مجلس نادي دبي للصحافة الرمضاني يناقش مستقبل الدراما العربية

عقد المجلس الرمضاني لنادي دبي للصحافة أولى جلساته، تحت عنوان "الدراما العربية بين التلفزيون والمنصات الرقمية".
وأكد المشاركون أن اختلاف جوهر الدراما والتلفزيونات العربية وأدوات العرض لم يأت من فراغ بل جاء كنتيجة طبيعة لاختلاف أذواق المشاهد العربي، وأن المنصات العالمية الكبرى أصبحت تستقطب محبي الدراما والتشويق والجمهور العربي بشكل أسرع مما مضى.
وأشاروا إلى أن المتابع العربي لم يعد يرتبط بفكرة الجلوس أمام شاشة التلفزيون لمتابعة الأعمال المفضلة لديه، لافتين إلى أنه على الرغم من أن منصات الإنتاج والعرض الدرامي الرقمية تحقق نجاحاً وانتشاراً عربياً، إلا أن التلفزيون يبقى المصدر الأول والأساسي للترفيه ومتابعة الدراما في العالم العربي، وأنه نجح في تنويع مصادره ومحتواه بما يتناسب مع مختلف منصات العرض.
واستضاف المجلس، الذي عقد مساء الإثنين، في مقر نادي دبي للصحافة، نخبة من المعنيين بهذا المجال ضمّت: الفنان والمنتج أحمد الجسمي، والفنانة ميساء مغربي، والفنان عابد فهد، وعيسى كايد، مدير مشاريع الدراما في مؤسسة أبوظبي للإعلام، والفنانة أسيل عمران، والفنانة ديمة بياعة، وجميل ضاهر، الناقد الفني والسينمائي في قنوات إم بي سي.
وأدارت الجلسة الإعلامية ندى الشيباني، بحضور مديرة نادي دبي للصحافة ميثاء بوحميد، وعدد من الشخصيات الفنية والثقافية في دولة الإمارات، وممثلي وسائل الإعلام المحلية والعربية، في حين راعى النادي تطبيق كافة الإجراءات الاحترازية والتدابير الوقائية التي تضمن لجميع المشاركين سلامتهم، اتباعاً للإرشادات المعمول بها والمعايير المُعتمدة من الجهات الصحية في الإمارات.
وفي هذه المناسبة وجهت ميثاء بوحميد، مديرة نادي دبي للصحافة الشكر لجميع المشاركين، ولما قدموه من أفكار مهمة حول واقع البث التلفزيوني والإنتاج الدرامي وعلاقته بالمنصات الرقمية تأثيراً وتأثراً من خلال تجارب وخبرات نخبة من المعنيين بهذا المجال، مشيرة إلى أن المجلس الرمضاني لنادي دبي للصحافة يشكل إضافة فكرية ومعرفية عبر نقاشات تتعرض لموضوعات تلامس المجتمعات العربية.
وأضافت "بوحميد": "سيستمر النادي من خلال مجلسه الرمضاني خلال الأيام المقبلة في تهيئة المناخ لحوار إيجابي وشفاف يجمع أهل الإبداع والإعلام والثقافة لمناقشة قضايا وموضوعات تشغل المواطن الإماراتي والعربي بصورة عامة، مؤكدة حرص النادي على توطيد الروابط والعلاقات وإثراء الأفكار من خلال استضافة شخصيات مؤثرة وبمشاركة نخبة من الإعلاميين والمبدعين".
بدوره أكد عيسى كايد، مدير مشاريع الدراما في مؤسسة أبوظبي للإعلام، أنه من الخطأ أن ننظر إلى اختلاف الانتاجات العربية ومستقبل الشاشة ما بين الفضائيات والمنصات العربية، وننسى المشاهد العربي الذي تغير بدوره، بل فرض هذا الكم الكبير من التغيير الذي نشاهده في مسألة المشاهدة ما بين التلفزيون والمنصات الرقمية.
ورأى "كايد" أن تداعيات جائحة "كوفيد- 19" على الإعلام والقنوات العربية كانت (محنة ومنحة) في ذات الوقت، إذ أسهمت الجائحة في دفع صناع القرار الإعلامي نحو التغيير ووضع استراتيجيات أكثر واقعية بناءً على التجربة التي صاحبت كورونا، لافتاً أن المنصات الرقمية تتفوق على القنوات التلفزيونية في مسألة عرض المحتوى الموجه لشرائح محددة قد تتناسب بيئة عربية دون غيرها، على عكس التلفزيون الذي تتسع شريحة متابعيه لتشمل كل فئات المجتمع.
وحول مسألة الرقابة على الإنتاجات العربية المعروضة في التلفزيون على عكس المنصات الرقمية التي تتيح هامشاً أكبر من الطرح كونها منصات مدفوعة، أكد أن هذه النظرة حقيقية، ولكن أيضاً سقف الرقابة في القنوات العربية هبط إلى مستويات معقولة مقارنة بالسنوات السابقة.
حالة اجتماعية
وخلال مشاركته في الجلسة الرمضانية وصف الفنان عابد فهد التلفزيون بأنه "حالة اجتماعية"، ووسيلة عرض عائلية بالدرجة الأولى على عكس المنصات الرقمية التي تتميز بنوع من الاستقلالية، مع الاعتراف أن الشريحة التي تفضل هذا النوع من المحتوى هي شريحة كبيرة جداً.
وقال إن منظور الشاشة والمتابعة اختلف هذه الأيام حيث لم يعد جامعاً للعائلة، كما كان الحال قديماً، بسبب ظهور المنصات الرقمية التي بات معها كل فرد يعيش عالمه الخاص، ويطالع ما يحلو له من أعمال وبرامج يرغب بها، متحرراً من قيود الزمان والمكان، التي ظل يفرضها التلفزيون على الجمهور لسنوات طويلة، مؤكداً أنه كفنان يهمه بالدرجة الأولى أن تحظى أعماله بالمتابعة بشكل واسع وأن يتواجد أمام مختلف فئات المتابعين سواء في التلفزيون أو المنصات الرقمية.
وأضاف أن المنطقة العربية حتى هذه اللحظة تفتقد المنصات الرقمية الخاصة، وكل ما هو متوفر الآن المنصات الرقمية التابعة لمؤسسات أو قنوات فضائية عربية، وهذه الحالة غير كافية للدخول في منافسة مع المنصات العالمية.
المحتوى المدفوع
وقالت الفنانة والمنتجة ميساء مغربي، إن ثقافة الاشتراك والدفع مقابل المحتوى المعروض فكرة تلقى نجاحاً في منطقة الخليج العربي، ولكن لا ننكر أن بعض البلدان العربية الأخرى لا تمتلك هذه الثقافة، بسبب وجود فوارق في طبيعة الاشتراك في هذه المنصات التي تكون في معظمها عن طريق بطاقات بنكية محددة وغير مدعومة في الكثير من الدول العربية الأخرى كوسيلة دفع، لذلك فإن فكرة عرض المحتوى على المنصات الرقمية فقط وإبعاد التلفزيون كوسيلة لمشاهدة هذا المحتوى، فيها ظلم كبير للمشاهد العربي. وتابعت مغربي، أن المنصات الرقمية الأجنبية أصبحت أكثر متابعة في منطقتنا العربية بسبب استهدافها للمتابع العربي، وإنتاجها أعمالاً وبرامج موجهة له خصيصاً.
بدورها لفتت الفنانة أسيل عمران، إلى أن المنصات العالمية اصبحت تستقطب الجمهور العربي أسرع فأسرع وتضع عينيها على الأجيال الأصغر سناً، وبالتالي انسحب قطاع كبير من الجمهور شيئاً فشيئاً من دوامة الجلوس أمام شاشة التلفزيون لمتابعة أعماله المفضلة، من دون فواصل إعلانية. ومع إنشاء منصات إلكترونية جديدة أثبتت جدارتها بما تعرضه حصرياً، وأصبح قطاع الشباب لا يقتربون من القنوات الفضائية إلا فيما ندر. ودفعت عمران بأن العنصر الأهم في هذه المعادلة هم كُتّاب السيناريو والقصص الدرامية القادرين على استيعاب تفكير الشباب ويؤمنون بضرورة التغير في الطرح والخروج من عباءة الخطوط الحمراء غير المبررة أحياناً.
وأضافت أن منصات الإنتاج والعرض مدفوعة الأجر بدأت وانتشرت عالمياً وباتت تحقق نجاحاً كبيراً في المنطقة العربية، وهذا يجعل من سوق الإنتاج ملعباً مفتوحاً، ويؤكد على فكرة أن هذه المنصات هي من ستستحوذ على المستقبل.
مواكبة الواقع العربي
وخلال الجلسة، قال الفنان والمنتج أحمد الجسمي، إن المطلع على واقع الدراما العربية والمتابع الجيد لأحوالها وتقلباتها، يمكنه تسجيل العديد من المتغيرات التي طرأت على صناعة الدراما العربية من حيث الشكل والمضمون وآليات تسويقها وانتشارها، فهمي ليست بمعزل عن المتغيرات الهائلة التي شهدها الواقع العربي المعاصر وتأثره بمحيطه الإقليمي والدولي، والتطور المتسارع في تقنيات ومنصات التواصل الاجتماعي وآلية صناعة وانتقال الخبر وطرق استقاء المعلومة، مؤكداً أن كل هذا كان وراء ظهور الرغبة الملحة في إيجاد شكل جديد من أشكال التعبير خارج القوالب الإعلامية والفنية والدرامية المتعارف عليها.
وأضاف: إذا كنا ندرك بالفعل أن فئة الشباب هي الشريحة الأكبر في عالمنا العربي، فإننا أمام حقيقة لا مفر منها، كون هذه الفئة من المجتمع تبحث دائماً عن التغيير والخروج عن النمط السائد وكسر الاشكال الكلاسيكية في التعبير، وتنساق وراء التيارات المتجددة في أنماط الحياة على مختلف الأصعدة، مؤكداً أن المنصات الرقمية أسهمت بشكل كبير في تجديد دماء الدراما والانتاجات العربية على حد سواء.
المصدر الأساسي
وقالت الفنانة، ديما بياعة، إن التلفزيون بلا شك هو المصدر الأول والأساسي للترفيه في العالم العربي، وقد نجح في تنويع مصادره لإنتاج محتوى يتناسب مع مختلف فئات المجتمع، ولكن في ذات الوقت المنصات الرقمية، أتاحت أمام الجمهور خيارات أوسع، في ظل توجه الكثير من هذه المنصات إلى قاعدة الإنتاج الأصلي، وهذا من شأنه أن يفتح فرص كبيرة أمام الشباب والمواهب العربية الجديدة للمشاركة وتقديم أفكاره التي يؤمن بها، مشيرةً أن القول الفصل فيما يتعلق بالمقارنة ما بين التلفزيون والمنصات الرقمية، يرتبط بمدى "التأثير" والقدرة على إيصال المحتوى بطريقة تفاعلية وسهلة.
عربية وعالمية
وفي ختام الجلسة، قال جميل ضاهر، خلال مداخلته، إن المنصات الرقمية استطاعت أن تعيد صياغة طريقة المشاهدة لدى الجمهور العربي، وهو ما يفسر ارتفاع الطلب على المحتوى العربي خلال السنوات الأخيرة على هذه المنصات، مضيفاً أن المنصات الرقمية العالمية نجحت في انتاج اعمال عربية قدمت مجتمعاتنا بطريقة جديدة، وقد يتفق أو يختلف البعض حول أثر هذه الظاهرة، ولكنها في المجمل أعمال ناجحة دفعت المنتجين وكُتّاب السيناريو إلى التفكير جدياً بتغيير نظرتهم للواقع.
aXA6IDMuMTM1LjIxNS4yMjgg جزيرة ام اند امز