حاصرت «ذئاب الأطلسي».. دور حاسم لـ« B-24» في الحرب العالمية الثانية

خلال الحرب العالمية الثانية، شكّلت الغواصات الألمانية تهديدًا خطيرًا على سفن الحلفاء، بهجماتها المدمرة على طرق الإمداد البحرية.
معركة الأطلسي كانت واحدة من أطول الحملات البحرية في الحرب العالمية الثانية. ومع انتشار مجموعات «الذئاب» من الغواصات الألمانية (U-boats) لمهاجمة سفن الحلفاء بين الولايات المتحدة وأوروبا، على غرار ما حدث في الحرب العالمية الأولى، وجد الحلفاء أنفسهم مضطرين للبحث عن حل لهذه التهديدات المراوغة والمستمرة.
أحد الحلول الفعالة كان نشر قاذفات B-24 Liberator بعيدة المدى، والتي لعبت دورًا محوريًا في سد «فجوة الأطلسي» – وهي المناطق التي كانت بعيدة للغاية عن مدى الطائرات الحليفة، مما سمح للغواصات الألمانية بشن هجماتها دون مقاومة، وفقا لموقع «ذا كولكتور» المعني بالتاريخ.
خطر الغواصات الألمانية (U-boat)
في المراحل المبكرة من الحرب، نشرت البحرية الألمانية (كريغسمارينه) أسرابًا من الغواصات لمهاجمة سفن الحلفاء، مستهدفة بذلك تقويض جهود الإمداد الأمريكية إلى بريطانيا. وكان تكتيك «مجموعات الذئاب» أحد أكثر أساليبهم نجاحًا، حيث عملت الغواصات في مجموعات منسقة لمهاجمة القوافل البحرية الحليفة وإغراقها.
ومع تفوق بحرية الحلفاء في السفن السطحية مثل حاملات الطائرات والبوارج والمدمرات، وجدت ألمانيا في الغواصات وسيلة فعالة لمواجهة هذا التفوق، لا سيما بعد غرق البارجة الألمانية بسمارك عام 1941 على يد البحرية الملكية البريطانية، مما أكد ضعف الأسطول السطحي الألماني أمام قوات الحلفاء.
وبحلول نهاية الحرب، كانت الغواصات الألمانية قد أغرقت أكثر من 3000 سفينة حليفة، بما في ذلك سفن حربية وسفن تجارية، بإجمالي حمولة تتجاوز 14 مليون طن.
واستخدمت الغواصات أجهزة تشفير إنجما (Enigma) لتنسيق هجماتها، مما جعل من الصعب على الحلفاء تتبعها أو التنبؤ بحركاتها، حتى تمكّن علماء الحلفاء، وعلى رأسهم آلان تورينغ، من فك شفرة إنجما، مما غيّر مجرى الحرب.
دور قاذفات B-24 Liberator
تم تصميم طائرة B-24 Liberator في الأصل كقاذفة قنابل ثقيلة بعيدة المدى للقوات الجوية الأمريكية، لكنها أثبتت فعاليتها في العديد من الأدوار القتالية.
كانت هذه الطائرة أسرع وأكثر قدرة على التحليق لمسافات أطول من نظيرتها B-17 Flying Fortress، مما جعلها مثالية للقيام بدوريات فوق المحيط الأطلسي لساعات طويلة، دون الحاجة لإعادة التزود بالوقود.
وساهمت الولايات المتحدة، من خلال برنامج الإعارة والتأجير، في تزويد سلاح الجو الملكي البريطاني بهذه الطائرات، حيث تم نشرها ضمن قيادة السواحل البريطانية لتأمين المحيط الأطلسي وسد فجوة الأطلسي.
واعتمدت البحرية الأمريكية نسختين من الطائرة للقيام بمهام الدوريات البحرية والحرب ضد الغواصات، وهما PB4Y-1 Liberator نسخة معدلة من B-24 وPB4Y-2 Privateer (نسخة مخصصة بالكامل للحرب البحرية).
وقد تميزت Privateer بهيكل أطول وذيل مفرد بدلًا من الذيل المزدوج لـ Liberator، بالإضافة إلى تحسينات في أنظمة الاتصالات والكشف، مما جعلها أكثر كفاءة في الكشف عن الغواصات ومهاجمتها.
تأثير حاسم
مع دخول المزيد من وحدات B-24 Liberator إلى الخدمة، بدأ الألمان يشعرون بالضغط المتزايد. ولم يعد بإمكان الغواصات العمل بحرية كما كان في السابق، حيث أصبحت معرضة للخطر في أي وقت وأي مكان.
وكانت الطائرات تقوم بدوريات جوية بعيدة المدى، مما أجبر الغواصات على تقليل هجماتها العلنية والاعتماد على عمليات سرية أكثر تعقيدًا، والتي غالبًا ما كانت أقل نجاحًا.
كان لهذا الدور تأثير هائل في تقليل خسائر الحلفاء وحماية القوافل البحرية الحيوية. ولم يعد البحارة والتجار يشعرون بالرعب من تهديد الغواصات كما في السابق، مما ساهم في تعزيز المعنويات وضمان استمرار تدفق الإمدادات إلى بريطانيا، مما دعم استعدادات عملية أوفرلورد (غزو النورماندي عام 1944).
خطر يواجه قاذفات Liberator
رغم نجاحها الكبير، لم تكن مهام B-24 خالية من المخاطر. فقد كانت الغواصات الألمانية مجهزة بمدافع مضادة للطائرات، مما سمح لها بالتصدي للهجمات الجوية.
وفي بعض الحالات، انتهت المعارك بخسائر متبادلة، حيث تعرضت طائرات Liberator لإطلاق النار أثناء مهاجمتها للغواصات، مما أدى إلى تدمير الجانبين معًا.
من الأمثلة الشهيرة على ذلك، المعركة بين غواصة U-508 وقاذفة بحرية PB4Y-1 Liberator التابعة للبحرية الأمريكية في خليج بسكاي.
وخلال الاشتباك، تمكنت الغواصة من إسقاط الطائرة، لكنها بدورها تعرضت للتدمير وغرقت، مما أسفر عن مقتل جميع أفراد طاقمها البالغ عددهم 57 بحارًا، إضافة إلى مقتل الطاقم المكون من 10 أفراد على متن الطائرة.
aXA6IDE4LjExOC4xNTEuMTg0IA==
جزيرة ام اند امز