"أطلس إسني".. "24 أغسطس" اليوم الأسود في العلاقات المغربية الجزائرية
على الرغم من الخلافات، كانت العلاقات بين المغرب والجزائر أكثر انفتاحاً بالمقارنة مع اليوم، خاصة أن الحدود كانت مفتوحة بين الجارتين.
إلا أن حدثاً غيّر مجرى الأمور، وفجر العلاقات بين البلدين، لتُغلق الحُدود، وتُفرض التأشيرات، وبعد 27 عاماً، وفي نفس اليوم، تُعلن الجزائر قطع علاقاتها مع جارتها الغربية.
حدث إرهابي
كانت الأهازيج الفلكلورية الأعلى صوتاً تلك الليلة بمدينة مراكش، البهجة تعم المدينة كالعادة، والنكتة تتناقل بين ألسن أهلها، قبل أن تتغير الأوضاع، ويُخرص الرصاص الحي أهازيج ساحة جامع الفنا، وأخبار الموت تُلجم الألسن من هول الصدمة.
ففي الرابع والعشرين من أغسطس/ آب من العام 1994، اهتز المُراكشيون، ومعهم المغاربة أجمع على وقع أول عمل إرهابي تعرفه المملكة، مُسلحون يستهدفون فندق "أطلس إسني" بمدينة مراكش.
التحقيقات التي باشرتها المصالح الأمنية في الممكلة المغربية، بتعاون مع نظيرتها الفرنسية، خلصت إلى أن مُنفذي الهجوم الثلاثة هم من جنسيات جزائرية.
السلطات المغربية اتهمت المُخابرات الجزائرية بالوقوف وراء هذا الحادث الذي صُنف كأول حادث إرهابي تشهده المملكة المغربية في تاريخها.
وتم اعتقال ثلاثة أشخاص جزائريين حاصلين على الجنسية الفرنسية هم هامل مرزوق واستيفن آيت يدر ورضوان حماد، حيث تم إدانة اثنين بالسجن المؤبد وواحد بالإعدام.
وخلفت هذه العملية سبعة وثلاثين قتيلا من نزلاء الفندق وجريحا واحدا من جنسية فرنسية.
إغلاق للحدود
وإلى جانب اتهام المخابرات الجزائرية بالوقوف وراء هذا العمل، قررت المملكة المغربية فرض تأشيرة على الجزائريين الراغبين في دخول ترابها.
القرار المغربي، لم تقبله الجارة الشرقية للمملكة، لتقوم الجزائر بإغلاق حدودها البرية مع المملكة مع فرض التأشيرة على المغاربة أيضاً.
وفي الحادي والثلاثين من شهر يوليو/تموز من العام 2004، قررت المملكة المغربية إعفاء الجزائريين من التأشيرة لدخول ترابها.
عام واحد بعد ذلك، وخلال اتصال هاتفي جمع العاهل المغربي الملك محمد السادس، بالرئيس الجزائري السابق عبد العزيز بوتفليقة، قرر الأخير السماح للمغاربة بدخول الجزائر بدون تأشيرة، لكن دون فتح الحدود بين البلدين.
وقبل شهر، دعا العاهل المغربي، الملك محمد السادس إلى فتح الحدود بين المملكة المغربية والجارة الشرقية الجزائر، مشدداً على ضرورة عقد لقاء ثنائي بينه وبين الرئيس الجزائري عبدالمجيد تبون.
وقال الملك محمد السادس في خطابه بمناسبة الذكرى الثانية والعشرين لجلوسه على العرش، "إن الوضع الحالي للعلاقات ليس في مصلحة شعبينا وغير مقبولة من العديد من الدول"، مضيفا أن "الحدود المفتوحة هي الوضع الطبيعي بين بلدين جارين، لأن إغلاق الحدود يتنافى مع حق طبيعي ومبدأ قانوني أصيل تكفله المواثيق الدولية".
واعتبر أن "الحدود المغلقة لا تقطع التواصل بين الشعبين، وإنما تساهم في إغلاق العقول، التي تتأثر بما تروج له بعض وسائل الإعلام، من أطروحات مغلوطة، بأن المغاربة يعانون من الفقر، ويعيشون على التهريب والمخدرات".
قطع للعلاقات
وبعد 27 عاماً، وبالضبط في نفس تاريخ الهجوم على الفندق المغربي، أعلنت الجزائر قطع علاقاتها الدبلوماسية مع المملكة المغربية، وذلك في مؤتمر صحفي لوزير الخارجية الجزائري رمطان لعمامرة.
وشدد لعمامرة على أن ذلك "لا يعني بأي شكل من الأشكال أن يتضرر المواطنون الجزائريون المقيمون بالمغرب أو المغربيون المقيمون في الجزائر".
وأشار إلى أن "القنصليات تباشر عملها مثلما هو تقليد في العمل الدبلوماسي والقنصليات تقوم بعملها القنصلي المحض دون أن تتجاوز حدودها".
وقبل إعلان القرار، سرد لعمامرة أسباب ومبررات الجزائر لخطوتها مع جارتها الشرقية، ووجه اتهامات للرباط قال إنها "استهدفت أمن الجزائر" ووصفها بـ"الأعمال العدائية"، على حد وصفه.
وأشار إلى أن "الاستفزاز المغربي بلغ ذروته عندما طالب ممثل المغرب في الأمم المتحدة باستقلال منطقة القبائل، وهو ما يؤكد أن الرباط تخلت عن التزاماتها في عملية تطبيع العلاقات بين الجزائر والمغرب".
وسبق أن دعا العاهل المغربي الملك محمد السادس، الجزائر إلى "بناء علاقة ثنائية أساسها الثقة وحسن الجوار، لأن الوضع الحالي لهذه العلاقات ليس في مصلحة شعبينا، وغير مقبولة من العديد من الدول".
وتابع خلال خطابه بمناسبة عيد العرش مطلع الشهر الجاري: "أؤكد لأشقائنا أن الشر والمشاكل لن تأتيكم من المغرب، لأن ما يمسكم يمسنا وما يضركم يضرنا.. أمن وطمأنينة الجزائر من أمن وطمأنينة المغرب.. ما يمس المغرب يمس الجزائر".
وأردف: "المغرب والجزائر يعانيان معا من مشاكل الهجرة والتهريب والاتجار في البشر، وهذا هو عدونا الحقيقي.. وإذا عملنا سويا على محاربتها سنتمكن من الحد من نشاطها وتجفيف منابعها".
أعربت الخارجية المغربية عن أسفها لقرار الجزائر "غير المبرر" بقطع العلاقات، نافية الأسباب التي ساقها وزير الخارجية الجزائري في قراره بقطع العلاقات.
وقالت الخارجية المغربية، في بيان وصلت "العين الإخبارية" نسخة منه، إن القرار الجزائري جاء من جانب واحد وسنعمل باستمرار على أن نكون صادقين في علاقات مسؤولة مع شركائنا، وننفى جملة وتفصيلاً الأسباب التي ساقها وزير الخارجية الجزائري في قراره بقطع العلاقات مع المغرب.
وعبرت المملكة عن أسفها على هذا القرار الذي وصفته بـ"غير المبرر"، موضحة أنه كان "متوقعاً في ضوء منطق التصعيد الذي لوحظ في الأسابيع الأخيرة".
وأضافت الخارجية المغربية أن المملكة تأسف لتداعيات القرار من جانب واحد على الشعب الجزائري، مشددة على أن المغرب سيعمل باستمرار على أن يكون شريكا قويا وصادقا وحكيما في علاقات مسؤولة وبناءة لتطوير علاقاته مع شركائه.
aXA6IDMuMTQ0LjQzLjE5NCA= جزيرة ام اند امز