رئيس البرلمان العربي لـ"العين الإخبارية": التصدي لتركيا وإيران ضرورة أمن قومي
شغل عضوا في مجلس نواب بلاده لأربع دورات متتالية، كما عمل نائبا لرئيس البرلمان العربي لدورتين.
لكن حين تتاح لك كصحفي فرصة اللقاء به عن قُرب، تكتشف أنك أمام شخصية بحرينية تسابق الزمن لتنهل منها ما يشبع فضولك إزاء منطقة طافية على رمال متحركة حُبلى بملفات ساخنة وتحديات راهنة.
فمن إيران لتركيا لليمن إلى ليبيا مرورا بآفة الإرهاب وخطرها على الأمة، وصولا إلى التحديات الراهنة، تعددت ملفات "العين الإخبارية" التي طرحتها على العسومي، في حوار مطول أجرته معه بالقاهرة.
ومن قاهرة المعز، وضع العسومي في الحوار مع "العين الإخبارية"، للمنطقة العربية روشتة تحصين من معاول التخريب والإرهاب وزعزعة الاستقرار.
إيران وتركيا.. والخطوط الحمراء
في التفاصيل، تبرز التهديدات الإيرانية والتركية وخطرها على المنطقة، لدولتين وصفهما رئيس البرلمان العربي بأنهما "وجهان لعملة واحدة"، معتبرا أن التصدي لهما "من ضرورات الأمن القومي العربي".
تهديدان يرسمان أبعادا جديدة في التحديات والتهديدات التي تواجه الأمة العربية من أنقرة وطهران.
أبعادٌ أشار لها العسومي بدور أنقرة في عرقلة التوصل إلى حل للأزمة الليبية، ودعم إيران لمليشيات الحوثي ما أدى إلى زعزعة استقرار اليمن.
وأمام هذين الدورين، دعا العسومي العالم العربي إلى وضع "خطوط حمراء" أمام طهران لا يمكنها تجاوزها، على غرار تصدي القاهرة الواضح للخطر التركي في ليبيا.
ولم يخف رئيس البرلمان العربي أمنيته في التوصل إلى استراتيجية عربية موحدة لمواجهة خطر دول الجوار الإقليمي.
وإلى نص الحوار:
- ما هي ملامح خطة عمل البرلمان العربي للمرحلة المقبلة؟
وضعنا خطة طموحة للنهوض بالبرلمان العربي، والقيام بدوره في دعم قضايا أمته، والعمل المشترك؛ حيث إن الأمة تمر بمرحلة خطيرة تحتاج إلى تعاون وتكاتف جميع المؤسسات والهيئات، للتصدي لجميع الأخطار التي تواجهها.
ونتطلع من خلال الخطة إلى أن تكون لدينا رؤية وقدرة على التعامل مع جميع القضايا العربية سواء على المستوى المحلي أو الدولي، وما نسعى إليه في البرلمان من طموح هو أن نكون مركز القوة داخل الأمة العربية للدفاع عن قضاياها.
ونؤكد أن البرلمان العربي وهو مؤسسة عربية هامة منتخبة تمثل الشعوب، سيقوم بدوره على أكمل وجه للتصدي لهذه الهجمات.
- تحدثتم عن مخاطر وتحديات تتعرض لها الأمة العربية.. ما أبرزها؟
التدخل الخارجي والتعدي على السيادة العربية، التي نرفضها ونسعى للتصدي لها، علاوة على أن الدول العربية تواجه دولا تحقد على المنطقة وتتربص بها، وتريد السيطرة على مقدراتها، من خلال تنفيذ أجندة محددة لإضعافها.
ويسعى البرلمان العربي لدعم الدول العربية في بعض الأمور التي تتعلق باستهدافها عبر الابتزاز في بعض الملفات مثل ملف الإرهاب وحقوق الإنسان.
ما مصدر التهديدات التي تواجه الأمة العربية؟
هناك تدخلات وأطماع من دول إقليمية في مقدرات هذه الأمة.. نحن أمام أجندة تاريخية لبعض الدول في محاولة منها للاستحواذ والسيطرة على بعض الدول.
وهناك من يحاول إلصاق تهمة الإرهاب بالدول العربية، وللأسف فإن هذا الملف يتم استغلاله في ابتزاز بعض الدول والتأثير على مواقفها، وذهب بعضها إلى مستوى أبعد في محاولة الاستيلاء على مقدرات تلك الدول.
- البرلمان العربي وافق في اجتماعه الأخير على إنشاء "مكتب إقليمي للدبلوماسية العربية".. ما أبرز أهدافه وما دوره؟
الهدف منه هو التعاون مع البرلمانات المحلية العربية في دعم الدبلوماسية البرلمانية، حتى يكون هناك قدرة عربية على التعاطي والتعامل مع المؤتمرات الدولية البرلمانية بشكل خاص.
كما أن إنشاء هذا المركز يأتي من أجل تأسيس وترسيخ منهجية متخصصة في مجال الدبلوماسية البرلمانية، فضلاً عن تفعيل دور هذه الدبلوماسية في تعزيز التعاون بين البرلمانات العربية.
ونتطلع إلى أن يكون المركز إقليميا في البداية ثم دوليا من خلال استقطاب خبرات عربية أولا، وبعض الخبرات الأجنبية التي قد يساهم وجودها في أن يكون المركز على مستوى عال من الكفاءة.
- البرلمان أعلن البدء في إنشاء لجنة جديدة ضمن لجانه خاصة بمكافحة الإرهاب.. ما آلية عملها؟
اللجنة ستسعى إلى تعزيز وتنسيق الجهود البرلمانية العربية في مكافحة الإرهاب، ووضع خطة عمل لبناء قدرات البرلمانيين العرب في مجال مكافحة الإرهاب.
ونسعى أن يكون لدينا إحصائيات وبيانات ومشاركات تظهر أن الدول العربية هي من اكتوت بنار الإرهاب، وأنها من أكثر الدول التي تعاني منه، وسيتم إعداد تقرير سنوي عن حالة الإرهاب في العالم العربي، يتم فيه رصد الأعمال الإرهابية التي تتعرض لها الدول العربية، ودراسة تطوراتها، نوعياً وكمياً، واقتراح السياسات والإجراءات الملائمة لمواجهتها.
- كيف سيتم تفعيل تلك اللجنة؟
سنعتمد على المشاركة في المؤتمرات الهامة ونبرز من خلال الإحصائيات الواضحة عدد الضحايا والمصابين في العمليات الإرهابية، للتأكيد على أن الدول العربية هي من تعاني من الإرهاب.
كما نريد أن نفصل ونميز بين سلوكيات معينة داخل بعض الدول وبين النهج العربي، حيث إن بعض السلوكيات لا تمثل العرب ولا المسلمين وإلصاقها بنا غير مقبول، لذلك سنشارك في المؤتمرات الدولية التي تتحدث عن الإرهاب ومعاناة الدول العربية منه.
- مليشيات الحوثي استهدفت مؤخرا محطة توزيع منتجات بترولية في جدة، وسبقه اعتداء على منشآت نفطية أخرى.. ما تعليقكم على تلك الانتهاكات.. وما السبيل لوضع حد لها؟
هذا هو الإرهاب الذي نتحدث عنه، وهو الذي يجب أن يحاربه العالم. فجماعة الحوثي المدعومة من إيران أفعالها هي الإرهاب الحقيقي، وللأسف بعض المنظمات والدول تتغاضى عنه.
يجب أن ندرك ونعي جيدا أن جماعة الحوثي تنفذ أجندة إيرانية، والنظام في طهران لا يريد الخير للخليج، لذا فإن الصمت على اعتداءاتها المتكررة خطأ كبير، لأنه يشجعها على التمدد في الإقليم ودعم من تشاء سواء الحوثي أو غيره.
- كيف نضع حدا لتلك الانتهاكات؟
يجب التعامل مع الحوثيين على أنها جماعة إرهابية من خلال الأمم المتحدة والمجتمع الدولي وغيرها من المؤسسات والبرلمانات الدولية، وأن يكون هناك إجراءات ضدهم وضد إيران. فما حدث ضد المملكة السعودية هو إرهاب واضح قامت به جماعة الحوثي، بدعم من طهران.
- ما خطورة التدخلات الإيرانية في أكثر من منطقة ودولة عربية؟
ما يحدث هو تدخل سافر في سيادة الدول مما يعرض الأمن القومي العربي للخطر، واللعب بمصير الشعوب ومقدرات الدول. وللأسف طهران تستغل تشتت وضعف بعض الدول، علاوة على استمرارها في تدخلاتها بالمنطقة مستغلة بعض الأزمات التي تمر بها بعض البلدان العربية.
- ما هي طبيعة المشروع الإيراني بالمنطقة.. هل هو سياسي أم مذهبي أم ماذا؟
المشروع تدميري.. تدميري، وإيران على استعداد لاستخدام جميع الوسائل من أجل تدمير الأمة العربية، بعد أن سخّرت إمكانياتها لذلك، وكان من الأفضل إن تسخر تلك الإمكانيات للشعب الإيراني.
المطلوب دور أكثر حسما ووضوحا ضد النظام الإيراني على الصعيد الدولي؛ لأن الكيل بمكيالين هو للأسف ما نراه كعرب، ولا نعرف إلى متى سيستمر، في ظل استمرار الهجمات الإرهابية الواضحة والمكتملة الأركان، والتي تسفر عن وقوع المزيد من الضحايا المدنيين الأبرياء والتعرض لأمن وسيادة بعض الدول، وهي أمور لا يجب السكوت عليها.
- بموازاة التدخلات الإيرانية، هناك تدخلات وتمدد لتركيا في العديد من دول المنطقة بأشكال مختلفة؟
الخطر التركي لا يختلف كثيرا عن الإيراني، ووجدنا خطوات من جانب مصر بقيادة الرئيس عبدالفتاح السيسي في التصدي الواضح للدور التركي في ليبيا، عبر وضع خطوط حمراء لا يجب تجاوزها، وما نأمله من الدول العربية وضع نفس الخطوط الحمراء أمام إيران أيضا.
- أيهما تمثل خطورة أكبر على الأمة العربية؛ طهران أم أنقرة؟
تركيا وإيران وجهان لعملة واحدة، وهما على درجة واحدة من الخطورة، ولديهما نفس الحقد التاريخي على العرب، ونشير هنا إلى التنسيق والتعاون والتفاهم الواضح بين الدولتين في العديد من الملفات بالمنطقة.
أنقرة وطهران تستغلان الخلافات العربية والضعف العربي، لذلك على جميع دولنا أن تعي ذلك، بأن الضعف لقمة سائغة لهما ولدول أخرى.
- هل يمكن مناقشة تفعيل استراتيجية عربية موحدة للتعامل مع الخطر التركي؟
في مايو/آيار الماضي أطلقنا مبادرتين للتصدي للتدخلات التركية والإيرانية، ونأمل أن ترى النور والتقدير الكامل، والبرلمان العربي يسعى لتفعيلهما، خاصة أن الجميع يعلم أن التدخل التركي والإيراني أصبح خطرا يجب عدم السكوت عنه.
وأتمنى أن يكون هناك استراتيجية عربية موحدة لمواجهة هذا الخطر وعدم وقوع المزيد من الخسائر.
- كيف تتابعون الحوار الليبي – الليبي الذي يجري حاليا لإنهاء الأزمة هناك؟
أنا متفائل في تلك المرحلة، فجلسات الحوار الليبي- الليبي تعطينا أملا كبيرا، وندرك جيدا أن الشعب الليبي واع ويستطيع حل مشكلاته بنفسه، من خلال دعم عربي. وبالفعل فإن المفاوضات الجارية حاليا ترسخ لمصالحة ليبية شاملة تستهدف أمن واستقرار البلاد.
- وماذا عن الشروط التي تراها واجبة لإنهاء الأزمة؟
الحوار الليبي الليبي لن ينجح ولن تنتهي معاناة الليبيين ولم شملهم، قبل خروج تركيا من البلاد، لأن النظام التركي يمارس انتهاكات حقيقية ضد سيادة الدولة، ويلعب دورا سيئا وخطيرا داخل ليبيا، بدعم أطراف معينة حتى لا يتم التوصل لإنهاء الأزمة، لأنهم بوضوح يريدون ليبيا بهذا الشكل الذي يضمن لهم الاستحواذ على مقدراتها وثرواتها.
كما أن بقاء تركيا في البلاد سيؤدي إلى تمددها داخل الأمة العربية، وهو أمر مرفوض تماما ومحزن في نفس الوقت.
ونؤكد في هذا الصدد أن الأزمة الليبية ليست بالأزمة التي يصعب حلها لكن تحتاج إلى وجود إرادة ليبية حقيقية، وهو ما لمسناه جميعا من خلال الحوار، علاوة على رفع أنقرة وغيرها يدها عن ليبيا.
- وما دور البرلمان العربي لإنهاء الأزمة؟
نحن ندعم بقوة الحوار الليبي الليبي، ونرحب بأي دور ينهي الأزمة ويحقق استقرار البلاد، ونسعى قدر الإمكان أن يكون لنا دور في ليبيا كبرلمان عربي، ودائما ما ندعو لحل الأزمة من خلال الليبيين فقط.
ونشير هنا إلى أن أحد أعضاء البرلمان العربي يشارك في جلسات الحوار الليبي – الليبي.
- كيف ترى خطر الإخوان على المنطقة والعالم؟
خطر تنظيم الإخوان واضح جدا على المنطقة والعالم، ونحن نرفض بشكل واضح وصريح أن يتم زج الدين الإسلامي بأي سلوكيات خاطئة.. ديننا دين سماحة وسلام، وحصر الدين في طائفة معينة خطر.
- على صعيد القضية الفلسطينية تحديدا.. ما هي سبل دعم البرلمان العربي للقضية؟
نؤمن بقيام الدولة الفلسطينية، ونعتبر أن القضية الفلسطينية هي القضية المحورية والكبرى للعرب، ولن يلهينا عنها أي موضوع آخر، ونريد القدس عاصمة لدولة فلسطين.
ونؤكد في أكثر من مناسبة على ضرورة الالتزام بالمبادرات العربية والأممية لحل عادل للقضية الفلسطينية.
- أخيرا.. ما الرسالة التي تود أن يوجهها البرلمان العربي لدولة الإمارات في احتفالات اليوم الوطني الـ49؟
نقدر ونشيد بالإنجازات الكبيرة التي حققتها دولة الإمارات العربية المتحدة الشقيقة، من تقدم ملموس في جميع المجالات وعلى كافة المستويات.
وما نراه يسعدنا كعرب رؤية هذا التطور والنهضة والعمران، والذي يأتي استكمالا للمسيرة والنهج الذي أرساه مؤسس الاتحاد، وباني نهضته الحديثة، المغفور له بإذن الله، الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، الذي كان رمزاً عربياً وعالمياً ورائداً للعمل الإنساني.