مثقفون يتحدثون لـ"العين الإخبارية" عن فرص العرب في حصد "نوبل للآداب"
"العين الإخبارية" استطلعت آراء عدد من النقاد والمبدعين العرب حول إمكانية حصد كاتب عربي جائزة نوبل للآداب التي تعلن في ستوكهولم الخميس.
مرت 31 عاما منذ حصد العرب جائزة نوبل للآداب، التي نالها الروائي المصري المخضرم نجيب محفوظ، وعشية الإعلان عن الجائزة العالمية التي تمنح للفائزين عن عامي 2018 و2019 يتجدد الحلم بأن يظفر بها كاتب عربي آخر.
"العين الإخبارية" استطلعت آراء عدد من النقاد والمبدعين العرب حول إمكانية تكرار المعجزة وحصد كاتب عربي الجائزة الأعلى في مجال الآداب على مستوى العالم التي تعلن في العاصمة السويدية ستوكهولم الخميس.
قلة الإنتاج
استبعد الدكتور خيري دومة، أستاذ الأدب الحديث بجامعة القاهرة، حصد عربي الجائزة العالمية، قائلا: "لا أظن أن الجائزة ستذهب إلى عربي هذا العام، فليس لدينا في الفترة الحالية أديب بالقوة والغزارة التي تمكننا من حصدها مرة أخرى".
وأضاف: "كان لدينا قبل نجيب محفوظ تجربتين تستحقان الجائزة بقوة، وهما طه حسين وتوفيق الحكيم، بوصفهما من الأركان المؤسسة في الأدب العربي، وأيضًا كان يستحقها يوسف إدريس بوصفه صاحب خط مميز في الأدب وله نهجه".
ورأى دومة أنه ربما يكون الأديب السوري الكردي سليم بركات من الأسماء التي تستحق الجائزة، وكذلك الأديب المصري بهاء طاهر؛ لكن ما يقلص فرصة الأخير قلة إنتاجه الروائي.
وتابع: "ربما نوال السعداوي تسحق هذا الجائزة، لأنها صاحبة مشروع وتسير في خط وحدها وتصر عليه، فهي سيدة مناضلة، كذلك أدونيس من المرشحين لنيلها، لكن رغم كل ذلك أستبعد أن ينال العرب الجائزة هذا العام".
اللغة عائق
قال الروائي المصري عمار على حسن إن "الأدب العربي المترجم يبعد العرب عن الترشح لنيل الجائزة، اللهم إلا الأسماء المتداولة كل عام مثل أدونيس ونوال السعداوي، اللذين وصلا لمراكز متقدمة في قائمة المرشحين للجائزة، لكن تظل الترجمة العائق الأول أمام نيل العرب نوبل للآداب".
وأضاف: "لدينا قامات في المجالات الأدبية المختلفة لا تقل عمن نالوا هذه الجائزة في الغرب، لكن لجنة نوبل تقرأ بـ5 لغات فقط ليس من ضمنها العربية، وفي عام 1988 السنة التي فاز فيها محفوظ بنوبل، كانت لجنة الجائزة قررت أن تمنح الجائزة لعربي تقديرا لهذه اللغة".
وتابع: "لذا طلبت اللجنة ترشيحات لمبدعين عرب، وأغلبها جاءت في صالح نجيب محفوظ".
تنبأ عمار بمنح الجائزة هذا العام لكاتب أوروبي وآخر أفريقي من جنوب الصحراء أو آسيوي، أو ربما تمنحها اللجنة لكاتبين من أوروبا.
وأضاف: "إذا عدنا إلى معيار الترجمة فعلاء الأسواني الأكثر حظا بترجمة أعماله، لكن للأسف ينظر إلى أعماله كما ينظر لأعمال الياباني هاروكي موركامي أنها أدب شعبوي، لكن من الوارد أن تتغير ذائقة لجنة التحكيم وترى أن هذا النوع من الأدب يستحق التكريم كما عودتنا في الكثير من المرات".
معوقات عديدة
بينما رأى الروائي السوداني عبدالحميد البرنس أن هناك معوقات قد لا تقف في صف من يكتب باللغة العربية، وتحول دون حصول كتاب عرب ثقال على الجائزة.
وأضاف: "أعني هنا تلك الشروط الموضوعية التي تقع خارج ذات الكاتب، مثل سقف الحريات المتاح والتحرر من الضرورة"، مشيرا إلى وجود كتاب عرب أصحاب مشاريع إبداعية منجزة على مستوى عال من الجودة، مثل أدونيس أو إبراهيم الكوني.
وتابع: "الكاتب العالمي جابرييل جارسيا ماركيز لديه مقال مشهور عن جائزة نوبل، يرى فيه أن الجائزة أخطأت أحيانا أصحابها وأحيانا ذهبت إلى من لا يستحق"، مستطردا: "ربما هو يشير هنا إلى معايير تتحكم في الجائزة بوصفها معايير لا تتعلق بالجودة الفنية دائما".
وقال: "بالنسبة لي لا أفكر في الجوائز هنا وهناك من أي موقع سواء كقارئ أو ككاتب. ربما يحدث هذا حين يتجاوز مفهومك للكتابة تلك المسائل الطيبة مثل النجومية والشهرة والمكافأة، إلى مفهوم ينظر إلى الكتابة كموقف من العدم".
اللجنة متحيزة
قال الشاعر والروائي المصري علي عطا إنه يهتم شخصيا بتقديم نوبل للآداب لمن يستحق الجائزة على مستوى العالم، بغض النظر عن اللغة التي يكتب بها.
وأضاف: "مع الأخذ في الاعتبار أن من حقي أن أنتقد انحيازها الأوروبي الواضح منذ انطلاقها عام ١٩٠١، وهو انحياز مخالف لوصية ألفريد نوبل الذي أرادها جائزة إنسانية".
كما انتقد عطا "ذكورية الجائزة الواضحة سواء على صعيد من يحصلون عليها أو على صعيد تشكيل لجنتها، الذي يدور حوله علامات استفهام كثيرة، خصوصا من حيث علاقة أعضائها بالإنتاج الأدبي في مختلف أنحاء العالم"، وفق قوله.
ورأى أن العنصر السياسي طالما لعب أدوارا مفضوحة في اختيار الفائزين أو إقصاء مرشحين، مضيفا: "هذا كله ترتب عليه أن بعض من حصلوا على الجائزة لا يستحقونها".
واختتم حديثه قائلا: "أرجو تعديل مسار جائزة نوبل للآداب لتكون كما أراد لها مؤسسها، ولا أظن أن ذلك يمكن أن يتحقق بين ليلة وضحاها، كما أن الرضا التام عن اختيارات لجنة الجائزة لن يحدث أبدا، وهذا أمر طبيعي بالنسبة لها ولغيرها من الجوائز".
الإبداع العربي يستحق
قالت الروائية المصرية منى الشيمي، التي سبق لها الفوز بجائزة كتارا للرواية العربية، إنه لا توجد مشكلة في الإبداع العربي لكنه لا يقدم للغرب بسبب نقص فرص الترجمة، وربما يكون هذا لسبب متعمد، موضحة أنها لا تستبعد فوز عربي بالجائزة.
وأضافت: "لا يوجد كتاب حاليا كنجيب محفوظ أو جابرييل ماركيز يمكنهم إصدار عشرات الروايات بسبب تغير إيقاع الحياة، كما أن ضغوطات الحياة لم تعد تعطي فرصة التفرغ للمبدعين".
وأردفت أن "جائزة نوبل دائما ما تفاجئنا بأشكال مختلفة تفتح باب الأدب على مناحي جديدة، فقد أعطتها للصحفية البيلاروسية سيفتلانا أليكسييفيتش أو للمغني بوب ديلان"، مشيرة إلى أنها دائما تكون سعيدة بتلك الاختيارات.
وقالت الشيمي إنها لا تحبذ إعطاء الجائزة لنوال السعداوي، كون إنتاجها الأدبي لا يليق بالجائزة، مضيفة: "كما أن الحديث عن قهر الرجل للمرأة في وطن مقموع بالكامل يفقد مصداقيته، فيجب أن نطالب بالحرية للجميع وليس لفئة معينة دون غيرها".
فرص ضئيلة
قال الكاتب المسرحي السعودي فهد الحارثي إنه لا يعتقد أن العرب لديهم فرصة للحصول على الجائزة العالمية لسببين: تسيس الجائزة والمحتوى العربي الفقير.
وأضاف: "الأدباء العرب مهمشون لكنهم يزيدون من تهميش أنفسهم"، متسائلا: "كيف لمن عاش في هامش الصفحة أن يكون له القدرة على التأثير في محيطه وصولا لنوبل؟".
وتابع: "شخصيا لا أميل للبحث عن عربي مبدع يرشح لها، ولا أبحث أو أنتظر اسما يصل، وعلى من يرغب في الوصول أن ينغمس في محيطه تماما ليتفرد ويصل بصوته المؤثر لقارئ هو في ظني أهم من الجائزة".
أدونيس المرشح
قال الروائي المصري طارق إمام إنه "عندما نتحدث عن فرص العرب في الحصول على جائزة نوبل للآداب، فإننا على الأغلب نتحدث عن اسم محدد هو أدونيس".
وأضاف: "أدونيس لن يحصل على نوبل، لأن الضجة المصاحبة لفرصه في الحصول على الجائزة عربية أصحابها صحفيون ومحررون ثقافيون عرب يخرجون سنوياً نفس الكلام المكرر من الثلاجة بعد تحديث تاريخ النشر".
وتابع: "ثمة كاتبان سيحصلان هذا العام على الجائزة، التي ذهبت في السنوات الأخيرة مرتين لاثنين لا ينتميان للكتابة الأدبية أو حتى الفكر أو الفلسفة، هما الصحفية سفيتلانا أليكسييفيتش والمطرب بوب ديلان، ما جعل الجائزة تنحرف عن مسماها وتصنيفها النوعي لتصبح (نوبل للثقافة) بمعناها الأشمل وليس للآداب".
رأى الروائي الشاب أن نوبل ربما تمنح هذا العام لنوعين أدبيين مختلفين، رجل وامرأة، فتصيب عصفورين بحجر واحد، لمراعاة التنوع والتأكيد على التفات الجائزة المتنامي لكتابات المرأة.
وقال: "أتمنى أن تعود نوبل للكتابة التخيلية، وأن تبحث بعيدا عن المركزية الأوروبية، فحتى الكتاب الذين حصلوا عليها في السنوات الأخيرة من غير الأوروبيين يحملون جنسيات أوروبا، مثل يوسا البيروفي الذي صار إسبانيا أو إيشيجورو البريطاني رغم أصوله اليابانية".
حسابات وكواليس
رأى المخرج المسرحي المغربي ورئيس مهرجان مكانس الدولي للمسرح بوسلهام الضعيف أن جائزة نوبل ليست بريئة من الحسابات ومكر الكواليس، لذا يصعب التكهن بفوز عربي.
وقال: "كما يصعب الحديث عن اسم أدونيس، رغم أنه يستحقها منذ سنوات كشاعر إنساني رسخ شعرية كونية، لكن نوبل في آخر لحظة تأتي بأسماء وجغرافيات لم نكن ننتظرها".