بعد «سطوة المسيرات».. «مطرقة منتصف الليل» تنتصر لـ«القوة التقليدية»

كشفت ضربات القاذفات الأمريكية من طراز "بي-2" على إيران، حدود فكرة "أسراب المسيرات" التي يدعمها أباطرة التكنولوجيا مثل إيلون ماسك.
وفي أكثر غارة جوية أمريكية طموحًا منذ عقود، حلقت 7 قاذفات من طراز "بي-2 سبيريت" لمسافة 7 آلاف ميل من ولاية ميسوري الأمريكية إلى إيران، وأسقطت أكثر من 12 قنبلة خارقة للتحصينات وزنها 30 ألف رطل على مواقع نووية مدفونة بشكل عميق تحت الصخور والخرسانة المسلحة.
ووصف مسؤولو وزارة الدفاع الأمريكية العملية التي أُطلق عليها اسم "مطرقة منتصف الليل" بأنها ضربة دقيقة تهدف إلى "تدمير" البنية التحتية النووية الإيرانية وإظهار النفوذ الأمريكي العالمي، وفقا لما ذكرته مجلة "نيوزويك" الأمريكية.
وفي حين ينتظر العالم أي تقييمات رسمية للأضرار من المنشآت الإيرانية في فوردو ونطنز وأصفهان، مثّلت المهمة ردًا واقعيًا على رواد التكنولوجيا مثل إيلون ماسك، الذين زعموا أن المسيرات تجعل الطائرات عالية التخصص مثل "بي-2" نفقات غير ضرورية للجيوش الحديثة.
وفي ضوء نجاح أوكرانيا في ضرب العمق الروسي باستخدام المسيرات، سخر ماسك من اعتماد البنتاغون على طائرات الشبح المأهولة مثل "إف-35" التي وصفها بأنها قديمة الطراز، وعرضة للضعف، ومُبذرة اقتصاديًا مقارنةً بـ"أسراب المسيرات".
وفي العام الماضي، كتب ماسك عبر منصة "إكس" للتواصل الاجتماعي التي يملكها، "الطائرات المقاتلة المأهولة عفا عليها الزمن"، وقال إن حروب المستقبل سيتم الفوز فيها بأساطيل المسيرات الرخيصة ذاتية التشغيل.
لكن عندما احتاجت الولايات المتحدة إلى تحييد أهداف نووية شديدة التحصين داخل أحد أكثر المجالات الجوية تحصينًا في العالم، لم تلجأ إلى المسيرات، بل إلى أطقم بشرية تُحلق بقاذفات عمرها 30 عامًا في نصف الكرة الأرضية.
وفي تصريحات لـ"نيوزويك"، قال الفريق المتقاعد في سلاح الجو ديفيد ديبتولا، الذي ساعد في تصميم عقيدة الضربات الأصلية لقاذفة بي-2، إن عملية المطرقة شكلت نقطة تحول، ليس فقط لبرنامج طهران النووي، بل للنقاش الأوسع حول مستقبل القوة الجوية.
وأضاف "هذا المستوى من الأداء ليس نظريًا، بل هو دليل عملي على أن الطائرات الشبحية المأهولة لا تزال أساسية في العمليات المتطورة، خاصةً عندما يتعلق الأمر بأهداف نووية أو مدفونة في الأعماق".
من جانبه، اعتبر نافيد جمالي، الصحفي وضابط الاستخبارات البحرية السابق ومقدم برنامج "غير تقليدي" على "نيوزويك"، إن المهمة أثبتت أن الولايات المتحدة لا تزال رائدة عالميًا في مجال القصف الاستراتيجي.
وقال جمالي، الذي أصبح الشخص رقم 820 الذي يطير على متن طائرة "بي-2" العام الماضي، "يُظهر هذا أن الولايات المتحدة تتفوق على أي دولة أخرى في قدرتها على استخدام القاذفات بعيدة المدى من حيث قوة الفتك والكفاءة والقدرات".
وأضاف "يُثبت هذا أهمية وضرورة الحفاظ على هذا النوع من القدرات".
وتعليقا على تصريح وزير الدفاع بيت هيغسيث "كانت قاذفاتنا من طراز بي-2 تدخل وتخرج وتعود دون علم العالم على الإطلاق"، قال جمالي "إن فكرة قدرة طائرات بي-2 متعددة على اختراق الدفاعات الجوية دون أن تُكتشف تُرسل رسالة مُرعبة للأعداء".
وقال جاي سنودجراس، الطيار المقاتل السابق في البحرية الأمريكية والخبير الاستراتيجي في البنتاغون "هناك فرق كبير بين العمليات العسكرية اليوم وما قد يكون عليه الوضع في المستقبل القريب، مع استمرار تطور الذكاء الاصطناعي".
وأضاف "في عالم اليوم، تُعدّ طائرات الشبح المأهولة، من أفضل الأدوات".
وأشار إلى قدرة المقاتلة على التخفي، وأجهزة الاستشعار الشبكية، وقدرة الطيار على التكيف، باعتبارها عوامل حاسمة في المجال الجوي المتنازع عليه.
وبينما يجادل ماسك وآخرون بأن الطيارين البشر سيصبحون قريبًا من الماضي، قال ديفيد ديبتولا إن مهام معقدة مثل عملية "المطرقة" تروي قصة مختلفة.
وأضاف "هناك قيود هائلة على الأنظمة ذاتية التشغيل عند التعامل مع مجال جوي ممنوع وتهديدات ديناميكية.. لا توجد مسيرة يمكنها تنفيذ ما فعلته قاذفات بي-2 فوق إيران".
ومع ذلك، أقرّ ديبتولا بالدور المتنامي للمسيرات في الحروب الحديثة، فيما أشار إلى نشر إسرائيل لمسيرات صغيرة وفتاكة لضرب الدفاعات الجوية الإيرانية.
وقال "إن ذلك مثال رائع على اتباع نهج قائم على التأثير.. عليك أن تُطابق الأداة مع المهمة".