البحرين بعيدها الوطني.. رأس حربة لتأمين الملاحة الدولية
البحرينيون يحصدون ثمار جهود مضنية في الحفاظ على الأمن والاستقرار الإقليمي، وسط ارتفاع وتيرة التهديدات بمنطقة الخليج.
تبوأت البحرين مكانة متقدمة إقليمياً ودولياً في الجهود العالمية الرامية إلى تأمين وحماية الملاحة البحرية وضمان سلامة الممرات البحرية؛ إذ باتت رأس الحربة في مواجهة التهديدات التي تواجه حركة السفن وناقلات النفط في الخليج العربي، بفضل القيادة الحكيمة وموقعها الجغرافي المتميز وعلاقاتها الراسخة مع دول المنطقة والعالم.
- تحالف حماية الملاحة في الخليج يبدأ مهامه من البحرين
- من وارسو إلى البحرين.. إصرار دولي على مواجهة إرهاب إيران
ومع احتفال مملكة البحرين بالعيد الوطني للمملكة الـ48 وعيد الجلوس الـ20، حيث ذكرى تولي الملك حمد بن عيسى آل خليفة، ملك مملكة البحرين، مقاليد الحكم، يحصد البحرينيون ثمار جهود مضنية في الحفاظ على الأمن والاستقرار الإقليمي، وسط ارتفاع وتيرة التهديدات بمنطقة الخليج.
وكانت هجمات شُنت ضد ناقلات نفط وسفن في مياه الخليج قرب مضيق هرمز الاستراتيجي، منذ مايو/أيار الماضي، حين شددت واشنطن عقوباتها على قطاع النفط الإيراني.
البحرين، التي انضمت إلى مجلس التعاون الخليجي عام 1981، تحظى بثقل سياسي وموقع جغرافي واستراتيجي مميز على الصعيدين الإقليمي والعالمي، كما تتمتع بسياسة خارجية عقلانية ومتوازنة ومعتدلة.
وبعد ترقب دام أشهراً منذ الإعلان عن الفكرة في يونيو/حزيران، ولد "التحالف الدولي لأمن وحماية الملاحة البحرية وضمان سلامة الممرات البحرية"، بعضوية 6 دول إلى جانب الولايات المتحدة، هي: السعودية والإمارات والبحرين وبريطانيا وأستراليا وألبانيا.
هذا التحالف العسكري البحري، الذي تقوده الولايات المتحدة بدأ رسمياً من البحرين في مطلع شهر نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، مهمته حماية الملاحة في الخليج من اعتداءات تعرضت لها سفن واتُهمت إيران بالوقوف خلفها.
وحضر قائد القيادة المركزية للقوات البحرية الأمريكية في الشرق الأوسط، جيم مالوي، حفل إعلان انطلاق عمل التحالف في مقر الأسطول الخامس بالمنامة، إلى جانب مسؤولين عسكريين من الدول المشاركة.
وكانت واشنطن قد سعت إلى تشكيل تحالف عسكري لحماية المياه الاستراتيجية في الخليج، مؤكدة أنها ستوفر بموجب الخطة سفن قيادة للتحالف العسكري، وستقود جهوده للمراقبة والاستطلاع.
ويهدف التحالف الدولي لأمن الملاحة البحرية "آي إم إس سي" إلى حماية السفن التجارية، من خلال توفير الأجواء الآمنة لضمان حرية الملاحة البحرية والتجارة الدولية ومصالح البلدان المشاركة في التحالف، وبالتالي تعزيز أمن وسلامة السفن التجارية التي تمر عبر الممرات البحرية.
واستضافت العاصمة البحرينية المنامة، في شهر أكتوبر/تشرين الأول الماضي، اجتماع مجموعة العمل الوزارية حول أمن الملاحة البحرية والجوية التابعة لعملية وارسو، بالتعاون مع الولايات المتحدة الأمريكية وبولندا، وبمشاركة أكثر من 60 دولة.
وكشفت الكلمات الافتتاحية للشيخ خالد بن أحمد آل خليفة، وزير الخارجية البحريني، وإليوت كانغ، القائم بأعمال مساعد وزير الخارجية الأمريكي للأمن الدولي ومنع انتشار الأسلحة النووية، وكرزيسزتوف كوزلويسكي، وزير الدولة بوزارة الداخلية البولندية، عن توافق عالمي على أهمية وضع خارطة طريق لحماية أمن الملاحة البحرية والجوية بالمنطقة.
ويُعد الاجتماع الذي استمر يومين إحدى نتائج المؤتمر الدولي لدعم الأمن والسلام في الشرق الأوسط، الذي عقد بمدينة وارسو في فبراير/شباط الماضي، الذي ركزت أجندته على مواجهة إيران، ليعبر كلا المؤتمرين (في وارسو والمنامة) عن إصرار دولي على مواجهة إرهاب طهران وتهديدها للملاحة في المنطقة.
ترسيخ الأمن والاستقرار
وأشارت وزارة الخارجية البحرينية إلى أن هذا الاجتماع "يأتي في إطار الدور الذي تضطلع به المملكة للمساهمة في ترسيخ الأمن والاستقرار في المنطقة، وإدراكاً منها للمخاطر التي تهددها في ظل ممارسات إيران التي تشكل خطراً كبيراً على الملاحة البحرية والجوية، وتجسيداً لسياسة المنامة المرتكزة على ضرورة تعزيز التعاون الدولي في مواجهة جميع المشكلات والأزمات التي تهدد الأمن والسلم الدوليين".
واكتسب اجتماع البحرين أهمية خاصة في ضوء المتغيرات التي حدثت بعد قمة وارسو في فبراير/شباط الماضي، وكان أبرزها تعدد اعتداءات إيران على السفن التجارية بمنطقة الخليج العربي وتهديدها للملاحة الدولية ودعوة الولايات المتحدة في يوليو/تموز الماضي لتشكيل تحالف دولي لحماية الملاحة، وانضمام عدد من الدول بالفعل لهذا التحالف أبرزها السعودية والإمارات والبحرين وأستراليا وبريطانيا.
وفي كلمة البحرين أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك، في سبتمبر/أيلول، قال وزير الخارجية البحريني إن إمدادات الطاقة في مضيق هرمز والخليج العربي، تتعرض لخطر بسبب سلوكيات النظام الإيراني واستهدافه السفن التجارية.
وشدد على أن تحقيق السلام والتخلص من الإرهاب من أهم أهداف البحرين، وهي حريصة على تعزيز الحقوق والحريات؛ لأن لديها قناعة بأن ما يحدث في أي جزء بالعالم يؤثر على المنطقة.
وأوضح الوزير الشيخ خالد بن أحمد بن محمد آل خليفة أن القضاء على الإرهاب يتطلب العمل الجماعي المشترك، ودعم أي تحرك من أجل السلام، وأن مشاركة البحرين في التحالف الدولي لأمن وحرية الملاحة البحرية جاءت لتأمين وحماية أهم الممرات الاستراتيجية.
وتصاعدت حدة التوترات بين إيران والغرب منذ سريان العقوبات الأمريكية على صادرات النفط الإيرانية بالكامل في مايو/أيار الماضي، بالتزامن مع الذكرى السنوية لانسحاب واشنطن من الاتفاق النووي بين إيران والقوى العالمية.
ومنذ ذلك الحين تتسارع وتيرة المواجهة بين إيران والغرب؛ حيث أرسلت الولايات المتحدة في 5 مايو/أيار مجموعة هجومية تضم حاملة طائرات وقاذفات إلى الشرق الأوسط، فيما أعلنت إيران في 8 مايو/أيار أنها ستخفف بعض القيود المفروضة على برنامجها النووي، قبل أن تحذر البحرية الأمريكية في العاشر من الشهر نفسه من هجمات إيرانية محتملة على حركة الملاحة في الخليج.
وبالفعل في أقل من شهر تتعرض حركة الملاحة الدولية في الخليج لتهديدات غير مسبوقة، حيث تعرضت 4 سفن من بينها ناقلتان سعوديتان للهجوم في 12 مايو/أيار، بالخليج العربي، وحمّل مسؤولون أمريكيون وأوروبيون إيران مسؤولية الهجوم، قبل أن تتعرض ناقلتان للهجوم جنوبي مضيق هرمز في 13 يونيو/حزيران، وتتهم واشنطن إيران مرة أخرى بالوقوف وراءه.
ولم تتوقف التهديدات الإيرانية عند استهداف حركة الملاحة الدولية فحسب، ولكنها امتدت إلى أبعد من ذلك وأسقطت إيران في 20 يونيو/حزيران طائرة استطلاع أمريكية عسكرية مسيرة في المياه الدولية بالخليج العربي، كما صوبت مدافعها تجاه ناقلة النفط البريطانية هيريتدج عند المدخل الشمالي لمضيق هرمز في 10 يوليو/تموز، قبل أن تعلن اختطاف ناقلة نفط بريطانية تسمى "ستينا إمبيرو" لدى عبورها مضيق هرمز يوم 19 من الشهر نفسه.
وأدانت مملكة البحرين اعتراض سفن إيرانية ناقلة نفط تابعة للمملكة المتحدة في مضيق هرمز، مؤكدة أنه عمل عدائي يجسد إصراراً إيرانياً على تهديد الأمن والسلم والإضرار بحركة الملاحة البحرية.
وأصدرت وزارة الخارجية البحرينية بياناً أعربت فيه عن تضامن البحرين مع بريطانيا، مشددة على ضرورة توقف إيران عن الأعمال العدوانية المزعزعة للأمن في منطقة الخليج العربي، وأن تنتهج التهدئة وتتعامل مع دول العالم بشفافية ومصداقية وبلغة بنّاءة بعيدة عن التهديد والوعيد، وتلتزم بالقوانين والمعاهدات الدولية المتعلقة بالسلامة البحرية، حفاظاً على الأمن والسلم الدوليين.
وتكليلاً لجهود البحرين ودورها المتنامي في المنطقة، ستستضيف المملكة القمة الخليجية المقبلة في دورتها الـ41، التي ستتصدر أجندتها استكمال الإجراءات اللازمة لسلامة أراضي دول المجلس، وفقاً لاتفاقية الدفاع المشترك.
وتحيي البحرين، يومها الوطني يوم 16 ديسمبر/كانون الأول من كل عام، على الرغم من أنها استقلت عن بريطانيا في 14 أغسطس/آب عام 1971، ويرجع ذلك إلى تقليد تم اتباعه في السنوات الأخيرة، وهو تأخير الاحتفال بالعيد الوطني ودمجه مع يوم جلوس الملك حمد بن عيسى آل خليفة.
aXA6IDMuMTIuMzYuNDUg
جزيرة ام اند امز