الذكاء الاصطناعي يغير شكل رياضة كرة القدم.. كيف تبدو في المستقبل؟
يطرق الذكاء الاصطناعي أبواب كافة المجالات والصناعات في الوقت الحاضر، للاستفادة من نماذج الأتمتة والمساعدات الذكية لتحقيق التطور.
وقد أثبت ذلك النتائج الإيجابية للاعتماد على الذكاء الاصطناعي في القطاع الصناعي، ولم يختلف الأمر كثيرا بالنسبة للرياضة.
وفي الوقت الحالي يتطلع الخبراء في مجال كرة القدم، لمستقبل مشوق لهذه الرياضة في ظل الذكاء الاصطناعي وما تحمله من تطورات.
وبحسب تقرير جديد لنيويورك تايمز يمكن التطلع لشكل مستقبل الرياضة في حال الاعتماد على الذكاء الاصطناعي في مختلف جوانبها.
ويقول "لي موني"، الذي كان رئيسا لتحليل البيانات في مجموعة "سيتي" لكرة القدم لمدة ست سنوات، أنه من الممكن تماما أن يتمكن الذكاء الاصطناعي من محاكاة بيانات كرة القدم في 24 ساعة أكثر مما تم لعبه على المستوى الاحترافي في العالم الواقعي طوال تاريخ اللعبة الذي يمتد لـ150 عاما".
وذكر "موني" في تصريحاته التي نقلتها الصحيفة الأمريكية "فكر في عدد المباريات التي يمكن أن يلعبها بيب غوارديولا ويديرها ويشاهدها، إذا عدت إلى كل جيل أدى إلى وجوده حيث هو الآن، من خلال يوهان كرويف ورينوس ميشيلز، فمن المحتمل أن يتم محاكاة هذه التجربة المركبة في غضون ساعات قليلة فقط بفضل الذكاء الاصطناعي".
وتابع بقوله "إن كل هذه المعرفة ستسهم بحل المشكلات بشكل مثالي في عقل اصطناعي واحد، من شأنه أن يوفر إمكانات رائعة لتكتيكات جديدة، وطرق تدريب، وطرق قياس الأداء، والتعرف على مهارات التدريب البشري والحكم على الموهبة".
كرة القدم في اتجاه الذكاء الاصطناعي
وقد يبدو الأمر مما قد يتحقق في المستقبل البعيد، لكن الحقيقة أن كرة القدم تتجه بالفعل في هذا الاتجاه، والمثال الأكثر شهرة هو تعاون ليفربول مع Google DeepMind لتحسين استراتيجية الركلات الركنية باستخدام الذكاء الاصطناعي.
وأسس "لي موني" قسما رائدا للذكاء الاصطناعي في مانشستر سيتي قبل أن تظهر منصة تحليلات MUD Analytics، التي تعمل الآن مع أندية في الدوري الإنجليزي الممتاز، والبطولة الإنجليزية، والدوري الاسكتلندي الممتاز، والدوري الأمريكي لكرة القدم.
وهو على دراية تامة بكيفية دمج التكنولوجيا الجديدة في الرياضة وتحويل الأساليب القديمة.
وتسمح تقنية الذكاء الاصطناعي لأجهزة الكمبيوتر بالتعلم وأداء المهام وحل المشكلات التي تتطلب عادة ذكاء بشريا، ويتم تدريبه على كميات هائلة من المعلومات وتحاكي مليارات المتغيرات، وتحدد الأنماط المستقبلية وتتنبأ بها.
وعلى الرغم من أنه لا يزال هناك بعض الخطوات التي يتعين اتخاذها فإن التقدم في بيانات تتبع اللاعبين تدفع الخبير " لي موني" لأن يعتقد أن كرة القدم يمكن أن تصل إلى النقطة التي تدرب فيها الأندية الذكاء الاصطناعي لمحاكاة المباريات ضد خصومها القادمين، ونمذجة اللاعبين الأفراد بناءً على صفاتهم الفنية والميكانيكية وإنتاج رسوم متحركة ثلاثية الأبعاد لكيفية لعب الخطط في الحياة الواقعية.
ويقول موني "يمكنك الإعداد لمواجهة مانشستر سيتي، وتدريب أداة الذكاء الاصطناعي لفهم كيفية لعبهم، وما نقاط قوتهم وضعفهم الفردية، ثم لعب المباراة ملايين المرات للعثور على الاستراتيجيات الأكثر كفاءة للتغلب عليهم باللاعبين لديك".
هذا ما قد يكون عليه مستقبل الرياضة باستخدام الذكاء الاصطناعي، كما سبق أن تحقق في وقت مبكر من التسعينيات في رياضة الشطرنج على سبيل المثال.
وأضاف "موني" بقوله "ندرب طياري الخطوط الجوية في أجهزة المحاكاة قبل الطيران، لأننا في حاجة إلى معرفة أنها آمنة، إن هذا النوع من الذكاء الاصطناعي قد يمنح المدربين ملعبًا آمنًا خاصًا بهم للمخاطرة واستكشاف عالم أوسع بكثير من التكتيكات والحلول، قبل المخاطرة بوظائفهم".
ويمكن للرسوم الافتراضية بعد ذلك أن تظهر أكثر هياكل البناء فعالية للتغلب على خطط وتكتيكات الفريق المنافس، ومدى سرعة الضغط، والهيكل الذي يجب تجنبه في اللعب، وبذلك يتم تدريب التكنولوجيا على فهم اللعبة في مساحة افتراضية لإبلاغ القرارات الصحيحة في العالم الحقيقي.
ويقول "موني" "سيؤدي هذا التوجه إلى مجموعة قوية من المبادئ العامة التي تظهر أفضل الحلول لمواجهة أكبر التحديات، هناك أيضا إمكانية التعرف على ما إذا كان اللاعبون يتراجع أدائهم في اللعبة أو ما إذا كان اتخاذهم للقرار أصبح معرضا لعوامل أخرى وبالتالي يوصي باستبدالهم مباشرة".
وربما كانت وتيرة التغيير في التكنولوجيا سريعة وفتحت الإمكانات لهذه الأفكار الطموحة لتصبح أهدافا واقعية، ولكن هناك تحذير من الواقعية عندما يتعلق الأمر بتنفيذها.
وهنا يقول موني "إن تنفيذها داخل إطار النادي يتطلب استقرار رؤية القيادة والتمويل، وهما سلعتان نادرتان في كرة القدم".
ما الذي يعنيه الذكاء الاصطناعي لمستقبل الرياضة؟
وربما كان الأمر يبدو وكأنه عالم غامض وبعيد المنال منذ وقت قريب، لكن تأثير الذكاء الاصطناعي أصبح محسوسا بشكل متزايد في مكان العمل، وكرة القدم ليست استثناء.
وكثيرون غير متأكدين من كيفية ظهوره، لكن استخدامه في مجالات التوظيف والتدريب واللياقة البدنية والطبية سيتسارع، كما حدث في الرياضات الأخرى.
وحسب "نيويورك تايمز"، تحدثت The Athletic إلى شخصيات بارزة في كرة القدم في هذه المجالات لفهم ما قد يعنيه الذكاء الاصطناعي لمستقبل الرياضة، واتضح ما يلي:
65 % من كشافي الدوري الإنجليزي الممتاز ودوري كرة القدم الذين شملهم استطلاع أجرته مجلة The Athletic يعتقدون أن الذكاء الاصطناعي سيؤثر على دورهم في السنوات الخمس المقبلة في هذه المهنة وبهذه الرياضة.
أيضا اتضح أن بعض الأندية بدأت في استخدام نماذج لغوية كبيرة مثل ChatGPT، لتقليل الحاجة إلى قيام الأشخاص بقراءة مئات التقارير الكشفية عن المواهب الصاعدة.
وكشف الاستطلاع عن أن ثورة تحليلات البيانات في كرة القدم التي كانت مدفوعة في البداية من قبل خبراء خارج كرة القدم، تشهد الآن صراع لتغيير هذه الثقافة.
ويقول الاستطلاع أيضا أن فرق مثل برشلونة، تتعاون مع جهات للابتكار على دراية بالصناعة، مثل شركة علوم، Omniscope، والتي تهدف إلى استخدام الذكاء الاصطناعي لمنع الإصابات وإطالة حالة الذروة للاعبين.
وفي نوفمبر/تشرين الثاني استغنى نادي "برايتون أند هوف ألبيون"، الذي يستغل أدوات البيانات التي يمتلكها مالكه ورئيسه توني بلوم في مجال التوظيف، عن غالبية كشافيه الكبار المتفرغين.
ويجدر الإشارة إلى أن انتشار تحليلات البيانات في كرة القدم على مدى السنوات الخمس عشرة الماضية يعني أنه لا يوجد نادٍ في الدوري الإنجليزي الممتاز بين الأندية العشرين الآن لا يستخدم البيانات كأسلوب أولي في عملية الكشف عن المواهب، ولكن الوسيلة الجديدة التي سيعتمد عليها مستقبلا كإضافة هي الذكاء الاصطناعي.