شبح الاغتيالات في تونس.. مخطط إخواني لإرباك المشهد
عاد شبح الاغتيالات السياسية إلى تونس، بعد إزاحة الإخوان عن الحكم، عقب عشرية سوداء حكموا فيه البلاد، وأدخلوها في حالة من الفساد السياسي والاقتصادي.
ومنذ أسبوع، أعلن الرئيس التونسي قيس سعيد بشكل صريح عن "مؤامرات" تحاك ضد بلاده، وعن مخططات لاغتيال عدد من المسؤولين.
وحذر سعيد، خلال إشرافه على اجتماع مجلس الوزراء، التونسيين "مما يدبر اليوم من قبل بعض الخونة، الذين باعوا ضمائرهم للمخابرات الأجنبية يخططون لاغتيال عدد من المسؤولين وهناك مكالمة هاتفية تتحدث عن يوم الاغتيال."
ولا تبدو الأيادي الإخوانية بريئة من مخطط الاغتيالات، حيث سبق أن ألمح الرئيس التونسي عقب آخر تهديد له بالتصفية الجسدية في شهر أغسطس/آب الماضي، بأنه يتهم أطرافاً سياسية مرجعيتها دينية متطرفة بالسعي إلى تدبير ما وصفه بمحاولات يائسة تصل حد التفكير في الاغتيال.
وتمكنت السلطات الأمنية التونسية، حينها من الإطاحة بإرهابي خطط لاغتيال الرئيس خلال زيارة كان سيؤديها إلى إحدى المدن الساحلية، الواقعة شرق تونس.
والمشتبه به هو تونسي الجنسية ينتمي لتنظيم داعش الإرهابي، وتسلل من ليبيا حيث تلقى تدريباته هناك.
تاريخ إخواني حافل بالاغتيالات
تاريخ إخوان تونس حافل بالعمليات الإرهابية، انطلاقا من محاولة اغتيال الرئيس الراحل الحبيب بورقيبة عام 1987، مرورا بمحاولتهم اغتيال سلفه زين العابدين بن علي سنة 1991، في مدينة براكة الساحل التابعة لمحافظة نابل (شرقي البلاد).
كما أن حركة النهضة الإخوانية متهمة بالتورط في مقتل القياديين اليساري شكري بلعيد والقومي محمد البراهمي خلال سنة 2013.
ويرى مراقبون أن أطرافا سياسية تعادي الرئيس التونسي بشكل واضح لتتجاوز مجرد الخصومات السياسية وتحاول استهدافه، وإزاحته من الحكم لزعزعة الاستقرار الأمني التونسي.
هذه المعاداة ارتفعت بعد أن شن قيس سعيد عليهم الحرب وأبعدهم من المشهد السياسي وقطع دابرهم وسد كل المنافذ من حولهم بعد اجراءات 25 يوليو/تموز الماضي حين جمد نشاط البرلمان التونسي ورفع الحصانة على النواب وأعفى رئيس الحكومة التونسية هشام المشيشي.
ويرى عبد المجيد العدواني، الناشط والمحلل السياسي، أن جميع المعطيات التي قدمها قيس سعيد بخصوص محاولات التصفية دقيقة وصحيحة فبصفته أعلى هرم في السلطة التنفيذية والقائد الأعلى للقوات المسلحة يمتلك ما يكفي من الأجهزة سواء كانت المخابرات العسكرية.
وأكد العدواني في تصريح خاص لـ"العين الإخبارية" أن تقارير أمنية ومخابراتية تصل سعيد يوميا بناء عن عمل أمني جبار تقوم به قوات الأمن والجيش، لذلك فإن كل المعطيات مؤكدة ومثبتة وموثقة.
وتابع أن قيس سعيد يمتلك الآن كل الوسائل من أجل محاسبة كل من يهدد الأمن التونسي، موضحا أن أمن البلاد مخترق منذ عام 2011 منذ وصول الإخوان للحكم وقد عرفت البلاد عمليات اغتيال سياسي لم يكشف حتى اليوم عن المتورطين فيها، لكن جميع الأصابع تتجه نحو الجهاز السري لحركة النهضة الاخوانية.
وكانت هيئة الدفاع عن الشهيدين شكري بلعيد والقيادي القومي محمد البراهمي (اغتيلا سنة 2013)، قد كشفت سابقا عن وجود جهاز سري لحركة النهضة، أحكمت عبره سيطرتها على الدولة وأجهزتها طيلة السنوات الماضية.
تشديد الحراسات
بدوره، حذر الهادي الكافي الناشط السياسي من خطورة الانتقال من التهديد إلى تنفيذ الاغتيالات على أرض الواقع خاصة وأن البلاد لم تعد تحتمل أي نكبات جديدة.
وأكد في تصريحات لـ"العين الاخبارية" أنه لا يجب أن تمر هذه التهديدات مرور الكرام بل يجب اتخاذ جميع الإجراءات والقرارات والأحكام ومحاسبة كل من يحاول التخطيط للمساس بأمن البلاد وتنفيذ جرائم ارهابية لإدخال البلاد في مستنقع جديد بعد أن حاول قيس سعيد مليا لإخراجها منه وإنقاذ البلاد من براثن الارهابيين.
وأكد أنه يجب تشديد الحراسات الأمنية على جميع المسؤولين الذين وصلتهم تهديدات بالتصفية من أجل إنقاذ أرواح التونسيين.
والجمعة، فتحت النيابة العمومية في تونس، تحقيقا حول ما أفاد به قيس سعيّد، حول رصد مكالمة تضمنت مقترحا لاغتيال مسؤولين بالدولة.
وفي يونيو/حزيران الماضي، قال سعيد، خلال اجتماع برؤساء الحكومات السابقة في بلاده، إنه "لا يجب أن يكون الحوار للبحث عن صفقات مع الداخل أو الخارج.. من يريد الحوار لا يذهب للخارج سرا للبحث عن إزالة رئيس الجمهورية بأي شكل من الأشكال حتى بالاغتيال".
ولم يسم الرئيس التونسي أشخاصا أو جهات آنذاك، غير أن التصريح أثار لغطا واسعا في ظل حالة الاستقطاب السياسي الذي تشهده البلاد.
وفي يناير/ كانون الثاني الماضي، أعلنت الرئاسة التونسية، وجود مخطط لاستهداف الرئيس سعيّد بظرف (طرد) مسموم وصل قصر قرطاج، وتسبب آنذاك في إصابة مديرة الديوان الرئاسي نادية عكاشة بوعكة صحية مؤقتة.
aXA6IDMuMTcuNzkuMTg4IA== جزيرة ام اند امز