"قطاع الطرق".. أداة حوثية لقمع قبائل الجوف وتهديد مأرب
حشود عسكرية غير مسبوقة، دفعت بها مليشيات الحوثي الإرهابية إلى الجوف، شمالي شرق اليمن، في تحرك يرى فيه مراقبون تمهيدا لـ"قمع" القبائل المناهضة لها، و"تهديدا" لمحافظة مأرب الحدودية.
وتقف محافظة الجوف على صفيح ساخن بعد توتر الأوضاع بين قبيلة "بني نوف"، إحدى بطون قبائل دهم التي تقطن المحافظة ومليشيات الحوثي، على خلفية مقتل أحد القادة العسكريين للمليشيات قبل أيام في كمين مسلح للقبائل.
وشكّل خبر مقتل القيادي الحوثي عقيل المطري برتبة "لواء" ضربة موجعة لمليشيات الحوثي التي لجأت للاستنفار العسكري وحشد متواصل للدوريات والعناصر المدججة بالأسلحة من صنعاء وصعدة إلى الجوف لـ"تأديب القبائل"، على حد قولها.
مصادر قبلية في الجوف قالت لـ"العين الإخبارية"، إن مليشيات الحوثي دفعت بمئات العناصر بقيادة "أبو عبدالله المداني" و"أبو نصر الشعف" والقيادي المقرب من زعيم المليشيات "جميل زرعة" الذي تنصبه الجماعة قائدا لما تسمى "المنطقة العسكرية السادسة" التي تنتشر في صعدة والجوف.
المصادر أكدت لـ"العين الإخبارية" أيضا، أن مليشيات الحوثي رفضت كل جهود الوساطة لتهدئة الأوضاع مع قبائل الجوف ولجأت لبث تهديدات علنية ضد زعماء القبائل منها وصفهم بأنهم "قُطاع طرق" و"تجار حشيش" وهو ما ترفضه القبائل وتنفيه.
قوائم مطلوبين
وأوضحت المصادر أن الحوثيين سلموا قبائل بني نوف وقبائل دهم قوائم مطلوبين بعدد 26 شخصا بينهم زعماء قبليون مناهضون لمشروعهم تحت مزاعم أنهم "قطاع طرق"، ويقفون خلف "اغتيال القيادي في المليشيات "عقيل المطري"، واشترطت تسليمهم أحياء أو أمواتا أو أنها ستجتاح المنطقة برمتها.
ووفقا للمصادر فإن مليشيات الحوثي بدأت منذ الإثنين الماضي فرض حصار خانق على قبيلة "بني نوف" التي تقطن شرق مديرية الحزم وقطعت شبكة اتصالات الهاتف النقّال ونصبت عشرات الحواجز الأمنية على طول الطريق الرابط بين الجوف ومأرب، في إشارة إلى أنها تستعد لجرائم حرب بعيدا عن العالم.
وأشارت المصادر إلى أن مليشيات الحوثي أجبرت 15 زعيما قبليا من قبائل "بني نوف" منهم موالون لها على الخروج في بيان لتبرير حملتها العسكرية ضد القبائل عامة والتي تستعد لشنها بغطاء ملاحقة "قطاع الطرق".
وبحسب المصادر فإن زعيم مليشيات الحوثي وجّه قياداته العسكرية بقمع قبائل الجوف وقبيلة بني نوف على وجه التحديد وكل من يقف في وجه الحملة العسكرية أياً يكون دوره وذلك لتأمين توغل مليشياته صوب مأرب.
وكلفت مليشيات الحوثي ما يسمى "المنطقة العسكرية السادسة" بقيادة الإرهابي جميل زرعة باتخاذ إجراءات قمعية ضد القبائل، وأعطته مهلة محددة لإنجاز المهمة على أن يمهد الطريق لهجوم حوثي جديد على مأرب عبر الصحراء.
وتستهدف مليشيات الحوثي، وفقا للمصادر، اجتياح قرى "بني نوف" وقرى شرق وجنوب مديرية الحزم، حاضرة محافظة الجوف، حيث تستعد لارتكاب جرائم تطهير عرقي ضد مناهضيها بحجة ملاحقة "المطلوبين من قطاع الطرق".
واتهمت المصادر مليشيات الحوثي بالسعي لخلق ثأرات جديدة بين قبائل الجوف وصنعاء خصوصا بعد استقدام قبائل "بني مطر" في صنعاء بادعاء الثأر للقيادي "عقيل المطري" الذي قتل بكمين مسلح لقبائل دهم.
كما تسعى مليشيات الحوثي لتكرار سيناريو اجتياح بلدات "حجور" في محافظة حجة 2019 والتي ارتكبت فيها جرائم حرب ضد الإنسانية، وتطهيرا عرقيا، ولا يزال العشرات حتى اليوم يقبعون في زنازينها مخفيين قسريا، وفقا للمصادر.
أهداف مزدوجة
بالتزامن من ذلك، أطلقت مليشيات الحوثي حملة إعلامية واسعة لتبرير الجرائم التي تستعد لارتكابها بغطاء ملاحقة "قطاع الطرق" و"تجار الحشيش" وتأديب قبائل "بني نوف" التي اتهمتها بطعنها بالظهر.
وعن حملة الحوثي العسكرية في الجوف، أكد الناشط الإعلامي عبدالوهاب نمران وصول تعزيزات ضخمة للمليشيات تصل إلى أكثر من 500 دورية عسكرية وآليات بقيادة أبو عبدالله المداني، وأبو نصر الشعف، وأبو بدر بازرعة وهو أكبر قيادي يتصل بزعيم المليشيات.
وأوضح الناشط اليمني في تصريحات لـ"العين الإخبارية"، أن استنفار مليشيات الحوثي في الجوف جاء عقب مقتل القيادي عقيل المطري وهو من أكبر القيادات العقائدية التي ظلت تعمل من خلف الستار في خدمة المليشيات.
وأكد نمران أن "مليشيات الحوثي تبحث من حملتها العسكرية في الجوف تحقيق أهداف مزدوجة الأولى ضرب القبائل والأخرى تطويق مأرب من اتجاه العلم".
وأشار إلى أن الحوثيين "يسعون إلى تخويف القبائل والضغط على قبيلة بني نوف وأي قبلية تحاول الانقلاب في حال عزمت على الهجوم على مأرب".
وتوقع الناشط الإعلامي امتداد المواجهات حال انفجار الوضع عسكريا بين مليشيات الحوثي وقبيلة "بني نوف" إلى بقية بطون قبائل دهم خاصة "بني محمد" وذو حسين، وهمدان، والمعاطرة، وآل سليمان، والعمالسة، وآل مسعود، وآل سالم، وآل ذوي، والشداودة، والمحابيب، وآل مسلم.
وعن مزاعم المليشيات بأن حملتها ضد قطاع الطرق وتجار المخدرات، أكد أن "قيادات مليشيات الحوثي غالبيتها تعمل في تجارة الحشيش على رأسهم أبو هادي الوائلي وتتخذ من صنعاء مقرا لها".
وأوضح أن "مليشيات الحوثي تستفيد من تجار الحشيش أولا في جني الأموال لتمويل جبهاتها، وتتربح منهم ملايين الدولارات فضلا عن تهريب الأسلحة عبر طرق تهريبهم المعروفة".