المواهب تقفز من سفينة «أبل».. أكبر تحول إداري تشهده «التفاحة» منذ عقود
تشهد شركة أبل واحدة من أكبر موجات التغييرات القيادية منذ عقود.
يأتي هذا مع رحيل عدد من أبرز مسؤوليها التنفيذيين والمهندسين، في مشهد يعكس مرحلة مضطربة يعيشها عملاق وادي السيليكون وسط منافسة شرسة في ميدان الذكاء الاصطناعي.
ووفقا لتقرير نشرته وكالة بلومبرغ، فإنه على مدى أسبوع واحد فقط، فقدت الشركة رؤساء أقسام الذكاء الاصطناعي وتصميم الواجهة، تلاهم إعلان آخر يتعلق برحيل المستشار العام ورئيس الشؤون الحكومية. وجميعهم كانوا يرفعون تقاريرهم مباشرة إلى الرئيس التنفيذي تيم كوك، مما يجعل معدل المغادرة داخل قمة الإدارة غير مسبوق.
وتزداد المخاوف مع كشف مصادر مطلعة أن جوني سروجي، نائب الرئيس لشؤون تقنيات المواد وأحد أهم مهندسي أبل وصاحب بصمتها في تطوير المعالجات الداخلية، يفكر جدياً في المغادرة والانضمام لشركة أخرى.

هجرة إلى المنافسين
وتزامن ذلك مع نزيف مستمر في فرق الذكاء الاصطناعي داخل الشركة، حيث جذبت شركات مثل ميتا وأوبن إيه آي وعدد من الشركات الناشئة عشرات مهندسي أبل عبر عروض مالية ضخمة، وهو ما يهدد قدرة الشركة على اللحاق بسباق الذكاء الاصطناعي الذي تأخرت فيه بالفعل. فقد واجهت منصة “Apple Intelligence” تعثرات وتأجيلات، في حين تأخر مشروع تجديد سيري نحو عام ونصف، مع الاعتماد بشكل كبير على نماذج غوغل لسد فجوات التقنية.
ورغم أن بعض المغادرين من الكوادر المخضرمة يقتربون من سن التقاعد، فإن التوقيت المتزامن للرحيل يثير القلق داخل الشركة. وفي المقابل، يحاول كوك احتواء الأزمة من خلال تحسين حزم الرواتب والمكافآت لتأمين ما تبقى من المواهب الأساسية.
ضربات قوية في الفريق الأساسي
على جبهة التصميم، شكّل انتقال آلان داي إلى ميتا ضربة قوية، خصوصاً أنه كان أحد قادة تجربة المستخدم في أبل. وسرعان ما ردت الشركة بتعيين جينيفر نيوستيد، المستشارة القانونية السابقة لميتا، مستشارة عامة جديدة لأبل، في خطوة تعكس استعداد الشركة لمعاركها القضائية المقبلة، ولا سيما مع وزارة العدل الأمريكية. كما شهدت أبل تقاعد ليزا جاكسون، نائبة الرئيس للشؤون البيئة والسياسات والمبادرات الاجتماعية، بعد فترة طويلة في الخدمة.
وترتبط هذه التغييرات أيضاً بواقع ديموغرافي داخل أبل، إذ إن معظم كبار قياداتها تجاوزوا الستين، بمن فيهم كوك الذي بلغ الخامسة والستين الشهر الماضي. ورغم استمرار التكهنات حول موعد رحيله، تشير المصادر إلى أنه لن يغادر قريباً، وأن عملية اختيار خليفته ما تزال جارية، مع تفضيل داخلي لمرشح من داخل الشركة مثل جون تيرنوس.
ويبرز عنصر آخر يزيد حساسية المرحلة وهو انتشار حديث داخلي عن رعشة تظهر أحياناً في يدي كوك، ظهرت خلال اجتماعات ولقاءات واسعة. ورغم ذلك، ينفي المقربون منه وجود مشكلة صحية ويؤكدون أنه يتمتع بوضع جيد.
لكن الصدمة الأكبر جاءت من انهيار فرق الذكاء الاصطناعي والروبوتات في الشركة، بعد رحيل قادة أساسيين مثل روومينغ بانغ وعدد من كبار الباحثين نحو ميتا. كما غادر قادة فرق الروبوتات والهاردوير العاملون على أجهزة جديدة مثل الروبوت المنزلي والطاولة الذكية، مع انتقال بعضهم إلى أوبن إيه آي.
حتى فريق التصميم المادي في أبل، الذي كان يوماً ما مركز قوة الشركة تحت قيادة جوني إيف، شهد تآكلاً حاداً. ويزيد الأمر حرجاً أن إيف نفسه يعمل حالياً مع أوبن إيه آي لتطوير أجهزة ذكاء اصطناعي جديدة، بعد أن اشترت الشركة الناشئة مشروعه “io” مقابل مليارات.
وتتوالى الأسماء المغادرة، من مهندسي الكاميرات والشاشات والسيليكون وحتى مسؤولين بارزين مثل تشينغ تشن المسؤول عن تقنيات العرض في Vision Pro. كما غادر صاعدون في الشركة مثل عبيدور شودري باتجاه شركات ناشئة في الذكاء الاصطناعي.
ورغم كل هذه التحديات، يعلق البعض داخل أبل آمالاً على مصمم الواجهة المخضرم ستيفن ليمي الذي تولى قيادة تصميم الواجهة بدلاً من داي، وعلى رؤية كوك للجيل الجديد من المنتجات مثل الأجهزة القابلة للطي والنظارات الذكية والروبوتات. ويترقب المحللون ما اذا كانت أبل سوف تستطيع عبور هذه المرحلة الحرجة واستعادة زخمها في عصر الذكاء الاصطناعي الذي تقوده شركات أسرع وأكثر جرأة.
aXA6IDIxNi43My4yMTYuNTAg جزيرة ام اند امز