من وارسو إلى البحرين.. إصرار دولي على مواجهة إرهاب إيران
اجتماع البحرين يكتسب أهمية خاصة في ضوء المتغيرات التي حدثت بعد قمة وارسو وتعدد اعتداءات إيران على السفن التجارية بمنطقة الخليج العربي.
انطلق في العاصمة البحرينية المنامة، صباح الإثنين، اجتماع مجموعة العمل الوزارية حول أمن الملاحة البحرية والجوية التابعة لعملية وارسو، بالتعاون مع الولايات المتحدة الأمريكية وبولندا، وبمشاركة أكثر من 60 دولة.
الاجتماع الذي يستمر على مدار يومين يعد إحدى نتائج المؤتمر الدولي لدعم الأمن والسلام في الشرق الأوسط، الذي عقد بمدينة وارسو في فبراير/شباط الماضي وركزت أجندته على مواجهة إيران، ليعبر كلا المؤتمرين (في وارسو والمنامة) عن إصرار دولي على مواجهة إرهاب طهران وتهديدها للملاحة في المنطقة.
- مؤتمر "تحالف حماية الملاحة" ينطلق في البحرين بمشاركة 60 دولة
- البحرين: إيران تنشر الإرهاب ومسؤولة عن "هجوم أرامكو" بالسعودية
ويكتسب اجتماع البحرين أهمية خاصة في ضوء المتغيرات التي حدثت بعد قمة وارسو، وكان أبرزها تعدد اعتداءات إيران على السفن التجارية في منطقة الخليج العربي وتهديدها للملاحة الدولية ودعوة الولايات المتحدة في يوليو/تموز الماضي لتشكيل تحالف دولي لحماية الملاحة وانضمام عدد من الدول بالفعل لهذا التحالف أبرزها السعودية والإمارات والبحرين وأستراليا وبريطانيا.
ويتوقع أن يكون دعم وتوسيع هذا التحالف محورا مهما على أجندة مؤتمر البحرين، الذي يعتبره خبراء بمثابة قمة عالمية حول أمن الملاحة البحرية والجوية بالمنطقة.
وتزداد أهمية المؤتمر؛ لتزامنه مع انطلاق التمرين البحري الدولي للقوات البحرية الأمريكية بالقيادة البحرية المركزية، واعتبرته واشنطن "التمرين البحري الأكثر شمولا في العالم، ويهدف إلى ردع الأخطار التي تهدد حرية الملاحة".
قمة البحرين.. المشاركون والأهداف
اجتماع مجموعة العمل الوزارية في المنامة اليوم يُعَد واحدا من اجتماعات تعقدها 7 مجموعات عملٍ تمّ الإعلان عنها في أعقاب اجتماع وارسو في فبراير/شباط الماضي.
وأكدت البحرين "أن هذا الاجتماع سيشكل فرصة للتشاور وتبادل الرؤى بين العديد من دول العالم، للوصول إلى السبل الكفيلة لردع الخطر الإيراني وضمان حرية الملاحة في هذه المنطقة الاستراتيجية للعالم أجمع".
وأشارت وزارة الخارجية البحرينية إلى أن هذا الاجتماع "يأتي في إطار الدور الذي تضطلع به مملكة البحرين للمساهمة في ترسيخ الأمن والاستقرار في المنطقة، وإدراكا منها للمخاطر التي تهددها في ظل ممارسات إيران التي تشكل خطرا كبيرا على الملاحة البحرية والجوية، وتجسيدا لسياسة البحرين المرتكزة على ضرورة تعزيز التعاون الدولي في مواجهة جميع المشكلات والأزمات التي تهدد الأمن والسلم الدوليين".
وحول أهداف المؤتمر، أكد سفير المنامة لدى واشنطن الشيخ عبدالله بن راشد آل خليفة، أن بلده تستضيف قمة عالمية للأمن البحري تهدف إلى توحيد قوات مكافحة الإرهاب؛ حيث سيعمل الشركاء خلالها على تعزيز قدراتهم في دعم الأمن والسلام بدول الخليج العربي وبقية دول العالم.
وأوضح السفير في مقال نشرته صحيفة واشنطن تايمز، الإثنين الماضي، أن هذا التحالف يأتي في وقت حرج؛ حيث أدت الهجمات الأخيرة على طرق النقل البحري الرئيسية في الخليج، وخاصة في مضيق هرمز الحيوي لتقويض سلامة الملاحة الدولية وخلق حالة من عدم الاستقرار في المنطقة، مضيفا أنه بالمثل أدى الهجوم الذي حدث الشهر الماضي على منشآت النفط في السعودية إلى ارتفاع أسعار الذهب الأسود.
وإجمالا يمكن القول إن اجتماع البحرين يهدف إلى تحقيق عدة أمور: أبرزها توحيد قوات مكافحة الإرهاب والعمل على تعزيز قدراتهم في دعم الأمن والسلام في الخليج العربي، وتعزيز حرية الملاحة والتدفق الحر للتجارة البحرية، ووضع حد لممارسات إيران العدائية والخطيرة على الملاحة البحرية، وتعزيز المصالح الأمنية المشتركة وتقوية التعاون في الشرق الأوسط، كما يناقش المؤتمر منع تهريب الأسلحة المتقدمة وحماية الطيران المدني.
دعم تحالف حماية الملاحة
تلك الأهداف تجعل دعوة واشنطن في يوليو/تموز الماضي إلى تشكيل تحالف عسكري لحماية المياه الاستراتيجية في الخليج، محورا رئيسيا على أجندة أعمال الاجتماع.
كما تبرز الإصرار الدولي على مواجهة اعتداءات طهران ووضع حد لها، خصوصا أن مؤتمر البحرين يعد امتدادا لاجتماع وارسو فبراير/شباط الذي دعت إليه الولايات المتحدة؛ لبحث آلية لوقف أنشطة إيران الهدامة في الشرق الأوسط ومحاربة الإرهاب، وتضافر الجهود الدولية والإقليمية لإرساء الأمن والاستقرار في المنطقة.
وأعلنت الولايات المتحدة حينها عزمها إنشاء تحالف لحماية المصالح في الخليج العربي، إلا أن المتغيرات التي حدثت مؤخرا تجعل من دعم وتوسيع تحالف حماية الملاحة ضرورة لتحقيق أهداف المؤتمر، وحماية الملاحة الدولية والحفاظ على أمن الطاقة العالمي، وبالتالي حماية الاقتصاد العالمي.
وكانت واشنطن قد أعلنت أنها تسعى إلى تشكيل تحالف عسكري لحماية المياه الاستراتيجية في الخليج، مؤكدة أنها ستوفر بموجب الخطة، سفن قيادة للتحالف العسكري وستقود جهوده للمراقبة والاستطلاع.
ويهدف التحالف الدولي لأمن الملاحة البحرية "آي إم إس سي"، إلى حماية السفن التجارية من خلال توفير الأجواء الآمنة لضمان حرية الملاحة البحرية والتجارة الدولية ومصالح البلدان المشاركة في التحالف، وبالتالي تعزيز أمن وسلامة السفن التجارية التي تمر عبر الممرات البحرية.
تغطي منطقة عمليات التحالف البحري الدولي مضيق هرمز الممر المائي الأكثر أهمية في العالم لإمدادات النفط، وباب المندب وبحر عمان والخليج العربي.
وكانت الولايات المتحدة قد دعت أكثر من 60 دولة للمشاركة في تشكيل قوة بحرية دولية تؤمن الملاحة العالمية في الخليج، على خلفية الحوادث المتكررة التي طالت في الأشهر الماضية ناقلات نفط في مياه المنطقة؛ لا سيما احتجاز طهران ناقلة نفط بريطانية.
ويمر نحو 40% من النفط المنقول بحرا في العالم عبر مضيق هرمز، ولطالما هددت إيران بإغلاق المضيق الاستراتيجي.
كما دأبت إيران وأذرعها المنتشرة بالمنطقة على استهداف السفن التجارية، لا سيما ناقلات النفط في مضيق هرمز؛ الأمر الذي تكرر خلال الأشهر الماضية.
وتصاعدت حدة التوترات بين إيران والغرب منذ سريان العقوبات الأمريكية على صادرات النفط الإيرانية بالكامل في مايو/أيار الماضي، بالتزامن مع الذكرى السنوية لانسحاب واشنطن من الاتفاق النووي بين إيران والقوى العالمية.
ومنذ ذلك الحين، تتسارع وتيرة المواجهة بين إيران والغرب؛ حيث أرسلت الولايات المتحدة يوم 5 مايو/أيار مجموعة هجومية تضم حاملة طائرات وقاذفات إلى الشرق الأوسط، فيما أعلنت إيران يوم 8 مايو/أيار أنها ستخفف بعض القيود المفروضة على برنامجها النووي، قبل أن تحذر البحرية الأمريكية في العاشر من الشهر ذاته من هجمات إيرانية محتملة على حركة الملاحة في الخليج.
وبالفعل في أقل من شهر تتعرض حركة الملاحة الدولية في الخليج لتهديدات غير مسبوقة؛ حيث تعرضت 4 سفن من بينها ناقلتان سعوديتان للهجوم في 12 مايو/أيار بالخليج العربي، وحمّل مسؤولون أمريكيون وأوروبيون إيران المسؤولية، قبل أن تتعرض ناقلتان للهجوم جنوبي مضيق هرمز في 13 يونيو/حزيران، وتتهم واشنطن طهران مرة أخرى بالوقوف وراءه.
التهديدات الإيرانية لم تتوقف عند استهداف حركة الملاحة الدولية فحسب، ولكنها امتدت إلى أبعد من ذلك وأسقطت إيران في 20 يونيو/حزيران طائرة استطلاع أمريكية عسكرية مسيرة في المياه الدولية بالخليج العربي، كما صوبت مدافعها تجاه ناقلة النفط البريطانية هيريتدج عند المدخل الشمالي لمضيق هرمز في 10 يوليو/تموز، قبل أن تعلن اختطاف ناقلة نفط بريطانية تسمى "ستينا إمبيرو" لدى عبورها مضيق هرمز يوم 19 من الشهر ذاته.
aXA6IDE4LjE4OC4xMTMuMTg5IA== جزيرة ام اند امز