رحلات الموت.. تقطيع الحوثي أوصال تعز يفاقم معاناة المرضى
يقطع مطهر عارف (42 عاما) 7 ساعات سفر للوصول لتعز لخوض جلسة غسيل الكلى بعد أن قام الحوثي بحصار المدينة وقطع الطرقات منذ 9 أعوام.
وضاعفت مليشيات الحوثي من معاناة المدنيين المرضى، إذ يحتاج جسم مطهر النحيل والمصاب بمرض الفشل الكلوي منذ 10 أعوام، لجلستين أسبوعيا، والذي لا يقوى على تحمل مشقة سفر تلك المسافة الشاقة، والطرق الجبلية الوعرة التي اتخذها المواطنون كطرق بديلة للوصول إلى مدينة تعز قادما من مسقط رأسه في مديرية شرعب شمالي المحافظة.
ينفق مطهر كلفة مواصلات سفره إلى مركز غسيل الكلى في مستشفى الثورة وسط تعز، 30 ألف ريال يمني (50 دولار أمريكي)، ومثلها العودة، إضافة إلى العلاجات، أي أنه في الشهر الواحد تبلغ تكاليف وصوله إلى مركز الغسيل وسط المدينة لخوض 8 جلسات غسيل 480 ألف ريال يمني (800 دولار أمريكي).
مطهر عارف أبٌ لـ7 أولاد، وعلى الرغم أنه غير قادر على العمل وإعالتهم، تضاعف المليشيات تكاليف سفره لمركز الغسيل والاستمرار في البحث عن الحياة قائلا: "نسافر سبع ساعات لمركز غسيل الكلى بالثورة، وأحيانا ننام في الطرقات خاصة هذه الأيام مع موسم الأمطار، وإذا ما سافرت لجلسة الغسيل، لا أستطيع تحمل الألم واللهيب بجسمي".
وتؤكد مصادر طبية في تعز لـ"العين الإخبارية" أن مركز غسيل الكلى في المدينة يستقبل شهرياً نحو 540 شخصا من مرضى الفشل الكلوي، بينهم 170 من مديريات خارج المدينة وأريافها.
وأوضحت المصادر الطبية أن مختلف المرضى يأتون من مناطق خارج المدينة ويمرون عبر الطرق الوعرة بسبب الحصار الحوثي، أبرزهم من مناطق شرعب السلام وشرعب الرونة والتعزية وجبل حبشي ومقبنة وشمير، والبعض من ذباب وموزع والوازعية وحيفان والدمنة والأقروض.
ارتفعت المضاعفات لدى بعض الأشخاص الذين يعانون من أمراض مزمنة، نتيجة عدم قدرتهم على الدخول إلى مركز المدينة حيث تتواجد المرافق الصحية فيها، وقد تصل هذه المضاعفات حد الوفاة.
طرق بديلة مميتة
أدى حصار مليشيات الحوثي الإرهابية لمدينة تعز وقطع الطرق الرئيسية، إلى سلك طرق بديلة، كطريق الأقروض الواقع جنوبي شرق المدينة، وطريق جبل حبشي، والكدحة غربًا، وهيجة العبد جنوبًا، وجميعها طرق جبلية وعرة تزيد من آلام المدنيين المرضى.
يضاعف حصار مليشيات الحوثي لمدينة تعز، معاناة العديد من المرضى أبرزهم مرض الفشل الكلوي، ومرضى القلب، ومرضى الأورام السرطانية، وضحايا القذائف والألغام الحوثية.
وبلغ عدد المرضى المرتادين إلى مدينة تعز من أرياف ومديريات المدينة والمحافظات المجاورة ومن يمرون عبر الطرق الوعرة بسبب الحصار الحوثي (مرضى الأورام السرطانية، المرضى المبتورين، مرض القلب، مرضى الأوعية الدموية والشرايين، مرضى الفشل الكلوي) حتى أواخر العام الماضي، 3470 مريضا، بينهم نساء وأطفال، بحسب إحصائيات رسمية حصلت عليها "العين الإخبارية".
المحامي والحقوقي اليمني مختار مهيوب يقول خلال تصريحاته لـ"العين الإخبارية" إن ما تقوم به مليشيات الحوثي من إغلاق جميع المنافذ والطرقات الرئيسية التي تربط مدينة تعز ببقية المديريات والمحافظات منذ ثمان سنوات، قد ألحق أضراراً جسيمة وبالغة بحق المدنيين خاصة المرضى.
وأضاف المحامي اليمني، أن الحصار الحوثي أثر على مختلف القطاعات في المدينة اقتصاديا واجتماعيا وإنسانيا، ولحقت أضراره كل فرد في المحافظة.
انتهاكات جماعية
ويؤكد مختار أن مليشيات الحوثي تتعمد مواصلة سياسة التجويع وارتكاب الانتهاكات الجماعية بحق السكان المدنيين في مدينة تعز، من خلال استمرار إغلاق المنافذ والطرقات الرئيسية، مما قيد بشكل كامل حركة تنقل المدنيين كافة وأعاق بشكل كلي نقل ووصول المواد الغذائية والطبية وعمليات الإغاثة الإنسانية والنشاط التجاري والصناعي، ليلحق الضرر والألم بمئات الآلاف من المدنيين خاصة المرضى والنساء والأطفال.
لم يعد خافيا على أحد مدى تعنت مليشيات الحوثي وتعمدها إلحاق الاضرار الجسيمة والآلام الغائرة بالمدنيين، باستمرار حصار المدينة ورفضها كل المبادرات المحلية والدعوات والاتفاقات الأممية والدولية الداعية إلى رفع الحصار بفتح الطرقات والمنافذ الرئيسية من وإلى مدينة تعز.
وهي ما تعد انتهاكات خطيرة للقانون الدولي الإنساني وقواعده العرفية التي تحظر استخدام التجويع والعقاب الجماعي وسيلة من وسائل الحرب تجاه المدنيين، لأن مثل هذه الممارسات والأفعال تشكل جرائم ضد الإنسانية وجرائم حرب وفقا لما نصت عليه مواد نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية ويخضع مرتكبيها والمسؤولين عنها للمساءلة الجنائية دولياً ومحلياً.