خبيرة دولية في علاج التوحد تكشف لـ«العين الإخبارية» أسرار «مرض المشاهير» (حوار)
نجاح كبير حققه المسلسل المصري "حالة خاصة"، الذي يناقش مرض طيف التوحد وما يعانيه أصحابه من صعوبات رغم امتلاكهم قدرات خاصة ومميزة.
وسلط العمل الدرامي الضوء على فئة بعينها من مرضى التوحد وهي "اسبرجر"، التي يمتلك مرضاها قدرات عقلية أعلى من باقي البشر ومنها خرج الكثير من المبدعين والمشاهير.
"العين الإخبارية" أجرت حوارا مع الدكتورة سناء عبدالرؤوف بدوي، خبير استشاري دولي ودكتوراه في علاج التوحد، للحديث عن ماهية اضطراب طيف التوحد وأسبابه وعلاماته المميزة، ولماذا يعد "مرض المشاهير"، وأهمية اكتشافه مبكرا وعلاجه.
والمختصة في علاج التوحد حصلت على ماجيستير تخاطب وتنمية مهارات، وماجيستير تركيز وانتباه وتعديل سلوك، ودبلوم علاج نفسى واسري، وتعمل استشاري تخاطب وتنمية القدرات وتعديل سلوك وصعوبات تعلم.
وإلى نص الحوار:
ما هو مرض التوحد؟
أصل كلمة توحد كلمة إغريقية تنقسم إلى نصفين، الأولى وتعني النفس أو الذات والثانية تعني الإغلاق، ليصبح معنى التوحد "الانغلاق على الذات"، وعرفت منظمة الصحة العالمية هذا المرض على أنه "اضطراب نمائي يظهر في السنوات الثلاث الأولى من عمر الطفل".
وبالتالي، فإن المصاب لا يمكن تشخيصه بالتوحد إذا تخطى عمره 3 سنوات (36 شهرا)، ومن يحمل علامات التوحد بعد هذا العمر يطلق على مرضه "اضطراب نفسي".
وقد يحمل هذا المرض، في الطب النفسي للأطفال، اسم "التوحد الطفولي المبكر"، للإشارة إلى كون علامات التوحد لا بد أن تظهر في المرحلة الطفولية المبكرة وليس في مرحلتي المراهقة أو الشباب.
ماذا عن أبرز أسباب الإصابة بالتوحد؟
هناك مجموعة من الأسباب التي تؤدي إلى الإصابة بهذا المرض، الذي يمكن اكتشافه بعمر 6 أشهر، وتشمل:
- أسباب اجتماعية
كثرة المشاكل في الأسرة تؤدي إلى إصابة الطفل بالتوحد، بداية من فترة الحمل إذ تحدث المشاكل تغييرا في هرمونات الأم وتؤدي لإصابتها بالاكتئاب (اكتئاب حمل مزمن) وأحيانا تناولها أدوية لعلاج الحالة، وبالتالي هذه الحالة مؤشر على ولادة طفل مصاب بالتوحد بنسبة كبيرة.
أيضا لو كانت الأم تعاني من بعض الأمراض النفسية في وقت الحمل، مثل الوساوس أو القلق المستمر أو أمراض مثل الحصبة الألماني، فبنسبة كبيرة يولد طفل يعاني من التوحد أو أزمة نفسية.
وعموما، الإهمال في الأسرة والمشاكل ونوبات الغضب المتكررة والشدة والعصبية في التعامل والتهديدات والانفصال كلها أسباب تجعل الصغير دائما منسحبا وخائفا من المحيط الاجتماعي ويبدأ في الانطواء على الذات والعزلة الاجتماعية.
- أسباب نفسية
عدم التفاعل الأسري للطفل نتيجة الانفصال المبكر هي أبرز الأسباب النفسية التي تقود لإصابة الصغير بالتوحد.
- أسباب جينية وراثية
هناك عدد كبير من الأطفال يعانون من المشاكل الجينية الوارثية التي قد تظهر في الأسرة الواحدة نتيجة خلل في الجينات.
- أسباب عصبية
عند إجراء فحص الرسم الكهربائي للدماغ ظهرت بعض التغيرات في الموجات الكهربائية لدى أطفال التوحد، كما وجدوا أن هناك اختلافا في نسبة المادة البيضاء والرمادية، فضلا عن اختلاف في كيمياء الدماغ.
- أسباب بيولوجية
الطفل المصاب بطيف التوحد يعاني من خلل في النظام البيولوجي، وحاليا كل التطلعات عالميا هي للأسباب البيولوجية، وأحدث توجه في مدارس التشخيص والعلاج هو لفئتي الأسباب الجينية والبيولوجية.
ومن ضمن المشاكل البيولوجية أيضا معاناة أطفال التوحد من مشاكل في الجهاز الهضمي نتيجة عدم القدرة على امتصاص العناصر النشوية، لذا يعانون دائما من إمساك مزمن وآلام في المعدة.
- أسباب إدراكية وعقلية
وجد عند أطفال التوحد انخفاض في بعض نشاط القدرات العقلية المختلفة، ورغم أن من ينتمون لمتلازمة اسبرجر يتميزون بالذكاء، مثل بطل مسلسل "حالة خاصة"، فإن فئات أخرى من المرض يعاني أصحابها من تأخر في الإدراك واضطراب في النطق وافتقار للقدرة على فهم الآخرين وفهم أنفسهم.
- أسباب بيوكيميائية (بيولوجية كيميائية)
بعض الباحثين خلصوا إلى أن الإصابة بالتوحد تكون نتيجة خلل في مستوى تركيز بعض النواقل العصبية في الجهاز العصبي المركزي لديهم.
وما هي أبرز علامات الإصابة بالتوحد؟
أعراض التوحد بسيطة وتكون ظاهرة للغاية، وتشمل:
- الانعزالية
- اضطراب في اللغة
- الحركات النمطية
- اضطرابات حسية
- عدم الاستجابة للتفاعل الاجتماعي
تحدثنا سابقا أن المرض يصيب الصغار لكن البعض يتحدث عن التوحد عند الكبار، هل الوصف دقيق؟
لا، ما يعاني منه الكبار يطلق عليه "الانعزالية" وليس توحدا، وهي حالة يكون فيها الطفل يعاني من التوحد منذ الصغر لكن لم يتم تشخيصه أو علاجه فيكبر ومعه المرض.
هل التوحد على علاقة بأمراض نفسية أخرى؟
بالتأكيد يقود التوحد لبعض الأمراض الأخرى، مثل التأخر النمائي، وبعض الاضطرابات النفسية مثل الوساوس والانفصام، وأحيانا فرط الحركة.
وللعلم، قد يخلط البعض بين التوحد والوساوس والاكتئاب وفرط الحركة نتيجة تشابه بعض الأعراض، فمثلا فرط الحركة يجعل المصاب يعاني من عدم التواصل البصري الجيد ويكون متأخرا في اللغة، وهي ذاتها من أعراض التوحد، لكن عند تشخيص المختص يستطيع التفرقة بينهما لقدرته على فهم المرضين.
وماذا عن أنواع التوحد؟
يندرج تحت التوحد الأنواع التالية:
- متلازمة اسبرجر
- التوحد الكلاسيكي
- متلازمة هيلر
- التوحد غير النمطي
- التوحد الخفيف
ما مدى شيوع اضطراب طيف التوحد؟
للأسف، نسبة التوحد باتت في زيادة على مستوى العالم على الرغم من الاكتشافات الجديدة فيما يتعلق بهذا المرض نتيجة زيادة المثيرات العصبية بشكل كبير، فمثلا الانعزال والتفكك الأسري بات أعلى، وأيضا الارتباط بالتكنولوجيا ارتفع، فضلا عن أن السموم البيئية باتت أكثر مما مضى، وبالتالي هذا الوضع المتكامل يزيد من نسب الإصابة بالتوحد.
لماذا يطلق على التوحد "مرض المشاهير"؟
مبدئيا هناك أنواع من التوحد لا تكون مصحوبة بإعاقة ذهنية مثل "اسبرجر"، ويتمتع المصابون في هذه الفئة بقدرات عقلية أعلى من الطفل الطبيعي وبطريقة تفكير مختلفة وبالتالي يكونون مميزين.
وأبناء "اسبرجر" كثر وبعضهم مشاهير مثل ألبرت آينشتاين واحد من أعظم علماء الفيزياء، ليونيل ميسي لاعب كرة القدم العالمي، والرسام الهولندي فان جوخ، والعبقري بيل جيتس وغيرهم كثر.
إذا، لا يحول التوحد دون الإبداع والتميز؟
إذا لم يكن التوحد مصحوبا بإعاقة ذهنية فإنه لا يعاني من مشكلة باستثناء التأخر (اضطراب نمائي) فقط، وبالتالي يكون مبدعا، خصوصا في حال اكتشاف الأسرة مبكرا لمرض الطفل وخضوعه للعلاج والاستثمار في قدراته، إذ يتواكب الطفل مع المجتمع ويبدع.
لكن إذا كان التوحد مصحوبا بإعاقة ذهنية فهنا تكمن المشكلة، خصوصا في حال إهمال الحالة وعدم علاجه منذ الصغر، إذ يتسبب في تدمير الأسرة بأكملها.
وبشكل عام يؤدي التوحد إلى تأخر نمائي في القدرات اللغوية والاجتماعية والتواصل البصري، ويؤثر بشكل مباشر على العلاقات الاجتماعية مع الآخرين، كما يشكل خطورة على مريضه، إذ يؤثر على حياته بأكملها وأسرته أيضا.
كيف يمكن علاج مرض التوحد؟
علاج التوحد عبارة عن مجموعة من الأنظمة المتكاملة ويتضمن ما يلي:
- علاج تأهيل التخاطب
- علاج سلوكي معرفي
- علاج التكامل الحسي
- العلاج الفيزيائي
- العلاج الوظيفي
- العلاج الدوائي (ليس لكل الحالات)
- التغذية العلاجي
aXA6IDEzLjU5LjIuMjQyIA== جزيرة ام اند امز