البحرين.. قمة عربية تاريخية في ظروف استثنائية
تنطلق القمة العربية العادية الـ33 بالبحرين، الخميس، وسط آمال بنجاحها في رسم خارطة طريق لتعزيز التضامن العربي لمواجهة التحديات المتزايدة.
قمة عربية "عادية" تعقد في ظروف "استثنائية" وتوقيت هام مليء بالتحديات التي تواجه العرب، وتستضيفها البحرين للمرة الأولى في تاريخها.
فلسطين.. مؤتمر وقوات
وتشهد القمة العربية الـ33 أزمة جديدة على أجندتها على خلفية التصعيد الإسرائيلي المتواصل في غزة منذ 7 أكتوبر /تشرين الأول الماضي، الأمر الذي يجعل تطورات القضية الفلسطينية تتصدر أجندة القمة، وسط حديث عن مبادرة بحرينية مرتقبة في هذا الصدد.
وكان عبداللطيف بن راشد الزياني، وزير الخارجية البحريني، قد كشف أن بلاده تقدمت بعدد من المبادرات لاعتمادها من القادة العرب خلال القمة، ومن بينها الدعوة إلى عقد مؤتمر دولي تحت رعاية الأمم المتحدة لحل القضية الفلسطينية، تستضيفه البحرين، دعمًا ومساندة لحقوق الشعب الفلسطيني، وإرساء السلام العادل والشامل في المنطقة.
أيضا يتوقع أن يتضمن البيان الختامي للقمة الذي سيحمل اسم "إعلان البحرين" الدعوة إلى اتخاذ إجراءات عاجلة لوقف إطلاق النار الفوري والدائم وإنهاء العدوان في قطاع غزة، ورفض أي محاولات للتهجير القسري للشعب الفلسطيني من أرضه بقطاع غزة والضفة الغربية، والدعوة لاتخاذ إجراءات واضحة لتنفيذ حل الدولتين.
وبحسب نسخة غير رسمية لمشروع البيان الختامي للقمة نشرتها جريدة "الشرق الأوسط" السعودية، من المرتقب أن تدعو الدول العربية إلى "نشر قوات حماية وحفظ سلام دولية تابعة للأمم المتحدة في الأرض الفلسطينية المحتلة إلى حين تنفيذ حل الدولتين".
وبحسب المشروع، من المقرر أن يؤكد الزعماء العرب في بيانهم على ضرورة "وضع سقف زمني للعملية السياسية والمفاوضات"، لاتخاذ إجراءات واضحة لتنفيذ حل الدولتين، على أن "يتم بعده إصدار قرار من مجلس الأمن تحت الفصل السابع بإقامة الدولة الفلسطينية القابلة للحياة والمتواصلة الأراضي، على خطوط ما قبل الرابع من يونيو (حزيران) لعام 1967 وعاصمتها القدس الشرقية، وإنهاء أي وجود للاحتلال على أرضها، مع تحميل إسرائيل مسؤولية تدمير المدن والمنشآت المدنية في قطاع غزة".
أجندة حافلة
كذلك سيتصدر أجندة القمة الأزمات العربية المستمرة وعلى رأسها الأوضاع في السودان بسبب الصراع المتواصل بين الجيش السوداني بقيادة الجنرال عبدالفتّاح البرهان، وقوات "الدعم السريع" بقيادة نائبه السابق الجنرال محمد حمدان دقلو منذ منتصف أبريل/نيسان 2023.
ويرتقب أن تدعو قمة البحرين لإنهاء الفراغ الرئاسي الذي يعيشه لبنان منذ انتهاء ولاية الرئيس السابق ميشال عون أكتوبر /تشرين الأول 2022 من دون انتخاب خلف له، ودعوة كافة الأطراف اللبنانية للحوار من أجل عبور الأزمة السياسية الحالية.
أيضا ستبحث القمة العربية التطورات في ليبيا واليمن، وغيرها من التحديات التي تواجه الأمة العربية، وسبل مواجهتها عبر تعزيز التضامن العربي على مختلف الأصعدة الاقتصادية والسياسية.
كما سيبحث القادة العرب في قمتهم عدة بنود تتعلق بالعمل العربي المشترك في المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والإعلامية والأمنية والتعاون العربي مع التجمعات الدولية والاقليمية.
آمال وتطلعات
أجندة القمة مثقلة بالكثير من الملفات والقضايا، تجعل أنظار شعوب الدول العربية تتجه للبحرين، وسط آمال أن تنجح القمة في تحقيق اختراقات للأزمات العربية المتزايدة والتحديات المتتالية، والخروج برؤية لتعزيز التضامن العربي، الذي أضحى خيارًا لا غنى عنه.
تحديات تتطلب تنسيقا عربيا على أعلى مستوى، واستحداث آليات جديدة ومقاربات عملية لمواجهة التحديات المشتركة، لتعزيز الأمن والاستقرار والازدهار في المنطقة، وتلبية تطلعات الشعوب العربية التواقة للسلام والاستقرار في ربوع المنطقة والعالم.
يعزز فرص نجاح القمة في تحقيق أهدافها تنوع أجندة القمة ما بين ملفات سياسية وأمنية واقتصادية، في سعي لبلورة رؤية موحدة لتعزيز التضامن العربي على أكثر من صعيد.
أيضا يعزز تلك الفرص التمثيل الرفيع المستوى للقادة العرب وممثليهم، الأمر الذي يعكس وجود إرادة مشتركة لتحقيق توافق عربي لمواجهة تلك التحديات.
ووصل إلى البحرين حتى صباح اليوم الخميس، كل من: عاهل الأردن الملك عبدالله الثاني بن الحسين، ورؤساء مصر عبدالفتاح السيسي، وفلسطين محمود عباس ، وموريتانيا محمد ولد الشيخ الغزواني، والعراق عبد اللطيف جمال رشيد، وجيبوتي إسماعيل عمر جيله، إضافة إلى غزالي عثمان رئيس جمهورية القمر المتحدة.
ووصل إلى البحرين كذلك رشاد محمد العليمي، رئيس مجلس القيادة الرئاسي في اليمن، ومحمد يونس المنفي رئيس المجلس الرئاسي بدولة ليبيا.
كما وصل إلى البحرين أيضا رئيس الوزراء المغربي عزيز أخنوش ونظيراه الصومالي حمزة عبدي بري واللبناني نجيب ميقاتي.
ومن المقرر أن يترأس الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير قطر، وفد بلاده في القمة.
فيما سيترأس وفد الكويت الشيخ أحمد عبدالله الأحمد الصباح رئيس مجلس الوزراء ممثلا لأمير البلاد الشيخ مشعل الأحمد الجابر الصباح.
كما وصل البحرين للمشاركة في القمة كل من أنطونيو غوتيريش الأمين العام للأمم المتحدة وميخائيل بوغدانوف الممثل الخاص لرئيس روسيا الاتحادية إلى الشرق الأوسط وشمال أفريقيا نائب وزير خارجية روسيا الاتحادية، و السفير لو جيان مبعوث رئيس جمهورية الصين الشعبية، السفير في إدارة غرب آسيا وشمال أفريقيا بوزارة الخارجية.
ويتوالى توافد القادة العرب وممثليهم للمشاركة في القمة التي ستعقد في وقت لاحق من اليوم الخميس.
أيضا يعزز من التفاؤل بنجاح القمة هو قيادة مملكة البحرين لها، في ظل ما تحظى به المملكة من تقدير واعتزاز عربي واسع النطاق، نظير سياستها الخارجية التي تتميز بالاعتدال والتوازن ونشر التسامح والسلام ودعم الحوار، وحرصها قيادتها ممثلة في عاهل البلاد الملك حمد بن عيسى آل خليفة على أن تكون مساهمًا فاعلًا في كل جهد يرمي إلى تعزيز وحدة الصف والتضامن العربي.
إضافة إلى وقوف مملكة البحرين ودفاعها عن الحقوق العربية العادلة، وفي مقدمتها القضية الفلسطينية، وأهمية حلها وفق قرارات الشرعية الدولية ومبادرة السلام العربية التي أقرّها مؤتمر القمة العربية في بيروت في العام 2002.
وتهدف قمة البحرين إلى تعميق عرى وأواصر التعاون والترابط والدفع بآليات العمل العربي المشترك، والإبقاء على تشاور وتنسيق عربي مستمر لبحث القضايا ذات الاهتمام والمصير المشترك، وتغليب المصلحة العربية، واستثمار هذا الحدث لرسم مسارات الازدهار لأبناء المنطقة ومستقبلها.
القمة الـ63
وتعد القمة البحرين هي الـ 63 في تاريخ القمم العربية، والأولى التي تستضيفها البحرين منذ تأسيس الجامعة العربية في 22 مارس/آذار 1945، كأقدم منظمة إقليمية في العالم تنشأ بعد الحرب العالمية الأولى.
كما تعد هذه ثالث قمة عربية تعقد خلال عام، بعد القمة العادية الـ32 التي عقدت في مدينة جدة السعودية 19 مايو/أيار الماضي، والقمة العربية الإسلامية الطارئة بشأن غزة التي عقدت في الرياض 11 نوفمبر/تشرين الثاني الماضي.
وعقدت أول قمة عربية عادية بالعاصمة المصرية القاهرة في يناير/كانون الثاني 1964، فيما عقدت آخر قمة عربية "عادية" وحملت رقم 32 في مدينة جدة السعودية مايو/أيار الماضي.
وإضافة إلى 33 قمة عادية (بما فيهم قمة البحرين)، تم عقد 15 قمة طارئة، حيث عقدت أول قمة عربية في مدينة أنشاص المصرية، عام 1946 وحملت صفة طارئة، فيما عقدت آخر قمة عربية "طارئة" في مدينة الرياض في نوفمبر/تشرين الثاني 2023، على خلفية التصعيد الإسرائيلي في غزة.
وإضافة إلى 33 قمة عادية و15 قمة طارئة، تم عقد 4 قمم اقتصادية تنموية، إضافة إلى 11 قمة عربية إقليمية (4 قمم عربية أفريقية و4 قمم عربية لاتينية، وقمة عربية أوروبية وقمة عربية إسلامية أمريكية وقمة عربية صينية)، بإجمالي 63 قمة.