«واقعية وملموسة».. خبراء يقيمون لـ«العين الإخبارية» مخرجات قمة البحرين
قمة عربية تاريخية استضافتها البحرين، الخميس، تأتي في ظروف عربية وإقليمية بالغة التعقيد، فكيف كانت مخرجاتها؟
خبراء تحدثت معهم "العين الإخبارية" أكدوا أن "القمة حققت رضا ملموسا بالعواصم العربية، لأنها كانت واقعية في نقاشاتها ونتائجها، ونقلت العمل العربي المشترك لآفاق أرحب وأكثر واقعية".
وقال الخبراء إن القمة تبعث برسائل مهمة، مفادها أن إسرائيل لا يمكن أن تكون لها علاقات طبيعية مع محيطها، إذا لم تتخل عن سياساتها العدوانية، والقبول بحل الدولتين.
وشدد الخبراء على أن دعوة نشر قوات حفظ سلام إلى حين تطبيق حل الدولتين، "لا يُمكن أن تتحقق على أرض الواقع"، ما لم يصدر قرار دولي يصدر من مجلس الأمن، وهو أمر غير وارد حاليا لاصطدامه بالفيتو الأمريكي.
ودعت القمة العربية الـ33 التي اختتمت في البحرين، الخميس، إلى "نشر قوات حماية وحفظ سلام دولية تابعة للأمم المتحدة في الأرض الفلسطينية المحتلة إلى حين تنفيذ حل الدولتين".
وأكد الإعلان الختامي الصادر عن قمة البحرين، ضرورة "وقف العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة فورا، وخروج قوات الاحتلال الإسرائيلي من جميع مناطق القطاع"، ورفع الحصار المفروض عليه، وإزالة جميع المعوقات وفتح جميع المعابر أمام إدخال مساعدات إنسانية كافية لجميع أنحائه.
وعبر إعلان البحرين، في ختام القمة العربية، عن دعم الدول العربية للأمن المائي العربي وحقوق مصر والسودان والعراق وسوريا في أنهار النيل ودجلة والفرات.
رسائل قمة المنامة
وفي تحليله لمخرجات قمة المنامة، قال المحلل السياسي التركي والباحث في مركز "تحليل السياسات" بإسطنبول محمود علوش، لـ"العين الإخبارية" إن "القمة أعادت التأكيد على العناوين العريضة المتمثلة في الحاجة إلى وقف فوري للعدوان الإسرائيلي على غزة، ورفض تهجير الفلسطينيين ومطالبة إسرائيل بسحب قواتها من القطاع".
وأضاف أن "هذه العناوين هي بمثابة شروط واضحة تضعها الدول العربية مقابل أي دور لها في مستقبل إدارة غزة بعد الحرب".
واعتبر أن "قمة المنامة" بعثت برسالتين مُهمّتين، الأولى لإسرائيل، مفادها أنها لا يُمكن أن تكون لها علاقات طبيعية مع محيطها إذا لم تتخل عن سياساتها العدوانية تجاه الفلسطينيين، وإذا لم تقبل بحل الدولتين.
وأوضح أن الرسالة الثانية كانت للولايات المتحدة، ومفادها أن العالم العربي لن يكون مُستعداً للانخراط في الرؤية الأمريكية لمستقبل غزة بعد الحرب، إذا لم تنته الحرب أولاً، وتنسحب إسرائيل من القطاع، وإذا لم تشمل هذه الرؤية خلق مسار واضح يؤدي إلى قيام دولة فلسطينية على حدود عام 1967.
صعوبة واقعية
وبشأن نشر قوات حماية وحفظ سلام دولية إلى حين تنفيذ حل الدولتين، قال المحلل السياسي التركي محمود علوش إن دعوة القمة لنشر قوات حفظ سلام لا يُمكن أن تتحقق على أرض الواقع، إذا لم يصدر قرار دولي من مجلس الأمن، وهذا الأمر يتطلب موافقة أمريكية على هذا المقترح، وهو ما لا يُمكن تصوره بأية حال في الوقت الحالي.
وأضاف أن هناك حقيقة سيتعين على واشنطن أخذها بعين الاعتبار بعد هذه الحرب، وهي أنه لم يعد بمقدورها إدارة الصراع عبر تجميده بالطريقة التي فعلت خلال السنوات والعقود الماضية، كما أن العالم العربي لم يعد مُستعداً للتعايش مع عقود جديدة من هذا الصراع، دون أي أفق للسلام، وتحقيق الحل العادل والشامل.
وخلص الخبير التركي إلى التأكيد على أن "هناك حاجة لحل هذا الصراع؛ لأنه دون حلّه لا يُمكن أن تكون هناك أي فرص لتحقيق الازدهار في هذه المنطقة".
آفاق أرحب
من جهته، قال الدكتور مبارك آل عاتي الكاتب والمحلل السياسي السعودي، لـ"العين الإخبارية"، إن "القمة العربية التي اختتمت أعمالها اليوم حققت رضا ملموسا لدى كل العواصم العربية".
وأضاف أن "القمة كانت واقعية جدا في نقاشاتها ونتائجها ومعطياتها، كما أنها أيضا أعادت التأكيد على وحدة الموقف العربي تجاه العدوان الإسرائيلي، ووحدة الرؤية لحل القضية الفلسطينية، والسعي لدى العواصم العالمية لبذل مزيد من الجهود السياسية لصالح الضغط على إسرائيل، وكبح جماح آلة الحرب الإسرائيلية والتأكيد على أن السلام لا يزال هو الخيار الاستراتيجي لها".
وأشاد بالدبلوماسية البحرينية الهادئة، التي أسهمت في نقل العمل العربي المشترك إلى آفاق أرحب وأكثر فاعلية.
واعتبر أن "النقطة الأهم هي المبادرة البحرينية بإعلان مؤتمر دولي لحل القضية الفلسطينية وفقا لحل الدولتين"، مشيرا إلى أن مخرجات قمة المنامة جاءت نتاج توافقات جرى الإعداد لها قبل القمة العربية وخلالها.
مهمة للغاية
أما الأكاديمي المصري المتخصص بالشؤون الدولية الدكتور طارق فهمي فأكد، لـ"العين الإخبارية"، أن الدعوة لنشر قوات سلام دولية مهمة للغاية، إضافة إلى عقد مؤتمر دولي للسلام، لكن هذا الأمر يحتاج إلى تدابير وإجراءات دولية عديدة، وتكون من مجلس الأمن الدولي.
وبشأن عقد مؤتمر دولي للسلام، وربط ذلك بمؤتمر مدريد للسلام الذي عقد عام 1991، قال فهمي إن "مؤتمر مدريد للسلام بدأ في مطلع التسعينيات من القرن الماضي برعاية روسية وأمريكية، إضافة إلى وفد عربي فلسطيني أردني، واليوم نتحدث حاليا عن مقاربة مختلفة تعرف باسم المؤتمر الدولي للسلام في الشرق الأوسط، تدعو إليه الأطراف المعنية إضافة إلى الأمم المتحدة".
واعتبر فهمي أن الأهم في بيان القمة هو التأكيد على ضرورة وقف إجراءات التهويد والاستيطان، وأن يكون هناك قوات فاصلة متعددة الجنسيات لحفظ الاستقرار لحين تسليمها بعد المفاوضات، والنص الواضح برفض تهجير الفلسطينيين.
وبدوره، قال الخبير الاستراتيجي المصري اللواء دكتور سمير فرج، لـ"العين الإخبارية"، إنه من الصعب نشر قوات حفظ سلام من الناحية العملية، لأن هذه الدعوة سوف تصطدم برفض أمريكي وإسرائيلي.
وقال الدكتور منذر الحوارات المحلل السياسي الأردني، لـ"العين الإخبارية"، إن القمة لم تخرج عن المسارات السابقة لمثيلاتها، في التأكيد على حقوق الشعب الفلسطيني، وحل الدولتين، والتوصل إلى السلام العادل والشامل على حدود الرابع من يونيو/حزيران 1967، ووقف الاستيطان.
وأضاف: "لكن الجديد في قرارات قمة البحرين هو الدعوة لنشر قوات حفظ سلام دولية، فيما لن يجد هذا المطلب طريقه للتنفيذ إلا بموافقة الولايات المتحدة وإسرائيل، والأخيرة لن توافق".