بـ«حذر وتريث».. بنك المغرب يمضي في رحلة تعويم الدرهم
منذ حوالي 6 أعوام، شرع المغرب في تعويم عملته المحلية «الدرهم»، في رحلة عنوانها «الحذر والتريث»، وعقباتها: «قوة الاقتصاد» و«خطر التضخم».
ووسط حث صندوق النقد الدولي المملكة المغربية، على المضي قدماً في مسلسل التحرير الكامل للعملة الوطنية، يرى البنك المركزي، أن الوقت لم يحن بعد لذلك، مُكتفيا بتحرير جزئي في حدود 5%، صعوداً وهبوطاً في عام 2020 بعدما كان الهامش لا يتجاوز 0.25% عام 2018.
لكن رفض المرور إلى المرحلة التالية من التعويم، يُرجعه مسؤولو بنك المغرب، وعلى رأسهم عبد اللطيف الجواهري، والي البنك (المحافظ العام) إلى عدم جاهزية النسيج الاقتصادي الوطني لهذه الخطوة.
تشجيع دولي
ولا يفوت صندوق النقد الدولي ومختلف مسؤوليه الفرصة لتوجيه خطابات تحث المغرب على تسريع مسلسل تحرير سعر الدرهم، آخرها كان تأكيد روبرتو كارداريلي، رئيس بعثة صندوق النقد الدولي بالمغرب، على أن الوقت الحالي مواتٍ تماماً لاستئناف خطة التعويم، بتحرير سعر صرف الدرهم بشكل كامل.
وفي الوقت الذي عرض فيه المسؤول بصندوق النقد الدولي، في فبراير/شباط الماضي، مساعدة المؤسسة المالية الدولية للمغرب بشأن الأمور التقنية لتعويم الدرهم، شدد على أن المغرب قد بذل جهداً كبيراً للانتقال بسلاسة بين مختلف مراحل عملية التعويم، خاصة بعد ما خلفته جائحة كورونا من صدمات اقتصادية.
إلى ذلك، أشاد "كارداريلي" بالسياسات النقدية والمالية التي تعتمدها المملكة، مؤكداً أن التخفيض التدريجي لعجز المالية العامة في البلاد، يحقق التوازن الصحيح. خاصة في ظل تسارع نمو الناتج المحلي الإجمالي للمملكة، مع انتعاش الطلب المحلي وانتعاش الصادرات.
حذر مغربي
وفي مقابل تأكيد صندوق النقد الدولي الدائم على جاهزية الاقتصاد الوطني المغربي للانتقال إلى التعويم الكامل للدرهم، يقف مسؤولو السياسة النقدية ببنك المغرب في الضفة الثانية، مُتريثين في ذلك.
عبد اللطيف الجواهري، والي بنك المغرب (المحافظ العام)، شدد خلال مارس/آذار 2024، على أن الظروف الراهنة للاقتصاد المغربي، غير مواتية لاتخاذ مثل هذه القرارات، والمرور إلى مرحلة جديدة فيما يتعلق بتعويم الدرهم.
ويؤكد الجواهري، أنه على الرغم من إصرار صندوق الدولي على التحرير الكامل للدرهم، إلا أن الانتقال إلى المرحلة الجديدة من نظام سعر الصرف المرن لن يحدث سوى في حالة التيقن من كون النسيج الاقتصادي المغربي جاهز لذلك.
ولفت إلى ضرورة تأكيد بعض التوازنات قبل اتخاذ هذه الخطة، خاصة ما يتعلق بتحقيق مستويات ملائمة من احتياطات العملة الصعبة، مع توفر نظام بنكي مرن، وأيضاً قدرة البنك المركزي على إدارة كل من احتياطيات الصرف واستهداف التضخم.
ويُعلق الجواهري على رفضه المرور إلى الخطوة الموالية، بالتأكيد على أن مجموعة من الفاعلين الاقتصاديين في المغرب ليسوا مستعدين بعد لهذا الانتقال، خاصة المقاولات الصغرى والمتوسطة وكذا المقاولين الذاتيين.
عوامل متعددة
الانتقال إلى التحرير الكُلي لصرف الدرهم المغربي، تحكمه عوامل متعددة، أهمها ما يعكف البنك المركزي على التحكم فيه، وهو معدل التضخم الذي يجب أن يظل مستقراً في نسبة اثنين في المئة لسنوات.
موقف، يتبناه رشيد ساري، رئيس المركز الأفريقي للدراسات الاستراتيجية والرقمنة، إذ يؤكد على أن مثل هذه الخطوات النقدية، تتطلب وضعية اقتصادية مريحة جداً، الشيء الذي لم يتحقق بعد بالنظر إلى مجموعة من العوامل الدولية.
ساري، أوضح لـ"العين الإخبارية" أن مختلف التوترات التي تشهدها منطقة الشرق الأوسط، ومعها التقلبات أوروبا بسبب الحرب الروسية الأوكرانية، تجعل الحديث عن التعويم صعباً. كما أن هذه التقلبات والتوترات، خلقت معها تراجعاً في نسب النمو، وارتفاعاً في نسب التضخم، ومعها فواتير الطاقة في العالم بأكمله.
وعلى الرغم من الانتعاشة الحقيقية التي يعيشها الاقتصاد المغربي، إلا أن الخبير الاقتصادي، كشف اتباع البنك المركزي لنهج نقدي حذر؛ حيث لا يُريد المخاطرة باستقرار العملة، ومعها السلم الاجتماعي، في حالة المرور إلى التعويم الكلي للدرهم المغربي.
aXA6IDMuMTM5LjIzNC4xMjQg جزيرة ام اند امز