اجتماع البحرين.. نحو تحالف دولي ضد إرهاب إيران
محللون يتوقعون أن يكون المؤتمر منصة لتشكيل تحالف دولي من أجل حل حاسم للتهديدات الإيرانية بمشاركة 65 دولة.
قبل أشهر قليلة، استضافت العاصمة البولندية وارسو اجتماعا دوليا دعت إليه الولايات المتحدة الأمريكية لمناقشة السلام والأمن في منطقة الشرق الأوسط.
اجتماعات تصدر أجندتها بحث سبل التصدي لوقف أنشطة إيران المزعزعة للاستقرار، وإرهابها الذي بعثر المقاربة الأمنية بالمنطقة.
لكن، وفي ظل تنامي التهديد الإيراني، الذي طال أمن الملاحة البحرية والجوية بالمنطقة، بدا من الضروري أن يقف العالم في صف واحد، للخروج من مرحلة التنديد نحو بحث سبل التصدي لهذا الإرهاب، وتجسيد الاستنكار في شكل مخرجات بثقل يسمح لها بالتحول إلى مصدر ضغط على طهران، ويمهد لقرار دولي صارم بحقها.
وفي هذا الإطار، تعقد البحرين، في أكتوبر/تشرين الأول المقبل، اجتماعا دوليا، من المنتظر أن يخصص لأمن الملاحة البحرية والجوية، ويتوقع محللون أن يكون منصة لتشكيل تحالف دولي من أجل حل حاسم للتهديدات الإيرانية.
اجتماع أعلنته واشنطن، وقالت إنه سيضم 65 دولة، في مشاركة مرتقبة واسعة، تعكس حجم الحشد الدولي المنتظر ضد طهران.
الاجتماع سيكون أيضا محطة جديدة أو متابعة لمؤتمر وارسو حول الشرق المنعقد في 13 و14 فبراير/شباط الماضي، كما أعلن مسؤول بالخارجية الأمريكية في تصريحات نقلها إعلام رسمي محلي.
منصة تشاور
البحرين أعلنت، من جانبها، استعداداتها لاستضافة الاجتماع الذي قالت إنه سيشكل فرصة للتشاور وتبادل الرؤى بين العديد من دول العالم، من أجل التوصل إلى السبل الكفيلة لردع الخطر الإيراني، وضمان حرية الملاحة في منطقة تعد استراتيجية للعالم أجمع.
مبادرة قالت الخارجية البحرينية إنها تأتي في إطار الدور الذي تضطلع به المملكة للمساهمة في ترسيخ الأمن والاستقرار بالمنطقة، وإدراكا منها للمخاطر التي تهدد المنطقة في ظل ممارسات إيران التي تشكل خطرا كبيرا على الملاحة البحرية والجوية.
كما تأتي تجسيدا لسياسة البحرين المرتكزة على ضرورة تعزيز التعاون الدولي في مواجهة جميع المشكلات والأزمات التي تهدد الأمن والسلم الدوليين.
الخطر الإيراني والتداعيات الاستراتيجية
إسقاط طائرة أمريكية، واحتجاز ناقلة نفط.. قائمة انتهاكات واستفزازات إيرانية لا تنتهي، تنضاف إلى الهجوم الذي استهدف ناقلتي البتروكيماويات قرب مضيق هرمز الحيوي، بعد أقل من شهر واحد على هجوم مماثل ضد 4 سفن أمام سواحل الإمارات.
مخاطر باتت تهدد حركة الملاحة الجوية والبحرية، وتفتح سيناريوهات الوضع الحالي والمستقبلي بالمنطقة على أكثرها سوءا وضبابية، بل قد لا يستبعد الخيار العسكري في ظل انسداد قنوات الردع الأخرى ضد طهران، وهذا كله ستكون له تداعيات استراتيجية وخيمة على أمن المنطقة بشكل عام.
فالمخاوف من احتمال تكرار هجمات أخرى مماثلة، مع ما يعنيه ذلك من تأثير فوري على أسعار النفط، ستزيد من القلق العالمي، خصوصا في حال تأكد ما أوردته تقارير أمريكية، قبل فترة، من أن البنتاجون تملك صورا وفيديو يظهر زورقا إيرانيا وهو يزيل لغما يبدو أنه لم ينفجر كان ملتصقاً بهيكل إحدى الناقلات المستهدفة.
أسلوب العصابات
خبير الأمن الدولي، أنطوني كوردسمان، قال تعليقا على أسلوب إيران في زعزعة أمن الشرق الأوسط، إنها "لا تجرؤ على شن حرب كبيرة، وكل ما يمكنها فعله هو تدبير هجمات متقطعة على نطاق محدود".
وحذر من أن ممارساتها ستخلق مناخا من العدائية وانعدام الأمن بالمنطقة، ما من شأنه أن يحدث صدمة كافية للقفز بأسعار النفط صعودا، وهذا ما حدث بالفعل.
فالخطر، وفق الخبير، لا يكمن تحديدا في المخاوف من اندلاع مواجهة عسكرية، وإنما في أسلوب العصابات الذي تعتمده طهران، ما يجعل الناقلات في الخليج معرضة بشكل مستمر للهجوم من صواريخ صغيرة مضادة للسفن، ولهجمات من غواصات وعبوات ناسفة تلقيها طائرات صغيرة مُسيرة ومُوجهة عن بعد، علاوة على تلك الألغام الصغيرة التي تزرعها تحت سطح المياه، وتحديدا في ممرات السفن.
خطوات حاسمة
اجتماع البحرين يشكل إحدى الخطوات الحاسمة التي دعا إليها الخبراء الاستراتيجيون للتصدي لمحاولات إيران صب مزيد من الزيت على نار الأزمة المستعرة، عبر استفزازاتها المتتالية، محذرين من أن الأمر لا يتعلق بأمن الشرق الأوسط لوحده، وإنما يمكن أن يصل إلى إحداث اضطراب اقتصادي عالمي.
فالهجمات التي تشنها طهران ليست في النهاية سوى محاولات يائسة منها أملا بتخفيف ضغوط واشنطن عليها، وهذا ما يجعل مقاربتها مبنية على أساس تعطيل الملاحة البحرية في مضيق هرمز، سعيا نحو خفض إمدادات النفط بنسبة 20% على الأقل، وهذا ما تأمل طهران من خلاله بتحسين شروط التفاوض مع واشنطن.
طرح تدعمه اعترافات للرئيس الإيراني حسن روحاني، قبل أشهر، حين قال إن بلاده تمتلك القوة الكافية للإضرار بتجارة النفط، في تهديدات ضمنية بإغلاق الملاحة البحرية أو تعطيلها في مضيق هرمز.
اجتماع البحرين، وحجم المشاركة المعلنة فيه يدلان أيضا على أن التعامل الأمريكي مع التصعيد الإيراني خرج من حيز التحذيرات والتهديدات كما كان عليه الأمر الأعوام 2011 و2012 و2016، ليدخل حيز النقاشات الباحثة عن خارطة تصدٍ فعلية للخطر الإيراني، والسفن الحربية الأمريكية التي تصل تباعا إلى المنطقة خير دليل على ذلك.
aXA6IDMuMTQ5LjI1My43MyA= جزيرة ام اند امز