جائزة التميز الحكومي العربي.. 3 قصص ملهمة من البحرين
حصلت 3 نماذج ملهمة من مملكة البحرين على جوائز التميز الحكومي العربي، ضمن 15 فئة موزعة على فئتين رئيسيتين هما الأفراد والمؤسسات.
وكرمت "جائزة التميز الحكومي العربي المشروع البحريني "التطبيب عن بعد" كأفضل مشروع حكومي عربي لتطوير القطاع الصحي، المشروع يقدم خدمات مبتكرة لتعزيز كفاءة الرعاية الصحية في مملكة البحرين.
كما فاز بجائزة التميز الحكومي العربي عن فئة "أفضل مشروع حكومي عربي لتطوير التعليم"، المشروع البحريني "مكتبتي الرقمية"، والذي يرسخ "التعلم مدى الحياة".
بينما فازت وزارة العدل والشؤون الإسلامية البحرينية عن فكرتها توديع الورق وتعزيز جودة الحياة الرقمية، بجائزة التميز الحكومي العربي عن فئة "أفضل مبادرة/ تجربة تطويرية حكومية".
جائزة التميز الحكومي العربي تحظى برعاية الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس دولة الإمارات العربية المتحدة، رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، أطلقتها جامعة الدول العربية ممثلة في المنظمة العربية للتنمية الإدارية بالتعاون مع حكومة دولة الإمارات العربية المتحدة، الأولى والأكبر من نوعها عربياً في مجال التطوير والتحسين والتميّز الإداري في المنطقة العربية.
وتستهدف الجائزة، إحداث حراك عربي جديد في مجال الإدارة يطبق أفضل الممارسات العالمية في مجال تميّز الأداء الحكومي، ويسلط الضوء على التجارب الإدارية الناجحة في المنطقة العربية، ويكرّم الكفاءات الحكومية العربية، ويخلق فكراً قيادياً إيجابياً لدى القطاعات الحكومية لتبنّي التميّز المؤسسي، وتجديد العمليات والنظم القائمة باستخدام التقنيات الذكية، لتنفيذ الرؤى والاستراتيجيات الحكومية المستقبلية.
التطبيب عن بعد
في سعيها لتقديم رعاية طبية بجودة عالية، نجحت وزارة الصحة البحرينية، وعبر مراكز الرعاية الصحية الأولية، في تطبيق مشروع طموح للتطبيب والعلاج عن بعد، أهلها لنيل التكريم كأفضل مشروع حكومي عربي لتطوير القطاع الصحي في فئات الجوائز الفرعية من جائزة التميز الحكومي العربي.
التكريم الذي حظيت به مراكز الرعاية الصحية الأولية في مملكة البحرين، خلال حفل تكريم الفائزين الذي شهدته العاصمة المصرية القاهرة في مقر جامعة الدول العربية في الخامس من يناير/كانون الثاني الجاري، جاء ثمرة لتبني فكرة الخدمات الصحية المقدمة عن بعد في 2017 من قبل فريق الحوكمة في وزارة الصحة البحرينية، باستخدام مختلف التقنيات بهدف تقديم خدمات صحية آمنة وذات كفاءة عالية تسهم في الاستمرارية وتضمن سهولة الوصول للخدمات الصحية.
تنمية مستدامة
فكرة التطبيب عن بعد، جاءت تماشياً مع التوجه الدولي والمحلي إلى تبني أهداف التنمية المستدامة، وهو ما يتمثل في الأهداف الاستراتيجية للصحة في مملكة البحرين والتي تنعكس على الرؤية التي تبنتها مراكز الرعاية الصحية الأولية، إذ تم تطبيق المشروع في 2018 باستخدام تقنية الاتصال الصوتي بهدف الوصول لأكبر شريحة من المستفيدين.
وبعد عام على تطبيق المشروع، تم العمل على دراسة أهم المعطيات وتحليلها، ونتج عنها تبني عدد من المبادرات تسهم في تقليل أوقات الانتظار باستخدام التقنيات المختلفة وقد شملت خدمات توصيل الأدوية والعلاج الطبيعي عن بعد، والتقييم والتصنيف للتحويل للمؤسسات الصحية المتخصصة.
تسريع عجلة الابتكار
في عام 2020، ساهمت جائحة "كورونا" في تسريع عجلة الابتكار في هذا المجال، وتبني التطبيب عن بعد على نطاق أكبر في القطاع الصحي الحكومي وتعزيز هذه الخدمة في عام 2021 و2022 في ظل التسيير الذاتي لمراكز الرعاية الصحية الأولية، ما أدى إلى زيادة بنسبة 89% في الاستفادة من خدمات الصيدلة، و24% في عدد المستفيدين من الاستشارات الطبية المرئية والصوتية، إضافة إلى زيادة بنسبة 14% في عدد المستفيدين من خدمات العلاج الطبيعي عن بعد.
ولتحقيق أفضل النتائج، تم العمل على 3 أبحاث تختص بخدمات التطبيب عن بعد، بالتعاون مع أطباء ماجستير طب العائلة التابع لجامعة الخليج العربي في البحرين، والأطباء المقيمين في برنامج طب العائلة ومجموعة من الأطباء في مراكز الرعاية الصحية الأولية.
نجاحات ملموسة
نجح مشروع التطبيب عن بعد، في تقليل استهلاك الموارد والطاقة والوقت مقارنة بالطريقة التقليدية للاستشارة الطبية، وتسهيل عملية وصول الخدمات الصحية بكفاءة عالية لكبار السن وأصحاب الهمم، إضافة إلى تقليل خطر تعريض الطاقم الطبي للعدوى وزيادة كفاءة العمل.
كما نجح المشروع في خفض عدد المراجعين وفترة الانتظار داخل المركز الصحي وبالتالي تخفيف خطر الإصابة ونشر العدوى، بجانب التقليل من التكلفة المادية لإجراء الفحوصات والعلاج والتغيب عن العمل ما قد يؤثر على الدخل الفردي.
مكتبتي الرقمية
مكتبات بلا جدران تتيح معارف متدفقة على مدار الساعة، وتسهم في تحقيق مجتمع المعرفة والتعلم المستمر مدى الحياة.. إنها المكتبات الرقمية التي برزت بوصفها خلفاً تطورياً مكملاً للمكتبات التقليدية، وباتت مورداً شاملاً للمعلومات في مُختلف المجالات.
للمكتبات الرقمية أدوار محورية في تلبية احتياجات التعليم وتطويره من خلال تزويد المعلمين والطلبة بقواعد معرفية في مجموعة متنوعة من الوسائط، ما دفع وزارة التربية والتعليم البحرينية لإطلاق مشروع مكتبتي الرقمية ضمن برنامج التمكين الرقمي في التعليم "مشروع جلالة الملك حمد لمدارس المستقبل"، ونتيجة لإنجازات المشروع في نشر المعرفة، تم اختياره للفوز بجائزة التميز الحكومي العربي عن فئة "أفضل مشروع حكومي عربي لتطوير التعليم"، بعد أن استوفى المشروع معايير الجائزة من الفكرة، والتخطيط والابتكار، وفاعلية التطبيق، والنتائج المؤثرة.
بداية المشروع
بداية مشروع "مكتبتي الرقمية" كانت في عام 2017، عندما تبنت وزارة التربية والتعليم في مملكة البحرين الفكرة بهدف التشجيع على إنتاج المواد التعليمية الإثرائية، ويتضمن المحتوى دروساً واختبارات وتجارب علمية وأنشطة إثرائية في كافة المواد، تم تطبيقها على 15 مدرسة كمرحلة أولى، ثم تعميمها على كافة مدارس المملكة.
ويقوم المشروع على إنتاج المحتوى التعليمي الرقمي، حيت ينتج المعلمون والطلبة بشكل مستمر محتوى خلال عمليتي التعليم والتعلم ويتم نشر الإنتاج المتميز من المحتوى في موقع "مكتبتي الرقمية"، ليكون متاحاً وتشاركياً للجميع كموارد تعليمية مفتوحةOER، بعد تقييمه واعتماده وفقاً لمعايير ومؤشرات وسياسة محددة لضمان جودة الإنتاج الوطني من الناحية التربوية، ونشره على الموقع.
التطبيق
وانتقالاً إلى تطبيق المشروع، فقد وفر المشروع بعض الممارسات مثل سياسة الموارد التعليمية المفتوحة والدليل الإرشادي لإنتاج المحتوى ودليل معايير إنتاج المحتوى، واستمارة تقييم المحتوى التعليمي بهدف الاستفادة منها في بلورة وتنفيذ الفكرة، كما قدم المشروع خطة تنفيذية مقرونة بمؤشرات أداء وآليات تنفيذ من خلال (الدليل الإرشادي) كما تم تدريب الطلبة والمعلمين على استخدام الموقع وآليات تقديم المحتوى الرقمي وإنتاجه.
وللتأكد من سير المشروع في الاتجاه الصحيح نحو تحقيق الأهداف، تم إعداد دليل متخصص لتقييم تنفيذ المشروع ومدى مناسبة المحتوى التعليمي وتوافقه مع السياسات الموضوعة ويتم متابعة توافق المحتوى عبر التقارير الدورية واستمارات تقييم المحتوى والإحصائيات والتقارير.
إنجازات
إنجازات متنوعة حققها مشروع مكتبتي الرقمية، والتي تم رصدها عبر بحث شمل مدارس مملكة البحرين مثل مساهمة المشروع في تقديم فرص التعلم عن بعد بنسبة 94.44%، وتأثير الورش التدريبية على كفاءة وجودة إنتاج المحتوى إلى 61.11%، كما أسفرت جهود المشروع عن نشر 1767 وحدة محتوى تعليمي رقمي على مواقع مكتبتي الرقمية من إنتاج المدارس، منها 1505 وحدات من إنتاج المعلمين، و262 وحدة من إنتاج الطلبة.
ولتعميم الفائدة على الجميع، يتيح المشروع سهولة الوصول إلى المحتوى دون الحاجة إلى التسجيل مما يوفر الوقت والجهد للمستخدم وإتاحة المحتوى للجميع داخل مملكة البحرين وخارجها.
محتوى تعليمي
واستمراراً لمسيرة نجاحات المشروع، فقد ساهم في توظيف الخبرات والاستفادة من مهارات وقدرات ومواهب الطلبة والمعلمين في إنتاج محتوى تعليمي إثرائي متخصص يدعم المناهج ويثريها، ووفر أيضاً فرصاً كبيرة للتشارك والتفاعل بين المنتج والمستخدم للمحتوى التعليمي من خلال التقييم والتعليق وتقديم المقترحات التطويرية.
ونتيجة لما تميز به المشروع من جودة في الإعداد والتصميم والإخراج الفني، ومن اهتمام بالمضامين التربوية والتعليمية، فقد فاز المشروع بجائزة الإيسيسكو للموارد التعليمية المفتوحة في العام 2018.
توديع الورق وتعزيز جودة الحياة الرقمية
لم يعد استخدام التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي في تقديم الخدمات الحكومية من باب الترف، بل أصبح ضرورة ملحة تحدث نقلة نوعية هادفة على مستوى الممارسة الإدارية بما يحقق سعادة ورضا المتعاملين، وهو ما دفع وزارة العدل والشؤون الإسلامية والأوقاف في مملكة البحرين، إلى إطلاق مبادرة ودعت عبرها المعاملات الورقية واعتمدت التحول الذكي والإلكتروني لكافة خدماتها.
ولم تكتف الوزارة بتحقيق سعادة المتعاملين وتمكينهم من تحقيق تجربة خدمات متميزة، والتي تعتبر محوراً أساسياً لتطوير العمل الحكومي، بل حققت وفورات مالية وتخلصت من الروتين، بعد أن سرعت الأحكام القضائية وابتعدت عن البيروقراطية التي تعرقل وجود منظومة قضاء مبتكرة ومتطورة، عبر مشروعها حوسبة المحاكم البحرينية والتحول الكامل من النظام الورقي إلى الإلكتروني، الذي توجته جائزة التميز الحكومي العربي بجائزة أفضل مبادرة/ تجربة تطويرية حكومية.
منظومة ذكية
ولا شك في أن منظومة القضاء الذكية والإلكترونية تلعب دوراً كبيراً في ترسيخ أسس العدالة وسيادة القانون بين أفراد المجتمع، وتعتبر محوراً مهماً في تقدم المجتمعات وازدهارها وكذلك تعزيز السعادة والاستدامة الاقتصادية، حيث يساهم تطويع وتوظيف التقنيات الحديثة والتكنولوجيا المبتكرة والذكاء الاصطناعي في تحسين خدمات هذه المنظومة وتقديم خدمات بفاعلية وكفاءة عالية وبصورة ميسرة وسهلة تحقق رضا المستخدمين من كافة فئات أفراد المجتمع.
خدمات متكاملة
تم الاستناد في تقييم مشروع وزارة العدل البحرينية إلى 4 معايير، يدور المعيار الأول حول الفكرة، إذ أطلقت الوزارة خدمة إلكترونية تطويرية لتحويل جميع الخدمات إلى خدمات رقمية بهدف تقليص كلفة وجهد إجراءات التقاضي والإسراع في فصل المنازعات مع الحفاظ على الحق في التقاضي والضمانات الأساسية في المحاكم.
كما أن المعاملات الإلكترونية التي دشنتها الوزارة توفر خدمات متكاملة لجميع المحاكم بدءًا من رفع الدعوى وتسديد رسومها، وإرسال الإعلانات القضائية، مع إمكانية تقديم كافة المذكرات والطلبات في جميع مراحل الدعوى، وصولًا إلى إصدار الأحكام.
الخدمات تتيح كذلك إمكانية رفع الدعوى في أول درجة ومرحلة الاستئناف وتقديم الطعون أمام محكمة التمييز، وتقديم المذكرات وتبادلها، والطلبات والرد عليها أثناء سير الدعوى، وصولًا إلى إصدار الأحكام القضائية.
تغيير جذري
المعيار الثاني يدور حول التخطيط والابتكار، حيث حرصت الوزارة على وضع خطة استراتيجية وإطار حوكمة فعال لتنفيذ المبادرة وفق منهجية واضحة مبنية على دراسات مع سنغافورة وتحليل البيئة الداخلية بالإضافة إلى سجل المخاطر مع تصنيف الخطر ونوعه.
تغيير جذري أحدثته المبادرة في إجراءات العدالة أمام المحاكم من خلال حوسبة جميع الإجراءات لتصبح منظومة المحاكم المدنية والتجارية والشرعية ومحاكم التنفيذ متوافرة إلكترونياً بشكل كامل وبدء رفع الدعوى حتى مرحلة تنفيذ الأحكام القضائية مع توفير تقنية VPN.
المعيار الثالث يتمثل في فاعلية التطبيق، حيث أتاح المشروع إمكانية رفع الدعاوى بجميع درجاتها وكافة الخدمات ذات الصلة على مدار اليوم خلال ساعات العمل الرسمية وغير الرسمية دون الحاجة إلى الحضور الشخصي، وهو ما أدى إصدار قرار رقم 75 لسنة 2020 باعتماد الخدمات الإلكترونية والبريد الإلكتروني لتقديم اللوائح والمستندات والمذكرات والطلبات القضائية دون غيرها من الوسائل الأخرى.
نتائج مؤثرة
المعيار الرابع والأخير يتمثل في النتائج المؤثرة، حيث ساهم التحول الإلكتروني في خفض التكلفة السنوية بما يقارب 650 ألف دولار أمريكي من نفقات تقديم الخدمة خلال الأعوام ما بين 2016 إلى 2020 بإجمالي 3.3 مليون دولار أمريكي، كما ساعد في خفض التراكم السنوي للقضايا والذي بلغ في عام 2017 نحو 40,021 إلى 10,478 في عام 2022.
ولم تقتصر النتائج الإيجابية للمشروع عند هذا الحد، بل زاد من حجم معاملات التوثيق الخاص بنسبة بلغت 170% للأعوام 2020 – 2021، كما تلقى المشروع ما يقارب من مليوني طلب إلكتروني خلال الأعوام ما بين 2016 إلى 2020، كذلك نجح المشروع في الربط مع أكثر من جهة حكومية في مملكة البحرين منها مصرف البحرين المركزي، وزارة الداخلية، وزارة العمل والتنمية الاجتماعية، وزارة الصحة وغيرها من الجهات.
ولم تتوقف النتائج الإيجابية للمشروع عند هذا الحد، بل ساهم في استحداث أنظمة داخلية تساعد الموظفين داخلياً على إتمام إجراءاتهم بشكل إلكتروني منظم وسريع، بعد أن اعتمد تطوير الخدمة على منهجية عمل واضحة متضمنة التحليل وسجل إدارة المخاطر.
يذكر أن جائزة التميز الحكومي العربي الأولى من نوعها على مستوى العالم العربي، والأكبر عربياً في مجال التطوير والتحسين والتميّز الإداري في المنطقة العربية، تهدف إلى إحداث حراك عربي جديد في مجال الإدارة يطبق أفضل الممارسات العالمية في مجال تميّز الأداء الحكومي، ويسلط الضوء على التجارب الإدارية الناجحة في المنطقة العربية، ويكرّم الكفاءات الحكومية العربية، ويخلق فكراً قيادياً إيجابياً لدى القطاعات الحكومية لتبنّي التميّز المؤسسي، وتجديد العمليات والنظم القائمة باستخدام التقنيات الذكية، لتنفيذ الرؤى والاستراتيجيات الحكومية المستقبلية.
aXA6IDMuMTI4LjE5OC45MCA= جزيرة ام اند امز