الذكرى الـ31 لتحرير الكويت.. دروس وعبر تعزز التضامن والأخوة
يحتفل الكويتيون بالذكرى الـ31 لتحرير بلدهم وهم يستذكرون مواقف رائدة يستلهمون منها دروسا خالدة حول أهمية الأخوة والالتفاف حول القيادة.
وتحتفي الكويت اليوم السبت بذكرى تحريرها في مثل هذا اليوم 26 فبراير/شباط عام 1991 من الغزو العراقي، غداة احتفالها الجمعة بعيدها الوطني بمناسبة ذكرى استقلالها عن المستعمر البريطاني قبل 61 عاما.
ومع ذكرى التحرير، يستذكر الكويتيون خلال تلك الفترة الإدارة الحكيمة للأمير الراحل الشيخ جابر الأحمد الجابر الصباح (أمير الكويت آنذاك) والأمير الراحل الشيخ سعد العبدالله السالم الصباح (ولي العهد رئيس الوزراء آنذاك)، وأمير البلاد الراحل الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح الذي كان يشغل حينها منصب نائب رئيس مجلس الوزراء ووزير الخارجية، وأمير البلاد الحالي، الشيخ نواف الأحمد الجابر الصباح، الذي كان وزيرا للدفاع وقت الغزو.
ففي فجر 2 أغسطس/آب 1990، قام النظام العراقي السابق برئاسة صدام حسين بإعطاء الأوامر لقواته العسكرية بدخول الأراضي الكويتية واحتلالها.
ومنذ اللحظات الأولى للغزو، أعلن المواطنون الكويتيون رفضهم للعدوان، ووقف أبناء البلد في الداخل والخارج إلى جانب قيادتهم الشرعية للدفاع عن الوطن وسيادته وحريته.
وساهم أمير البلاد الحالي، الشيخ نواف الأحمد الجابر الصباح في القرارات الحاسمة لمواجهة الاحتلال وجنّد كل الطاقات العسكرية والمدنية من أجل تحرير الكويت وأدى دورا في قيادة المقاومة وتأمين وصول القيادة الشرعية للمملكة العربية السعودية إلى جانب قيادته للجيش.
ويستلهم الكويتيون من تلك الذكرى أهمية الثقة بالقيادة التي ناضلت حتى إتمام التحرير والوفاء لها، وهو ما يظهر جليا في الالتفاف الشعبي حول أمير البلاد الشيخ نواف الأحمد الجابر الصباح وولي عهده الشيخ مشعل الأحمد الجابر الصباح، ودعم جهودهما المتواصلة للحفاظ على استقرار الكويت وتحقيق الخير والازدهار لأبنائها.
وتحتفل الكويت هذه الأيام بأعيادها الوطنية فيما توشحت المباني والمؤسسات والمرافق العامة والخاصة في البلاد بعلم الدولة وصور أمير البلاد وولي عهده، تعبيرا عن الوفاء والولاء للكويت وقيادتها.
الدور البطولي للإمارات
يستذكر الكويتيون أيضا في مثل هذا اليوم الدور البطولي للإمارات، ووقوفها إلى جانب بلادهم خلال محنة الغزو العراقي من 2 أغسطس/آب 1990 وصولا إلى تحريرها في 26 فبراير/شباط من العام التالي.
وتجلى الموقف الإماراتي البطولي من الغزو العراقي منذ بدايته في الموقف العظيم للمغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، الذي أكد تمسكه بالشرعية الكويتية، وإدانته الواضحة ورفضه التام لأي مبرر للغزو.
وقد سطر التاريخ بحروف من نور مواقف دولة الإمارات وقيادتها وشعبها في دعمهم ونصرتهم للحق ولدولة الكويت وشعبها، حيث عبر المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان عن ذلك بقوله: "إذا وقعت أي واقعة على الكويت فإننا لا نجد من الوقوف معها بدا مهما حدث.. فهذا شيء نعتبره فرضا علينا يمليه واقعنا وتقاربنا وأخوتنا".
ففي 2 أغسطس/آب 1990 كان الراحل الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان في مدينة الإسكندرية المصرية، عندما جاءت أنباء الغزو العراقي للكويت، فأسرع بإجراء مباحثات عاجلة مع الرئيس المصري آنذاك حسني مبارك، وتوجه عصر اليوم نفسه إلى مدينة جدة بالمملكة العربية السعودية للتشاور مع خادم الحرمين الشريفين وقتها الملك فهد بن عبدالعزيز.
وفي صباح اليوم التالي، عاد إلى أبوظبي وأصدر أمراً بإلغاء احتفالات عيد الجلوس الرابع والعشرين الذي يصادف يوم 6 أغسطس/آب، كما كان الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان رحمه الله، من أوائل القادة العرب الذين استجابوا لطلب الرئيس المصري بعقد قمة عربية طارئة لمناقشة الغزو العراقي للكويت.
وكان لدولة الإمارات وجيشها الباسل وقفة حازمة إلى جانب دولة الكويت، وسطر أبناء الإمارات بدمائهم الطاهرة ملاحم بطولية في دفاعهم عن الحق والشرعية في حرب تحرير الكويت وبلغ عدد شهداء الإمارات في المعركة 8 شهداء و21 جريحا.
ويستلهم الكويتيون من تلك المواقف الخالدة أهمية تعزيز العلاقات الأخوية الصادقة، وهو ما يظهر حاليا في مستوى العلاقات الأخوية والشراكة الاستراتيجية الراسخة بين الإمارات والكويت اللذين وحدهما الانتماء والتاريخ المشترك وتعززت شراكتهما بالتنسيق والحوار الصادق.
التضامن الخليجي والعربي
يستذكر الكويتيون في مثل هذا اليوم مواقف العاهل السعودي الراحل الملك فهد بن عبدالعزيز آل سعود الذي فتح قلبه قبل أرضه لأبناء دولة الكويت واحتضنهم بكل حب في أراضي المملكة ودافع ماديا وعسكريا لنصرة دولة الكويت.
ففي اليوم التالي للغزو، أصدر الشيخ جابر الأحمد (أمير الكويت آنذاك) أمرا أميريا يقضي بأن تنعقد الحكومة بصفة مؤقتة في السعودية وأن يتولى الوزراء مباشرة أعمالهم.
وإبان الغزو، كان أمير الكويت الراحل الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح يتولى حقيبة الخارجية، وأدت الدبلوماسية الكويتية بقيادته دورا مهما في حشد الرأي العام الدولي لدعم ومساندة الشرعية الكويتية.
ورتّبت الدبلوماسية الكويتية عقد العديد من المؤتمرات التي أسهمت في كسب الرأي العام الدولي الداعم للقضية.
على الصعيد العربي تم عقد مؤتمر القمة العربي الطارئ في القاهرة في 10 أغسطس/ آب 1990، كما عقد (المؤتمر الإسلامي العالمي) في مكة المكرمة في 10 سبتمبر/أيلول.
كما خاطب الشيخ جابر الأحمد في 27 سبتمبر/أيلول 1990 أكثر من 60 رئيس دولة و90 رئيس حكومة ووزيرا وسفيرا في الدورة الـ45 للجمعية العمومية للأمم المتحدة في لحظة تاريخية لقي فيها جل تقدير أعضاء الجمعية.
وشارك في 22 ديسمبر/كانون الأول 1990 في القمة الـ11 لمجلس التعاون لدول الخليج العربية، التي أكدت وقوف دول المجلس مع الكويت وتضامنها معها والتزامها بتنفيذ جميع قرارات مجلس الأمن وإعلان أن علاقات دول المجلس مع دول العالم المختلفة ستتأثر سلبا أو إيجابا بحسب مواقف تلك الدول من تنفيذ قرارات مجلس الأمن.
ونجحت الجهود الدبلوماسية في كسب الكويت مساندة دولية، ووقف العالم أجمع مناصرا للحق في وجه الغزو، والذي أثمر في 29 نوفمبر/تشرين الثاني 1990 صدور قرار مجلس الأمن رقم 678 الذي أجاز استخدام كل الوسائل بما فيها العسكرية لتحرير الكويت.
وتشكل ائتلاف عسكري لتنفيذ قرارات مجلس الأمن الخاصة بانسحاب القوات العراقية من الكويت دون قيد أو شرط، مدعوما بقوة إيمان دول التحالف بعدالة القضية الكويتية.
وفي 17 يناير/كانون الثاني 1991، بدأت أول غارة جوية شنتها قوات التحالف الدولية إعلانا لبدء عمليات "عاصفة الصحراء" لتحرير دولة الكويت.
ولعبت القوات العربية دورا بارزا في إنجاز مهمة تحرير الكويت وساهمت السعودية بنصف مجموع قوات مجلس التعاون، وكان لدولة الإمارات وجيشها الباسل وقفة حازمة إلى جانب دولة الكويت.
وفجر 26 فبراير/شباط 1991 غادر الجيش العراقي من الكويت ليتم الإعلان عن تحرير الكويت.
وكان المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان أول رئيس دولة يزور الكويت بعد التحرير فيما كانت سفارة دولة الإمارات أول سفارة تم رفع العلم عليها بعد التحرير.
ويستلهم الكويتيون من تلك الذكرى أهمية تحقيق التضامن الخليجي والعربي، حيث كان هناك دور خليجي عربي بارز في دعم ومساندة الكويت لتحقيق التحرير، حيث اتخذت القيادة الكويتية من دول مجلس التعاون عاصمة لها، تخطط وتضغط، وتسير جهودها الدبلوماسية التي أثمرت النصر، بعد إقناع المجتمع الدولي بالتدخل لدحر قوات نظام صدام حسين.
ويظهر جليا حاليا الدور البارز التي تقوم به الكويت في تفعيل روابط الأخوة الخليجية، والنهوض بالتضامن العربي، ودعم الأمن والستقرار والقضايا العادلة حول العالم.
مواجهة التحديات
أيضا يحتفل الكويتيون بذكرى التحرير وهم يستلهمون منها العزيمة والإرادة على تخطي المحن ومواجهة التحديات، وهو ما يظهر حاليا في الجهود الكويتية لمواجهة الصعاب حاليا في ظل انتشار فيروس كورونا المستجد، والتي توجت بالإعلان قبل أيام بتخفيف الاشتراطات الخاصة بالجائحة بعد انحسار موجتها والتحسن الكبير في المؤشرات الوبائية.
وعلى الرغم من الظروف الاستثنائية التي فرضتها جائحة كورونا فقد سعت الكويت إلى إنجاز خططها التنموية الهادفة إلى ترسيخ القيم الوطنية وبناء الكوادر البشرية ودفع عملية التنمية وتوفير بنية أساسية ملائمة وتشريعات متطورة وبيئة أعمال مشجعة.
ورغم أن هذا ثاني عيد وطني يحل في عهد الشيخ نواف الأحمد الجابر الصباح الذي تولى مقاليد الحكم في 29 سبتمبر/أيلول 2020، إلا أنها المرة الأولى التي تقيم فيها البلاد احتفالات بمناسبة الأعياد الوطنية، بعد تخفيف الاشتراطات الصحية التي فُرضت بسبب جائحة كورونا، التي حالت دون إقامة احتفالات شعبية على مدار العامين الماضيين.
يستذكر الكويتيون أيضا أهمية إعلاء قيم التسامح من أجل النهوض بالمستقبل، وهو ما ظهر في محاولة طي صفحة الماضي ومد يد التعاون مع العراق.
وارتكزت سياسة الكويت الخارجية تجاه العراق عبر التعامل مع شعبه بأنه كان مغلوبا على أمره وهو ضحية للنظام الحاكم وقتها.
aXA6IDMuMTMzLjEwOC40NyA= جزيرة ام اند امز