"الباغوز".. الفصل الأخير من إرهاب "داعش" في سوريا
"الباغوز" يعيش فيها نحو 16 ألف نسمة يعمل أغلبهم بالزراعة، وتكثر بالقرية بساتين النخل والرمان، ما يجعلها من أجمل القرى بالمنطقة.
حتى وقت قريب، لم يكن الكثيرون حول العالم يعرفون بوجود قرية سورية اسمها "الباغوز" على الضفة اليسرى لنهر الفرات، وتحديدا على الحدود الإدارية الشرقية لدير الزور مع العراق.
قرية منسية قفزت فجأة إلى المواجهة مؤخرا، عقب تحولها إلى مقبرة لـ"داعش"، ودخلت الذاكرة الجماعية للشعوب من أوسع أبوابها، مسجلة تاريخ ومكان أفول التنظيم الإرهابي في سوريا.
في هذه القرية الوديعة المعروفة بجمال طبيعتها، والواقعة على الحدود السورية العراقية، اختار تنظيم "داعش" كتابة الفصل الأخير من إرهابه، تمهيدا لأن تستعيد البلدة هدوءها المفقود.
"الباغوز" الآن
دوى انفجار الذخائر، وتصاعدت أعمدة الدخان الأسود في آخر جيب خاضع لـ"داعش" الإرهابي بالقرية، فلم يتبق أمام عناصر التنظيم سوى الاختباء في الأنفاق الأرضية، قبل أن يجبرهم الضغط العسكري لـ"قوات سوريا الديمقراطية" على الاستسلام.
واليوم، خرج المئات من مقاتلي التنظيم المستسلمين والنساء والأطفال من الجيب المحاصر، عقب إبطاء وتيرة الهجوم الذي تشنه القوات، منذ الجمعة، مدعومة من التحالف الدولي للقضاء على "داعش"، بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية.
ورغم أن استخدام التنظيم الإرهابي المدنيين في "الباغوز" دروعا بشرية، خفض من وتيرة تقدم "قوات سوريا الديمقراطية"، فإن ذلك لم يمنع من حسم وشيك للمعركة الأخيرة ضد التنظيم، وفق تقارير إعلامية.
وبحسب المرصد السوري لحقوق الإنسان سلّم، الاثنين، 150 من عناصر "داعش" من جنسيات مختلفة أنفسهم، قبل أن يتم إخراجهم من "الباغوز" على متن حافلات أعدت للغرض.
"نصر على الأبواب"، هكذا أعلنت قيادة قوات سوريا الديمقراطية مؤخرا، ما يعني تهاوي حلم "الخلافة" الذي أعلنته "داعش" في 2014، في مساحات واسعة سيطر عليها حينذاك في سوريا والعراق المجاور.
نصر يأتي عقب هزائم متلاحقة مني بها التنظيم خلال العامين الماضيين، بعد سنوات زرع فيها الرعب في المناطق الخاضعة لسيطرته، بأحكامه الوحشية والاعتداءات الدموية.
"الباغوز" قبل "داعش"
قرية حالمة وهادئة.. هكذا كانت "الباغوز" قبل سقوطها تحت سيطرة التنظيم الإرهابي، بلدة تنتصب على الضفة اليسرى لنهر الفرات، وتبعد عن الحدود العراقية بنحو مسافة ألف متر تقريبا.
أما أصل تسميتها، فيعود إلى المفردة التركية "باخوس" وتعني "المضيق"، وفي هذا دلالة تاريخية على أهمية موقع وادي الفرات جغرافيا، والذي يكون واسعا ثم ما يلبث أن يضيق عند بداية مدينة البوكمال، حيث تتصل حواف البادية إلى قرب مجرى النهر، يقابله جرف الباغوز المسمى جبل "العرسي" على الجهة المقابلة.
بلدة يلتحم تاريخها العريق بتاريخ المنطقة بأسرها، وتتميز بزراعتها، حيث بناها "العموريون" الذين أقاموا حضارة "ماري" الشهيرة منذ الألف الثانية قبل الميلاد.
ويقول مؤرخون إنه عُثر فيها، منذ العصور الحجرية، على بقايا مقبرة يقال إنها رومانية، بالإضافة إلى وجود كهوف جميلة متناثرة يطلق عليها الأهالي اسم "دور الكفر"، وقد كانوا يجمعون منها بقايا الخزف الملون.
وتعد "الباغوز" نحو 16 ألف نسمة يعمل أغلبهم بالزراعة، وتكثر بالقرية بساتين النخل والرمان، ما يجعلها من أجمل القرى بالمنطقة، بمناظرها الطبيعية الخلابة، وهدوئها وبساطة الحياة فيها.