تصحيح صورة البحرين في بريطانيا عند مجلس العموم وعند وسائل الإعلام وعند الأوساط السياسية هي من أصعب المهام الدبلوماسية.
تصحيح صورة البحرين في بريطانيا عند مجلس العموم وعند وسائل الإعلام وعند الأوساط السياسية هي من أصعب المهام الدبلوماسية، وتعتبر من المهام التي تكاد تكون مستحيلة.
فبريطانيا كانت ومازالت معقل "المشوّهين" الذين يعيشون ويقتاتون على محاربة البحرين وتشجيع الإرهاب من هناك، وتمويله وتشويه صورتها، ومنذ عقود زمنية استوطن هؤلاء المشوّهون في بريطانيا وحصلوا على الجنسية البريطانية وتزوجوا وتوالدوا وأبناؤهم معهم هناك، يواصلون المسيرة وبتمويل أجنبي يغطي جميع مصاريفهم، وأسّسوا المؤسسات والمراكز والحسينيات، ورغم أنهم يموَّلَون من قبل إيران بشكل كبير تمويلاً جعلهم من أصحاب الأملاك والعقارات، التي أُوقِفت على دفع تكاليف من يرغب في الانضمام لصفوف "المشوهين"، إلا أن بريطانيا سمحت لهم بممارسة نشاطهم دون تدخل، بل بغض الطرف عنهم، وتمكنوا في تلك الفترة الزمنية الطويلة أن يعملوا باسترخاء بلا منافس ببناء شبكة قوية من العلاقات مع وسائل الإعلام، فلهم في كل منصة إعلامية بريطانية صلة ورابط، سواء صحفاً كانت أو محطات تلفزيونية أو كتّاب رأي مستقلين، فإذا أضفنا لهم "مشوهاً" جديداً يحارب البحرين بشراسة رغم كونه شقيقاً وأخاً خليجياً؛ فإن ذلك يجعل من مهمة السفارة مهمة مستحيلة.
هذه النجاحات في بريطانيا تحتاج إلى أن تكون قاعدة يُبنى عليها لا تنقطع ولا تُهدم ونعود بعدها للمربع رقم واحد، تحتاج إلى تفكير استراتيجي يخدم مصلحة البحرين التي هي فوق أي اعتبار، فلا نحرك أو نغيّر ما نجحنا فيه إلا بعد التأكد تماماً بأن هذا التحريك أو التغيير بإمكانه البناء على ما أُنجِز
جميع المشوهين المستوطنين في بريطانيا تدربوا تدريباً مهنياً على ما يسمى بفن التشبيك، أي أن تفتح خطوط الاتصال بشكل مدروس مع مفاتيح القرار في مواقع صنع القرار، ولأنهم متفرغون لهذه المهمة فهم يستلمون مرتباتهم من إيران أو من الخمس الذي يأتيهم من المراجع الدينية، باعتباره من المجاهدين المستضعفين ليتفرغوا تماماً ويوظفوا إمكانياتهم وإمكانيات المتطوعين من أبناء "المستضعفين"!!
منافسة هذا المطبخ العريق بقدمه هناك مهمة تكاد تكون مستحيلة، إذ تحتاج إلى نَفَس طويل وبناء تراكمي شبكي أفقي ورأسي مع مفاتيح القرار، أفقي يتسع ليشمل جميع المداخل الممكنة إن لم يكن مع الأبواب المغلقة فمع مكاتبهم ومن له صلة بهم، ورأسي إن يصل لقمم في الأوساط السياسية والإعلامية، يحتاج شبكة علاقات عامة قوية وشبكة حقوقيين ومحامين قوية في ذات الوقت، ويحتاج من يسخّر وقته كله خارج مبنى السفارة ويحتاج دقة في اختيار طاقم المساعدين البحرينيين والبريطانيين من خارج السفارة، وعدم الاكتفاء بموظفي السفارة فقط، بل أنت بحاجة لإقناع البحرينيين كل في موقع للتحرك والقدوم والدفاع عن البحرين، وتصحيح ما شُوِّه من صورتها، وذلك ما فعلته السفارة البحرينية في بريطانيا.
قد يقول أحدهم إن الحكومة البريطانية هي من غيّرت موقفها واستراتيجيتها، فسهلت على السفارة عملها، وقد يقول آخرون إن القيود على إيران انعكست على حجم الدعم الموجه "للمشوهين" مما سهل على السفارة ملاحقتهم قانونياً، فالرد على هؤلاء الذين اعتادوا على تقليل إنجازات الغير هو أن التطور الإيجابي في صالح البحرين الآن هو في الأوساط الإعلامية وفي الأوساط القانونية البريطانية، وتلك مناطق معظمها خارج نطاق السيطرة الحكومية البريطانية، وفي هذه المناطق نشطت السفارة في إقناع تلك الأوساط بحقيقة صورتنا وبصدق دعوانا، ولا يمكن لأحد أن يشكك في نتائج ذلك النشاط، فالعبرة في تحقيق النتائج لا في عدد الاجتماعات، السفارة نجحت في الوصول للرأي العام البريطاني والقضاء البريطاني، تلك استراتيجية ناجحة حتى أصبح ضغط الرأي العام وأصبحت الأحكام القضائية التي صدرت في صالحنا هي من يقنع الساسة الذين اعتادوا على تجاهل صوتنا.
هذه النجاحات في بريطانيا تحتاج إلى أن تكون قاعدة يُبنى عليها لا تنقطع ولا تُهدم ونعود بعدها للمربع رقم واحد، تحتاج إلى تفكير استراتيجي يخدم مصلحة البحرين التي هي فوق أي اعتبار، فلا نحرك أو نغيّر ما نجحنا فيه إلا بعد التأكد تماماً بأن هذا التحريك أو التغيير بإمكانه البناء على ما أُنجِز.
شكراً لجميع القائمين على سفارة مملكة البحرين الذين لم تقف أمامهم قلة الإمكانيات وصعوبة المهمات، بل وضعوا البحرين نصب أعينهم.
نقلاً عن "الوطن" البحرينية
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة