توكرة الأثرية.. «الانجراف» يهدد ثاني مدن حضارة الإغريق في ليبيا
ساحل برقة في شرق ليبيا الممتد لمئات الكيلومترات على البحر الأبيض المتوسط، هو موطن لمواقع أثرية مميزة تمّ المحافظة عليها لقرون طويلة.
وتعد أطلال مدينة "توخيرا"، المعروفة الآن بـ "توكرة"، والتي أسسها الإغريق حوالي 620 قبل الميلاد، واحدة من تلك المواقع المهددة بفعل حركة المد والجزر وارتطام الأمواج باليابسة.
المدينة الإغريقية الثانية في ليبيا
يبعد الموقع الأثري، الذي كان جزءا من المدن الخمس الليبية "بنتابوليس" التي أسسها الإغريق (قورينا، أرسينو، برنيق، أبولونيا وبوطلمايوس)، عن بنغازي بنحو 70 كيلومترا إلى الشرق.
وفي زيارة "العين الإخبارية" للموقع يحدثنا مدير مكتب آثار توكرة، صالح إبراهيم العرفي، بأن المدينة تعد من المدن الأثرية المهمة في إقليم "سيرينايكا" كثاني مدينة أسسها الإغريق بعد مدينة قورينا، وهي مثال للمدن المحصنة.
وفي أثناء مرافقته على شاطئ البحر، يشير مدير مكتب آثار توكرة بيده لبعض القطع والجدران الأثرية التي جرفتها الأمواج.
ويتابع العرفي بأسى وقلق: "المدينة تعاني من الانجرافات والانهيارات التي تحدث في فصل الشتاء في الجزء الشمالي المقابل لشاطئ البحر الأبيض المتوسط، وتأخذ أغلب معالم المدينة".
وعن أبرز معالم المدينة القديمة المهددة، يقول إن الموقع، الواقع على مساحة تقدر ما بين 5 و6 هكتار، يضم آثارا متعددة إغريقية ورومانية وبيزنطية، وتعد المقابر والأسوار والأبراج وشارع "الديكومانوس" والقلعة التركية- الإيطالية، أهم الآثار.
ويناشد مدير مكتب آثار توكرة مصلحة الآثار ووزارة السياحة التدخل العاجل لإنقاذ المدينة، قائلا: "نطالب الحكومة ومصلحة الآثار الاهتمام بهذا الجانب، ووضع خطة لتجنب المزيد من الانهيارات".
وشاهدت "العين الإخبارية" وجود انجراف للتربة بفعل الأمواج؛ ما يهدد بإلحاق مزيد من الضرر لهذا الموقع؛ إذ يمكن ملاحظة جانب من سور المدينة الشمالي، إضافة لبعض من القطع الأثرية المنهارة على الشاطئ.
حلول ممكنة
يشاطر رئيس قسم الشؤون الفنية بمراقبة آثار توكرة، عبد المولى سعد الطيب، مدير مكتب الآثار مخاوفه من الانجرافات، مؤكدًا لـ "العين الإخبارية"، احتياج المدينة إلى العناية والاهتمام؛ لأن "الانجرافات تسبب فقدان بعض المعالم تقريبا، ما بين نصف متر ومتر سنويا".
ويقول الطيب: "الانجرافات البحرية المستمرة التي وصلت لمسافة تقدر ما بين 500 و600 متر أدت إلى ظهور أساسات المباني والجدران والأعمدة والتيجان خاصة في الفترة البيزنطية والرومانية". ويضيف: "هذا مؤشر خطير يهدد المدينة".
ووفق الطيب فالحلول ممكنة، ويمكن العمل عليها الآن، وهي نقل القطع المهمة والاحتفاظ بها، ووضع كاسر أمواج للحد من الانجرافات، وهذا المشروع يحتاج لوقوف الدولة، ونحن فنيا قادرون على إسعاف ما تبقى من المدينة".
أمل مشاريع الإعمار
تقوم الحكومة الليبية المكلفة من مجلس النواب (مقرها بنغازي) من خلال صندوق تنمية وإعادة إعمار ليبيا بتنفيذ حزمة من المشاريع التنموية والعمرانية الكبيرة في عدة مناطق.
وعبّر المسؤولون في الآثار لـ"العين الإخبارية" عن أملهم في أن تشمل هذه المشاريع المواقع الأثرية من بينها توكرة، لما لها من أهمية تراثية كبيرة لجذب السياحة إلى البلاد.