبريل/نيسان 2023، و6، 13، 18، و22 مايو/أيار 2023.
وتسمح عمليات الرصد هذه بدراسة تغيرات وتحركات سحب المريخ على فترات قصيرة المدى.
ومع اقتراب الشمس من ذروة دورة نشاطها التي استمرت 11 عاما، أصبح الشفق أكثر بروزا في ملاحظات المقياس الطيفي بالأشعة فوق البنفسجية (EMUS) الليلية، مع عرض ضوئي رائع بشكل خاص للشفق المنفصل فوق أقوى الحقول المغناطيسية القشرية في نصف الكرة الجنوبي يومي 27-28 أبريل/نيسان 2023.
ومع الدفعة التاسعة للبيانات يكون "مسبار الأمل" التابع لمشروع الإمارات لاستكشاف المريخ قد كشف عن مجموعة كبيرة من البيانات والتي بلغت 3.3 تيرابايت حول الغلاف الجوي لكوكب المريخ عبر مركز البيانات العلمية الخاص بالمهمة.
ومنحت الأكاديمية الدولية للملاحة الفضائية فريق مشروع الإمارات لاستكشاف المريخ "مسبار الأمل"، جائزة لوريلز للإنجاز الجماعي لعام 2023، خلال الدورة الرابعة والسبعين للمؤتمر الدولي للملاحة الفضائية IAC-2023 في العاصمة الأذربيجانية باكو، تقديرا لجهودهم ومساهمتهم في إثراء المجتمع العلمي الدولي بالكثير من البيانات المهمة والدقيقة عن الغلاف الجوي لكوكب المريخ، التي أسهمت في رسم خريطة شاملة للغلاف الجوي، إلى جانب الكشف عن ملاحظات غير مسبوقة عن قمره الأصغر "ديموس".
aXA6IDEzLjU4LjE4OC4xNjYg جزيرة ام اند امز