الانسحاب من أفدييفكا.. انتصار «رمزي» لروسيا وخسارة «ثقيلة» لأوكرانيا
في حدث اعتبر انتصارًا رمزيًا لروسيا، وأول فشل يسجله قائد جيش أوكرانيا الجديد، انسحب جيش كييف من مدينة أفدييفكا الشرقية التي تدهور الوضع فيها إلى حد كبير خلال الأيام الأخيرة.
وقال قائد المنطقة الجنرال الأوكراني أولكسندر تارنافسكي، عبر حسابه بـ«تليغرام»: «وفقا للأمر الذي تلقيناه، انسحبنا من أفدييفكا إلى مواقع معدة مسبقا». وهذا أكبر انتصار رمزي لروسيا بعد فشل الهجوم المضاد الذي شنته كييف الصيف الماضي.
قرار الانسحاب قال عنه القائد العام الجديد للقوات المسلحة الأوكرانية أولكسندر سيرسكي على منصة «إكس» (تويتر سابقا) في وقت مبكر من صباح اليوم السبت: «بناء على وضع العمليات حول أفدييفكا، ومن أجل تجنب التعرض للحصار وللحفاظ على أرواح وصحة جنودنا، قررت سحب وحداتنا من المدينة والتحرك للدفاع عن مواقع أكثر ملائمة».
وكان البيت الأبيض قد حذر يوم الخميس من أن الجيش الروسي على وشك السيطرة على مدينة أفدييفكا.
ويُعد هذا أول قرار رئيسي يتخذه القائد الأعلى الجديد للجيوش الأوكرانية أولكسندر سيرسكي بعد تعيينه في هذا المنصب في 8 فبراير/شباط، وبرر ذلك بالرغبة في «الحفاظ» على حياة جنوده.
وكتب سيرسكي على فيسبوك: «قررت سحب وحداتنا من المدينة والتحول إلى الدفاع على خطوط أكثر ملاءمة»، مضيفًا: «أدى جنودنا واجبهم العسكري بكرامة وفعلوا كل ما هو ممكن لتدمير أفضل الوحدات العسكرية الروسية وألحقوا خسائر كبيرة بالعدو».
اختبار مبكر
وكانت صحيفة «فايننشال تايمز» البريطانية، قالت في تقرير لها، إن القوات الروسية التي تقترب من بلدة أفدييفكا الأوكرانية تمثل اختبارا مبكرا للقائد الأعلى الجديد في أوكرانيا وللجيش الذي يعاني من نقص الذخيرة والرجال، مع تعثر الدعم العسكري الغربي.
وكان القائد الأعلى الجديد في كييف الجنرال أولكسندر سيرسكي الذي أرسل قبل أيام تعزيزات إلى البلدة الواقعة شرق أوكرانيا، بدلا من الانسحاب منها، قال إن أوكرانيا تتحول إلى استراتيجية دفاعية و«الهدف من عمليتنا هو إنهاك العدو وإلحاق أكبر قدر من الخسائر به».
وتوقعت الصحيفة البريطانية أن يفشل الجيش الأوكراني في الحفاظ على أفدييفكا بسبب النقص في ذخيرة المدفعية الغربية، مما اضطر بعض الوحدات إلى تقليل قوتها النارية بشكل كبير.
الأمر نفسه أشارت إليه فرونتليجنس إنسايت، وهي مجموعة استخباراتية مفتوحة المصدر لها صلات واسعة بالجيش الأوكراني، قائلة إن سقوط أفدييفكا «ليس مسألة احتمال، بل متى».
لماذا تسعى روسيا للسيطرة على أفدييفكا؟
وتهدف روسيا من وراء السيطرة على تلك البلدة، قطع طرق الإمداد الأوكرانية، بحسب الجنرال أولكسندر تارنافسكي، قائد القوات الأوكرانية في جنوب شرق البلاد، الذي أشار إلى أن سقوط أفدييفكا من شأنه أن يمنح الزعيم الروسي فلاديمير بوتين أهم انتصار عسكري له منذ باخموت - وهو انتصار يأتي في الوقت المناسب بالنظر إلى الانتخابات الرئاسية الروسية المقرر إجراؤها في 15 و17 مارس/آذار.
وتعد أفدييفكا بوابة إلى مدينة دونيتسك القريبة، وهي المدينة التي سيطرت عليها القوات الروسية منذ عام 2014. وكانت المدينة محصنة جيدًا من قبل القوات الأوكرانية، إلا أن التقدم الروسي من الشرق والجنوب والشمال جعلها أقل قابلية للاستمرار.
وأفدييفكا التي كان عدد سكانها يبلغ نحو 34 ألف نسمة قبل العملية العسكرية الروسية في فبراير/شباط 2022، لها قيمة رمزية مهمة. وباتت المدينة مدمرة إلى حد كبير، لكن لا يزال هناك نحو 900 مدني فيها، وفق السلطات المحلية، وتأمل موسكو بأن تؤدي السيطرة عليها إلى جعل القصف الأوكراني لدونيتسك أكثر صعوبة.
ما تأثير الانسحاب على أوكرانيا؟
وبحسب «فايننشال تايمز»، فإن خسارة أفدييفكا ستجعل من الصعب على أوكرانيا استعادة دونيتسك، أكبر مدينة في منطقة دونباس، وستحرم المدفعية الأوكرانية من موقع لضرب خطوط الاتصالات بالمدينة.
يأتي الانسحاب من أفدييفكا في وقت يجري الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي جولة أوروبية. وقال من برلين إنه على اتصال دائم بالقيادة العسكرية التي ذكر أن مهمتها الرئيسة تتمثل في الحفاظ على حياة الجنود و«تقليل الخسائر».
ووقّع زيلينسكي اتفاقات أمنية ثنائية الجمعة في برلين ثم في باريس للحصول على مساعدات طويلة الأجل من ألمانيا وفرنسا لبلاده، مع تعهدات بتقديم دعم عسكري بحوالى عشرة مليارات دولار خلال العام 2024.
وأثار تعيين سيرسكي كقائد أعلى للقوات المسلحة ردة فعل عكسية في أجزاء من الجيش الأوكراني، حيث شجب بعض الجنود استعداده المزعوم لإهدار حياة قواته لتحقيق مكاسب تكتيكية. كما يتهمونه، بصفته قائد القوات البرية الأوكرانية، بتأخير الانسحاب من باخموت بعد أن جعل زيلينسكي الدفاع عنها أولوية قصوى.
كان سيرسكي أيضًا هو الجنرال المسؤول عن العمليات في ديبالتسيف في عام 2015، عندما حاصرت القوات الروسية، 6000 جندي أوكراني وأجبروا على الانسحاب الفوضوي من البلدة الواقعة شمال شرق دونيتسك.
aXA6IDE4LjExNi4yMC4xMDgg
جزيرة ام اند امز