"نصب التحرير" ببغداد يثير جدلا بعد ترميمه بـ"مرمر إيراني"
أعرب مغردون وناشطون ومختصون في مجال الفنون التشكيلية والآثار، عن استيائهم وغضبهم من عمليات ترميم "نصب الحرية" وسط بغداد.
وأطلق مدونون دعوات لإنقاذ "نصب الحرية" العتيق من تغيير لون الرخام من الأبيض واستبداله بـ"مرمر إيراني" أصفر اللون، رديء الصنع.
ويمثل نصب "الحرية" رمزية كبيرة لدى العراقيين لكونه يرتبط بقضايا مفصلية عاشتها البلاد قبل نحو 5 عقود، وبات يمثل قبلة للبغداديين ومركزا هو الأوسع لمنصات التظاهر والاحتجاج.
وأعلنت وزارة الثقافة والسياحة والآثار، في مايو/أيار الماضي، عزمها ترميم وتهيئة بعض النصب الموجودة في العاصمة بمساعدة أمانة بغداد وبإشراف مجلس الوزراء بينها نصب الحرية.
وأظهرت صورة ملتقطة للنصب بعد إعادة ترميمه، وهو يتشح باللون الأصفر بدلاً من الأبيض الذي تضمنه تصميمه الأساس على يد النحات الشهير محمد جواد سليم عام 1961.
ويقع النصب عند ساحة التحرير (الملكة عالية سابقا) وهي إحدى الساحات الرئيسية في وسط بغداد، وكان لها دورٌا مهمٌا في بعض الثورات والمسيرات والانتفاضات التي شهدتها بغداد، وسميت بساحة التحرير نسبة إلى التحرر من الاحتلال والاستعمار الأجنبي.
الفنان التشكيلي حازم محمد كتب في منشور على صفحته بموقع "فيسبوك"، يقول: "على ما يبدو أن المسؤولين في العراق يصرون على محاولة تدمير كل ما يستطيعون تدميره في هذا البلد عن قصد أو غباء مفرط".
وأضاف: "آخر ضحية هي نصب التحرير وتغيير لونه من الأبيض إلى هذا اللون القبيح واستعمال مادة بائسة في الترميم (مرمر رخيص وقبيح)، ومن قبل شركة تركية".
من جانبها دعت المعمارية سحر القيسي عبر صفحتها بموقع "فيسبوك"، أمانة بغداد وهي الجهة المشرفة على تنفيذ عملية الترميم، إلى توضيح ما جرى لنصب التحرير عقب الأخبار المتداولة بشأن تغيير طال الخصائص التشكيلية لذلك المعلم.
وأضافت: "تراثنا أمانة في أعناق الجميع وأرجو أن يضع المسؤولون عن ترميم هذا الصرح نصب أعينهم ملحمة هذا النصب الفريد القريب إلى القلوب وهي تسرد بقلم مبتكرها رفعة الجادرجي وقد صاغت حروفها الصورية أنامل جواد سليم".
بدوره أطلق المتخصص في مجال الأدب والفن، أوروك علي، عبارات أشد قسوة لانتقاد "منح مهمة ترميم أقدم وأشهر نصب في بغداد إلى لجنة غير متخصصة"، على حد تعبيره.
واعتبر أنّ "النتائج الكارثية لهذه اللجنة شاخصة للعيان باستبدال خلفية المرمر لنصب الحرية، المرمر الإيطالي الخاص، بخلفية أقلّ ما يقال عنها إنّها تنم عن ذوق ساذج وغباء مستشر".
وتساءل: "من سمح بذلك؟ وهل تم استشارة نحاتين ومتخصصين بالنحت وتاريخ النصب في العراق؟ والآن بعد هذه الكارثة والإساءة ما هو الحل؟ أين ذهب مرمر النصب الأصلي؟ هل سيباع خردة كما حدث في...؟".
في المقابل، نفت وزارة الثقافة واللجنة المسؤولة التلاعب بالشكل الأصلي لنصب الحرية، الذي يعد أكبر وأضخم نصب شيد في العراق والشرق الأوسط.
ويقول مدير عام دائرة الفنون التشكيلية ولجنة إعادة الترميم فاخر محمد في تصريح صحفي، إنّ "ما أثير على مواقع التواصل الاجتماعي من لغط كبير خلال الأيام القليلة الماضية، غير صحيح وغير دقيق".
وأضاف أنّ "النصب خضع لعملية ترميم عبر شركة تركية، باستخدام حجر يضاهي القطع الأصلية بنسبة تصل إلى 98% من حيث اللون"، واصفًا مظهر النصب الحالي بـ"الرائع والجميل".
ويبدي فاخر استغرابه من اللون الذي ظهر في الصور المتداولة على مواقع التواصل الاجتماعي، مضيفا: "ليس هذا لونه.. اللون هو أوف وايت يميل إلى الأبيض، والنصب يبدو بشكل أفضل بكثير عما كان عليه".
aXA6IDMuMTQyLjIwMC4xMDIg جزيرة ام اند امز