إيران ولبنان.. «نهج مزدوج» وإعادة تقييم لدور «حزب الله»

يواجه "حزب الله" ظروفا متغيرة في لبنان بالتزامن مع خروج إيران من سوريا في أعقاب رحيل نظام الرئيس السابق بشار الأسد.
وأظهرت الزيارة الأخيرة لوزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي إلى بيروت، الأسبوع الماضي، تراجع نفوذ إيران في لبنان، وفقا لما ذكره موقع "ريسبونسيبل ستايت كرافت".
وخلال اجتماعاته مع الرئيس اللبناني جوزيف عون ورئيس الوزراء نواف سلام، ووزير الخارجية يوسف رجي، ورئيس مجلس النواب نبيه بري، أكّد عراقجي علنًا على مبدأ "عدم التدخل" في العلاقات بين الدول.
وظهرت تفاصيل التحوّل الإيراني بوضوح في برنامج زيارة عراقجي حيث تجنب في تصريحاته العلنية الإشارة بشكل مباشر إلى "حزب الله"، وهو ما يعكس تغيرا ملحوظا عن خطاباته السابقة التي احتفت بمركزية الحزب فيما يُسمى "محور المقاومة".
وأعرب عراقجي عن استعداد طهران لمشاركة شركاتها في إعادة إعمار لبنان، لكن اللافت للنظر هو رضوخه لإصرار بيروت على أن تمر جميع المساعدات عبر القنوات الحكومية، مما يشير إلى تكيف إيران مع تنامي قبضة الدولة اللبنانية.
وخلال الزيارة وجد عراقجي وقتًا للاجتماع مع الأمين العام الجديد لحزب الله، نعيم قاسم، كما وضع إكليلًا من الزهور على قبر سلفه حسن نصرالله، وهنا اختلفت النبرة حيث قال وزير الخارجية الإيراني "أنا على يقين بأن النصر النهائي للشعب اللبناني والمقاومة".
هذا "النهج المزدوج" الذي اتبعه إيران بلبنان وجمع فيه عراقجي بين إظهار الاعتدال للقيادة اللبنانية والمجتمع الدولي وفي الوقت نفسه إعادة تأكيد الالتزام الأيديولوجي الراسخ لحليفها اللبناني الرئيسي، يكشف عن إعادة تقييم جوهرية بدلاً من التخلي التام.
والأكيد أن هذا التحول جاء نتيجة للحرب بين حزب الله وإسرائيل التي تكبد خلالها الحزب خسائر فادحة، بما في ذلك تدمير جزء كبير من ترسانته من الأسلحة ومقتل قيادات الصف الأول فيه.
وفي الوقت نفسه، انقطع شريان الحياة اللوجستي التقليدي لحزب الله، وهو الممر البري عبر سوريا، الذي طالما استخدم لنقل الأسلحة والأموال إلى الحزب اللبناني.
فبعد سقوط نظام الأسد في ديسمبر/كانون الأول 2024، انخرطت الحكومة السورية الجديدة في ترسيم الحدود والتعاون الأمني مع لبنان، بهدف إغلاق المعابر غير الشرعية ومنع التهريب.
كما شددت الحكومة اللبنانية الجديدة من سيطرتها على مطار رفيق الحريري الدولي في بيروت لمنع تهريب الأموال غير المشروع إلى الحزب، ومنذ فبراير/شباط الماضي، تم تعليق الرحلات الجوية الإيرانية إلى لبنان.
وتعاني موارد حزب الله من ضغوط شديدة، في ظل مشكلات في التدفق النقدي وتأخر تعويض المجتمعات المتضررة من الحرب في جنوب لبنان وفي الضاحية الجنوبية.
ويبدو أن إيران أدركت حدودها وحدود حزب الله خاصة مع ظهور قيادة سياسية لبنانية جديدة، مدعومة بجبهة دولية وإقليمية موحدة، وهو ما يزيد من تعقيد موقف طهران، حيث التزم الرئيس جوزيف عون ورئيس الوزراء نواف سلام صراحةً بإعادة تأكيد سيادة الدولة وترسيخ "احتكار السلاح".
وتُعطي الدول المانحة أولوية للمساعدات العسكرية وبناء قدرات الجيش اللبناني، مما يجعل تأكيد سيطرة الدولة شرطًا أساسيًا قبل صرف تمويل إعادة الإعمار على نطاق واسع.
وتطالب الولايات المتحدة بتفكيك البنية التحتية العسكرية لحزب الله، في ظل تحذير إسرائيل من أنها ستواصل قصف لبنان حتى نزع سلاح الحزب.
من جهة أخرى، تضيف المحادثات النووية بين إيران وأمريكا مستوى آخر من التعقيد، حيث إن إسرائيل تهدد بشن غارات جوية على المنشآت النووية الإيرانية في حال فشل الدبلوماسية.
aXA6IDIxNi43My4yMTcuMSA= جزيرة ام اند امز