مضيق هرمز.. إيران تهدد أهم ممر مائي في العالم
إيران باتت تهدد مضيق هرمز بعد اختطاف الحرس الثوري الإيراني ناقلتي نفط بريطانيتين لدى عبورهما أهم ممر مائي في العالم
باتت إيران تهدد حركة الملاحة الدولية في أهم ممر مائي في العالم، بعد اختطاف الحرس الثوري الإيراني، مساء الجمعة، ناقلتي نفط بريطانيتين.
واختطف الحرس الثوري الناقلتين وإحداهما تسمى "ستينا إمبيرو" لدى عبورهما مضيق هرمز، ليصبح ثامن اعتداء تتعرض له ناقلات النفط في هذه المنطقة منذ شهر مايو/أيار الماضي.
أهم شريان نفطي
ويعد مضيق هرمز أحد أهم الممرات المائية في العالم وأكثرها حركة للسفن، حيث يعتبر شريانا نفطيا تمر منه 40% من إنتاج النفط الخام في العالم.
عبر هذا المضيق تصدر السعودية 88% من إنتاجها النفطي، والعراق 98%، والإمارات 99%، علاوة على صادرات الكويت والبحرين، وجميعها دول أعضاء في منظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك).
وتصنف السعودية كثاني أكبر منتج للنفط في العالم والأول عربياً، بـ10.448 مليون برميل يومياً، في حين تعد الإمارات ثامن أكبر منتج للنفط عالمياً، والثالث عربياً بـ2.8 مليون برميل يومياً، حسب بيانات "أوبك" لعام 2017.
ويمر عبر هذا الممر المائي نحو خُمس إنتاج العالم من النفط، أي نحو 17.4 مليون برميل يوميا، في حين بلغ الاستهلاك نحو 100 مليون برميل يوميا عام 2018، وفق شركة فورتيكسا للتحليلات النفطية.
ويعبر المضيق يومياً ما بين 20 و30 ناقلة، بحمولة تتراوح بين 16.5 و17 مليون طن، بمعدل ناقلة نفط كل 6 دقائق في ساعات الذروة.
وإضافة إلى النفط الخام، فإن 22% من السلع الأساسية في العالم (الحبوب وخام الحديد والأسمنت) تمر عبر مضيق هرمز، وإغلاقه سيشكل كارثة اقتصادية وغذائية عالمية، بالتأكيد لن تقف عند حدود الشرق الأوسط.
مضيق هرمز جغرافيا
ويبلغ عرض المضيق 50 كيلومترا، وعمق المياه فيه 60 مترا، ويتألف من خطي دخول إلى الخليج العربي وخروج منه، بعرض يبلغ 10.5 كيلومتر، ويستوعب من 20 إلى 30 ناقلة نفط يوميا.
ويقع المضيق في منطقة الخليج العربي، فاصلاً ما بين مياه الخليج العربي من جهة ومياه خليج عمان وبحر العرب والمحيط الهندي من جهة أخرى.
يحمل المضيق اسم جزيرة هرمز التي تقع في مدخله، وكانت في القرن السادس عشر مملكة تخضع لحكم أسرة عربية من عمان، واحتلها البرتغاليون عام 1515، وفي عام 1632 طردت القوات البريطانية المشتركة البرتغاليين منها.
ويوجد في مدخل المضيق عدة جزر، منها الجزر الإماراتية التي تحتلها إيران، وهي طنب الصغرى وطنب الكبرى وأبوموسى.
ويعتبر المضيق في نظر القانون الدولي جزءاً من أعالي البحار، ولكل السفن الحق والحرية في المرور فيه ما دام لا يضر بسلامة الدول الساحلية أو يمس نظامها أو أمنها.
في 30 أبريل/نيسان 1982 تم اعتماد الاتفاقية الدولية لقانون البحار، وأهم ما في هذه الاتفاقية هي المادة 38، والتي تقول «تتمتع جميع السفن العابرة للمضائق الدولية -بما فيها مضيق هرمز- بحق المرور دون أي عراقيل، سواء كانت هذه السفن ناقلات تجارية أم عسكرية».
أطماع إيرانية في مياه الخليج
وتحاول إيران منذ ستينيات القرن الماضي الهيمنة والسيطرة على المضيق، حيث حاولت في مؤتمر قانون البحار (جنيف 1958-1960) خلال المؤتمر الأول والثاني لانعقادهما لوضع «قانون البحار»، واللذين عُقدا تحت راية الأمم المتحدة، المطالبة بحقها في الإشراف على مضيق هرمز، إلا أن طلبها رُفض من قِبل جميع المشاركين.
وفي مؤتمر قانون البحار (30 أبريل/نيسان 1980): طالبت إيران مجددا بحقها في الإشراف على مضيق هرمز، إلا أن طلبها رُفض كليا وللمرة الثالثة، حتى جاء القانون الدولي لحماية المضائق البحرية في أبريل/نيسان 1982، ليضع حدا للأطماع الإيرانية في المضيق.
إجراءات أمريكية لردع إيران
وبالتزامن مع تزايد التهديدات الإيرانية في مياه الخليج، أرسلت الولايات المتحدة في شهر مايو/أيار الماضي، حاملة الطائرات أبراهام لينكولن، وقاذفات بي-52 إلى المنطقة، كما عملت على نشر جديد لصواريخ باتريوت في الشرق الأوسط.
وجاء قرار وزارة الدفاع الأمريكية (البنتاجون) بالموافقة على نشر الصواريخ بعد تحذيرات البيت الأبيض للملاحة البحرية من احتمال استهداف إيران أو وكلائها السفن التجارية الأمريكية، بما فيها ناقلات النفط، أثناء إبحارها عبر الممرات المائية في الشرق الأوسط.
وطالبت الإدارة الأمريكية الملاحة البحرية السفن التي ترفع العلم الأمريكي بالتواصل مع الأسطول الخامس، الذي يتولى حماية السفن التجارية في المنطقة، قبل يومين على الأقل من الإبحار عبر مضيق هرمز.
كما أعلنت واشنطن مؤخرا عن مبادرة أمنية جديدة تهدف لحماية حرية الملاحة في مياه الخليج العربي بمشاركة دولية واسعة.
وقالت كاثرين ويلبارجر مسؤولة بوزارة الدفاع الأمريكية (البنتاجون)، الخميس، إن واشنطن تهدف بمبادرتها الأمنية الجديدة في الخليج لردع أي هجمات على السفن التجارية.
وأضافت ويلبارجر، التي تعد واحدة من كبار مسؤولي البنتاجون، إن "هدف المبادرة هو توسيع مجال الوعي البحري وإمكانات المراقبة بالمنطقة لإحباط أي عمل خبيث".
وكان الجنرال مارك مايلي رئيس أركان الجيش الأمريكي قال، في وقت سابق، إن الولايات المتحدة تناقش مع حلفائها خططا لتأمين ومواكبة ناقلات النفط في الخليج العربي، وذلك بعد محاولة إيرانية فاشلة لاعتراض ناقلة بريطانية.
اجتماع المنامة
ومن ضمن الجهود العربية والدولية لتأمين المياه في الخليج، أعلنت وزارة الخارجية البحرينية، الخميس الماضي، استعداد المنامة لاستضافة اجتماع يعنى بأمن الملاحة في الخليج، وقالت: إن "الاجتماع فرصة لبحث سبل ردع الخطر الإيراني وضمان أمن الملاحة".وقال المبعوث الأمريكي الخاص بإيران برايان هوك، الأربعاء، إن 65 دولة ستبحث في البحرين أمن الخليج البحري.
وكان رئيس هيئة الأركان المشتركة الأمريكية الجنرال جوزيف دانفورد، قال الأسبوع الماضي إن الولايات المتحدة أعدت خطة سيتولى بموجبها تحالف عسكري دولي حماية المياه الاستراتيجية قبالة إيران واليمن، حيث تنحي واشنطن باللوم على إيران ومليشيات تدعمها في تنفيذ هجمات.
وقال دانفورد "نتواصل الآن مع عدد من الدول لتحديد إذا كان بإمكاننا تشكيل تحالف يضمن حرية الملاحة في كل من مضيق هرمز ومضيق باب المندب".
وأعلنت وزارة الخارجية الأمريكية، الخميس، أن مسؤولين أمريكيين ومن دول أخرى سيجتمعون الجمعة المقبلة لمناقشة أمن الملاحة البحرية في الخليج.
وأوضحت الوزارة، في بيان، أن الاجتماع سيبحث مبادرة الأمن البحري، والتي ستركز على حماية حرية الملاحة والأمن البحري في الشرق الأوسط، وأشارت إلى أن تحقيق ذلك يتطلب بذل جهد متعدد الجنسيات لمواجهة هذا التحدي العالمي وضمان المرور الآمن للسفن.
وتأتي هذه الإجراءات في أعقاب تزايد التهديدات الإيرانية للملاحة وحركة السفن في مضيق هرمز ومنطقة الخليج العربي.