تحدي القراءة العربي.. العقبات عندما تتحول إلى فرص ذهبية
تشكل مبادرة تحدي القراءة التي أطلقها الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس دولة الإمارات رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، دعما مهما للغة الضاد.
وجاء إطلاق المبادرة التي تشكل أكبر مشروع عربي في العام الدراسي 2015 – 2016، في وقت تواجه فيه اللغة العربية تحديات كبيرة على الصعد كافة، فالمحتوى العربي يشكل من 1 إلى 3% من إجمالي المحتوى المتوفر عالمياً، واللغة العربية بحاجة إلى المبادرات العملية الداعمة لبناء حراك قرائي شامل، والقراءة تتراجع ليحل محلها الاستهلاك السريع للمحتوى الرقمي المرئي على المنصات الرقمية.
ويأتي تحدي القراءة العربي ليستشرف واقع التعليم وأدوات وآفاق الإنتاج المعرفي في العالم العربي والمصاعب والعقبات والتحديات التي تواجه لغة الضاد، بدقة متناهية، ويحيي الشغف بالعلم والاهتمام باكتساب المعرفة والتعرف على العلوم والآداب والثقافات والشعوب.
وحققت المبادرة، ولا تزال، إنجازات نوعية فريدة تسهم في تأهيل النشء وإعداد أجيال عربية معتزة بقدراتها وإمكاناتها، منفتحة على العالم الواسع بفضل هويتها المتجذرة ومعارفها الواسعة وشخصيتها المكتملة.
وبين الدورة الأولى والسادسة من التحدي القرائي الأكبر من نوعه باللغة العربية، ارتفع عدد الطلبة المشاركين فيه بنسبة 536% مما يعكس الأهمية المتنامية للتحدي في غرس حب القراءة باللغة العربية.
كما رسم تحدي القراءة العربي على مدى المواسم الستة الماضية خطاً بيانياً تصاعدياً، لم تردعه لا جائحة "كوفيد – 19" ولا موجات الهجرة الجماعية نحو المنصات الرقمية المرئية، واستطاع بالدعم اللامتناهي من الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، وتفاني فريق العمل، استعادة الزخم للقراءة والمطالعة باللغة العربية وتجديد وإذكاء الحماسة والشغف الكبيرين لدى الطلاب العرب بالقراءة من مختلف المراحل الدراسية.
اللغة العربية.. ميزات فريدة
وكان العصر الذهبي للغة العربية كلغة للعلوم والآداب والفلسفة قد شهد توليد الآلاف المؤلفة من المصطلحات العلمية الجديدة باللغة العربية، وكثير منها لايزال معتمدا إلى يومنا هذا في الجبر والهندسة وعلوم الأحياء والكيمياء والبصريات وعلم الاجتماع.
وقد أصبحت العربية في فترة من فترات التاريخ اللغة التي يسعى المتعلمون لإتقانها من مختلف أنحاء العالم القديم لفهم العلوم التي كتبها بها ابن الهيثم، والفارابي، وابن سينا، والبيروني، والزهراوي، وابن خلدون.
واليوم هناك عشرات المعاجم العلمية العربية التي تشمل مختلف تخصصات العلوم والمعرفة، وهي تشكل نتاج قرون من البحث والتنقيب في استخدامات العربية كلغة للعلوم.
ويضم معجم اللغة العربية أكثر من 10 ملايين كلمة، وهي إحدى اللغات الرسمية المعتمدة في الأمم المتحدة ويتحدث بها 422 مليون شخص حول العالم، ولها يوم دولي يحتفل بها، لكن هناك ضعف في الإقبال على قراءة الكتب باللغة العربية يقترن بتدني نسبة المحتوى العربي المتوفر على شبكة الانترنت.
عقبات تتحول لفرص
ستة أعوام مرت على ولادة تحدي القراءة العربي، كسر فيها التحدي مقولات كرست عداوة شديدة بين المطالعة وبين الأجيال العربية، خصوصاً النشء، حيث أثبتت أرقام المشاركات الواسعة للطلاب من مختلف أنحاء العالم أن العرب يقرؤون إذا ما توفرت لهم المبادرات الهادفة والداعمة وشغوفون بلغتهم إذا ما تمكنوا من الوصول إلى المحتوى المفيد بلغة الضاد.
ففي الوقت الذي شـهدت فيه الدورة الأولى مشـاركة نحو ثلاثة ملايين ونصـف مليون طالب وطالبة من مختلف الـدول العربيـة، قفز هـذا الرقم في الـدورة الثـانيـة ليتجـاوز حـاجز السبعة ملايين مشـاركة، فيمـا بلغ عـدد المشاركون في الدورة الثالثة 10 ملايين، بعدما اتخذ التحدي صفة العالمية.
وتزايد عدد المشاركين في النسخة الرابعة إلى 13 مليون مشــــارك، فيما استقطب التحدي في دورته الخامسة نحو 21 مليون مشاركة إلى أن جاءت الدورة السادسة، الأكبر في تاريخ التحدي، لتسجل أكثر من 22.27 مليون طالب وطالبة من 44 دولة.
غرس ثقافة القراءة
ومنذ الانطلاقة الأولى، وضع تحدي القراءة العربي ضمن قائمة أولوياتها مهمة غرس ثقافة القراءة لدى النشء باللغة العربية، من أجل إعادة الاعتبار للغة الضاد وتعزيز الاهتمام بها وبمحتواها، وتعزيز مكانتها التنافسية وسط لغات العالم الأساسية، وجعلها لغة تعلّم وإنتاج فكر وتعبير عن الذات وإبداع لدى الشباب العربي.
ووفرت مبادرات محمد بن راشد آل مكتوم العالمية التي يندرج التحدي تحت مظلتها، الرعاية والدعم الكفيلين بوصول الكتب إلى الطلبة، بالاستفادة من مختلف التقنيات والجهود. وحرص تحدي القراءة العربي على توفير كل أشكال الدعم الفني واللوجستي والمادي، والتسهيلات اللازمة لتشجيع الطلبة والمدارس على المشاركة في التحدي.
من خلال قراءة وتلخيص محتوى 50 كتاب لكل طالب شارك فيه منذ عام 2015 وحتى اليوم، لعب تحدي القراءة العربي دورا محوريا في استعادة جزء من المكانة الرفيعة المستحقة للغة العربية وساهم في الحفاظ عليها.
فحوّل التحديات إلى فرص ذهبية، وعزز الأمل، واستحضر الماضي المضيء للغة العربية، واستجاب لتطلعات عشرات ملايين الشباب العربي الطامح إلى تحقيق ذاته وبلورة قدراته، واستكشاف طاقاته الكامنة للوصول الى مستقبل واعد بالأمل والإنجاز من خلال القراءة والمطالعة واكتساب المعرفة.
aXA6IDMuMTQ0LjIzNS4xMzgg جزيرة ام اند امز