مصري يقطع 500 كم لينقذ طفلين يمنيين.. ملحمة عربية وسط نيران أوكرانيا
خاض شاب مصري ملحمة إنسانية مؤثرة وسط القتال المحتدم في أوكرانيا وقرب خطوط النار من أجل إنقاذ طفلين يمنيين علقا وسط المعارك.
واستجاب الشاب المصري لاستغاثة أطلقها والد الطفلين الذي ترك عائلته في أوكرانيا وعاد لليمن قبل أن تنفجر الحرب هناك، ليبقى طفلاه "كريم" و"أمير" عالقين وسط إطلاق النار في بلدة ريفية بالقرب من مدينة كييف.
وقطع المصري إسلام العشيري الذي يعمل مرشدا سياحيا في أوكرانيا أكثر من 500 كيلومتر برا من مدينة لفيف (غرب) حتى العاصمة كييف الواقعة تحت رقابة جوية روسية وحظر تجوال أوكراني، قبل أن يخترق مسافة تصل لـ 60 كيلومتراً هي الأكثر خطورة للوصول إلى قرية "كاماركوف" الريفية في بلدة "تشرنيهيف".
وتقع هذه البلدة إلى الجهة الشمالية من "كييف"، وتعد مسرحا للمعارك، وقد منع الجيش الأوكراني العشيري من دخول البلدة ما اضطره للمغامرة عبر طرق فرعية بمساعدة السكان المحليين.
ورغم تعرض العشيري للاستهداف بالرصاص الحي تارة من المقاتلين الأوكرانيين وتارة أخرى من الجيش الروسي في الجهة المقابلة، إلا أن الشاب المصري نجح في إنقاذ الطفلين وأمهم الأوكرانية في مغامرة جسدت التلاحم العربي، وأثارت دهشة اليمنيين الذين اعتبروها بطولة إنسانية خالدة، وموقف مصري متجدد تجاه شعب اليمن.
شهادة والد كريم وأمير
وطمأن والد الطفلين الدكتور عمرو عبدالكريم "العين الإخبارية" على سلامة "كريم" و"أمير"، مؤكدا أن الشاب المصري كان "هبة من الله بعد أن تقطعت بي كل السبل" وقد نجح بالفعل في إنقاذهما ونقلهما إلى أقرب بلدة آمنة.
وأكد أن "الشاب المصري تطوع وغامر وسافر من مدينة لفيف غرب أوكرانيا إلى ريف تشرنيهيف، البلدة المشتعلة في شمال كييف، وكانت مبادرته إنسانية ذاتية".
وفتحت مبادرة إسلام العشيري للأب اليمني نافذة الأمل بعد أن أخبرته جميع الجهات المعنية أن عملهم يبدأ بعد خروج الطفلين من الحدود الأوكرانية، وفق حديث والد الطفلين لـ"العين الإخبارية".
وأشار إلى أنه حاول إبلاغ الصليب الأحمر الدولي بوضع طفليه العالقين منذ أيام قرب خط النار، لكن المنظمة الدولية ردت بأن مساعدتها الإنسانية تقتصر على فترة الهدنة فقط.
وأضاف: "انقطعت كل السبل حتى سخر الله هذا الشاب المصري لأمير وكريم ونجح في إخراجهما من القرية التي لم يستطع أي من سكانها الهروب أو المغادرة".
وأكد في ختام حديثه لـ"العين الإخبارية"، أن كريم وأمير والبطل المصري نجحوا في العبور من العاصمة كييف المصنفة أيضاً منطقة خطيرة، ووصلوا إلى الحدود الآمنة مع بولندا في رحلة استمرت عدة أيام.
إشادة حكومية
أشادت الحكومة اليمنية بمخاطرة الشاب المصري إسلام العشيري ووصفت مغامرته من أجل إنقاذ حياة الطفلين بـ"الموقف الإنساني الشجاع والنبيل".
جاء ذلك خلال اتصال هاتفي لرئيس الوزراء اليمني معين عبدالملك بوالد الطفلين والشاب المصري إسلام العشيري، للاطمئنان على سلامة الطفلين كريم وأمير، كما أعرب عبدالملك عن تقديره للشاب المصري ولموقفه الشجاع والنبيل وتحديه للخطر، مؤكدا أن هذا الموقف الشجاع ليس بغريب على الشباب المصري أينما تواجدوا.
وقدم رئيس الوزراء اليمني الشكر لإسلام العشيري، باسم الحكومة والشعب اليمني؛ لموقفه الإنساني الشجاع.
كما تحدث عبدالملك مع الطفلين كريم وأمير واطمان على صحتهما، ووجه البعثة الدبلوماسية اليمنية في بولندا لترتيب كل الإجراءات اللازمة لاستقبالهما.
لُحمة عربية
وكان والد كريم وأمير قد أطلق قبل 5 أيام نداء استغاثة بشأن طفليه، مشيرا إلى أنه أبعدهما "عن حرب اليمن إلى أوكرانيا التي كنت أظن أنها بلد آمن، لكنهما باتا محاصرين في قرية ريفية تحت القذائف والصواريخ والانفجارات".
كما تضمنت مناشدة الأب اليمني دعوة إلى الجيشين الروسي والأوكراني من أجل فتح ممرات آمنة لسكان القرية الواقعة بين العاصمة كييف ومدينة تشرنيهيف، معتبرا الامتناع عن ذلك بمثابة استخدام للمدنيين كدروع بشرية.
ولاقت استغاثة الأب اليمني تفاعلا واسعا لدى الجاليات العربية في أوكرانيا، حيث خاض الشاب المصري إسلام العشيري غمار رحلة وعرة؛ ليصنع بطولة جسدت لحمة العرب في أوكرانيا وتكاتفها لمواجهة الأخطار.
وقال العشيري في مقطع مصور إن مواطنين سعوديين تربطهما به صداقة قديمة، أبلغاه بمأساة كريم وأمير، كما سبق أن دعماه لدى إنقاذه أطفالا عراقيين عاشوا نفس محنة طفلي اليمن.
وأكد أن ما قام به هو الواجب الذي كان يتحتم عليه فعله، خاصة في مثل هذه المواقف الصعبة التي تحتاج إلى التكاتف والتضحية.
وكتب المواطن اليمني أحمد الأشول على حسابه بموقع "فيسبوك" أن الطفلين عاشا 9 أيام من الحصار والقصف ولم يستجب الصليب الأحمر ولا المنظمات الدولية أو سفارات الدول المعنية.
وأضاف "فقط الشاب المصري إسلام العشيري هو من تجاوب وضحّى بنفسه ودخل بمركبته أثناء القصف والمعارك وعبر بهم للحدود البولندية الآمنة".
وعلق يمني آخر معربا عن امتنانه للعشيري والشعب المصري، وقال: "ممتنون لهذا الشاب.. ولمصر، إنساناً وأرضاً، التي تأبى إلا أن تكون ملاذ اليمنيين حتى خارج حدودها".