تماثيل الحضر العراقية تستقبل السائحين مرة أخرى
من جديد تعود حركة السياحة إلى مدينة الحضر الإثارية عند أطراف محافظة نينوى العراقية التي كان يسيطر عليها تنظيم داعش الإرهابي خلال صيف 2014.
وعمد داعش الإرهابي، خلال اجتياحه لمحافظة نينوى إلى تدمير الكثير من المواقع الأثرية والبيوت والمناطق التراثية قبل أن تستعيد القوات الأمنية سيطرتها على تلك المدن خلال معارك التحرير التي استمرت نحو عامين.
وتضم محافظة نينوى، شمال العراق، العديد من المواقع الأثرية المهمة من بينها مدينة النمرود وقصر سنحاريب ودير الربان هرمزد وتل حسونة ومدينة الحضر التاريخية.
وتقع مدينة الحضر (80 كم جنوب غربي الموصل)، بين إمبراطوريتين كبيرتين: الإمبراطورية الرومانية في الشمال والإمبراطورية الفارسية في الجنوب. ونجت المدينة من عديد من الغزوات، ولكن خلال القرن الثالث ميلادي دمرت وهجرها أهلها.
ويعود تشييدها لبداية القرن الثاني قبل الميلاد في عهد الدولة السلوقية، وازدهرت بعد دخول الإسلام إليها وتحولت إلى موقع استراتيجي في الممر التجاري التاريخي عبر آسيا الذي عرف باسم طريق الحرير.
وإبان سيطرته عليها قبل 7 سنوات، نشر تنظيم داعش فيديوهات تظهر من خلالها عمليات تدمير لمعالمها على يد العناصر الإرهابية.
ومنذ ذلك العهد وحتى وقت قريب بقيت الحضر مهجورة بلا زائرين أو سياح كمدينة أطلال بعد أن سادت أخبار وأحاديث عن تدميرها بالكامل من قبل داعش خلال سيطرته عليها.
وفي مطلع العام الحالي، أعادت سلطات الآثار في العراق فتح الموقع الأثري بمدينة الحضر في أعقاب الانتهاء جزئياً من مشروع ترميمه بالتعاون مع الرابطة الإيطالية الدولية للدراسات المتوسطية والشرقية.
ومع ذلك التوجه، بدأت مدينة الحضر تستعيد قدرتها الجاذبة في استقدام السائحين من داخل العراق وخارجه فضلاً عن مقصد للكثير من المجاميع المختصة في الشؤون الأثارية.
وفي فبراير الماضي، كشف النقاب عن ثلاث قطع أثرية تمّ ترميمها في مدينة الحضر التاريخية العائدة وهي عبارة عن وجهين بشريين وتمثال، أعيد وضعها على أعمدة أحد معابد المدينة الشهيرة.
وقبل بنحو شهر، اكتشف علماء آثار غربيون أدلة على وجود إبل هجينة نتجت عن سلالتين مختلفتين أثناء قيامهم بأعمال الترميم في معبد بمدينة الحضر الأثرية جنوب الموصل.
وبشأن عودة حركة السياحة إلى المدينة السلوقية، يوضح فاضل محمد، مدير مدينة الحضر عالمياً، خلال حديث لـ"العين الإخبارية"، حيث يقول إن "تلك المتغيرات جاءت وفق معطيات عدة من بينها استقرار الأوضاع الأمنية في الموصل وعمليات ترميم النصب والتماثيل في الحضر وغيرها من المدن الأثرية في المحافظة، أسفرت عن توجه الأنظار مجدداً صوب تلك المعالم الأثرية".
ويؤكد محمد أن "هناك أنباء تداولت في السنوات الماضية بشأن دمار تام قد طال مدينة الحضر التاريخية وحقيقة أن تلك المدينة لم يطال معالمها الخراب والتدمير إبان غزو داعش سوى أكثر من 30% وكان أغلب عمليات التخريب عبارة عن طلقات نارية استهدفت التماثيل والنصب الجدارية داخل المعابد".
ويتابع بالقول: "المدينة وعقب عمليات الترميم وبمساعدة منظمة (إيز نيو)، الإيطالية، باتت تشهد حركة سياحة داخلية وخارجية وبشكل شبه يومي ويعود الفضل في ذلك أيضاً إلى مؤسسة (بيتنا)، و(بيت التراث الموصل)، التي عملت على توجيه الأنظار نحو تلك المدينة عبر جهد كبير من خلال حملات دعائية وتوعية وتثقيفية بين نختلف الشرائح الاجتماعية".
ويشير إلى أن "هنالك خطط يجري التحضير لتنفيذها في الشهور المقبلة وبمساعدة المنظمة الإيطالية لترميم معابد الحضر دون الاقتصار على التماثيل والنصب".
الجدير بالذكر أن مملكة الحضر أول موقع أدرج على لائحة التراث العالمي، (اليونسكو)، في الدورة التاسعة للجنة التراث العالمي، التي عُقدت في باريس عام 1985.