مساومة بدماء اليمنيين.. "تصعيد" حوثي ضد الدعوات الأممية
بعد قليل من إعلان المبعوث الدولي إلى اليمن اعتزامه بدء مشاورات حول إطار عام لخطة أممية جديدة لتسوية سياسية شاملة، ذهبت مليشيات الحوثي للإعلان عن حملة تصعيد واسعة لتؤكد الرفض المسبق لمسار السلام.
كما لم تجد إحاطة هانس غروندبرغ لمجلس الأمن قبل أيام أذنا صاغية من الحوثيين كعادتهم في التعاطي مع الجهود الأممية منذ 2014 وحتى اليوم وإفشال مهمة 4 من مبعوثي أمين عام الأمم المتحدة.
وشنت مليشيات الحوثي حملة تحشيد عسكري ودعم للجبهات واستنفار ووصل إلى تنفيذ أوسع هجوم بري وبحري على المناطق المحررة بمحافظة حجة مصحوبا بزوارق مسلحة وطائرات ملغومة وصواريخ باليستية في موقف لتوجه استمرار تصعيدها العسكري وجرائمها بحق المدنيين وقصف الأعيان المدنية داخل وخارج اليمن.
ورغم اعتقاد غروندبرغ أنَّ "إنهاء الحرب في اليمن أمر ممكن" واعترافه في آخر إحاطته لمجلس الأمن أنه "لن يكون سهلا" تمضي المليشيات في نهجها الرافض لأي مسار سياسي لإنهاء الحرب الحوثية، كان أبرزها رفض لقاء المبعوث خلال جولاته المبكرة بعد تسلمه مهمته.
رؤية وصفعة
وترى المليشيات السلام من منظورها الخاص بحيث يكون على صيغة اعتراف بانقلابها وشرعنة سطوتها على مؤسسات الدولة وجغرافيا اليمن، وتتمسك بفتح الموانئ والمطارات دون رقابة إنسانية، وكذا إنهاء عمليات تحالف دعم الشرعية وتسليمها تعويضات تحت مسمى إعادة الإعمار لشرعنة حكمها لليمن، وهي شروط سبق وسوقتها مرارا.
ولم يذهب ناطق مليشيات الحوثي ورئيس وفدها المفاوض محمد عبد السلام بعيدا عن ذلك بعد إعلانه عن "رؤية للحل الإنساني" أعدها الانقلاب، زاعما أنه سبق وسلمت للمبعوث الأممي، محاولا الظهور أمام أتباعهم بأنهم أصحاب قرار وبحثا عن نصر إعلامي.
وفيما حاولت مليشيات الحوثي زورا حشر موسكو في الملف اليمني بادعاء تسليمها نسخة من رؤيتها قبل أن تسارع في وسائلها إعلامها لبث مضامينها معتقدة أنها سوف تساوم بدماء اليمنيين ومعاناتهم الإنسانية للكسب بالسلام ما لم تحققه في الحرب طيلة 7 أعوام.
وجددت موسكو على لسان القائم بأعمال السفارة الروسية لدى اليمن الدكتور يفغيني كودروف موقفها الداعم للحكومة المعترف بها دوليا ولأمن ووحدة واستقرار اليمن، في صفعة للمليشيات ورؤيتها التي حاولت تقديم نفسها كوسيط وهي أصل الحرب والأزمة .
وأكد كودروف في لقاء جمعه مع وكيل وزارة الخارجية اليمنية للشؤون السياسية الدكتور منصور بجاش، مساء الخميس، حرصه على العمل على تعزيز العلاقات الثنائية بين البلدين وسبل تطويرها، بحسب تدوينة للسفارة الروسية لدى اليمن على حسابها في "تويتر" وبيان آخر لخارجية اليمن، حصلت "العين الإخبارية" نسخة منه.
بدوره، أكد بجاش استمرار تعنت مليشيات الحوثي وتصعيدها العسكري وإهدارها لكافة فرص ومبادرات السلام، ومليشيات لا تأبه لمصلحة اليمنيين بل تستمر في مضاعفة حجم المعاناة الإنسانية للمواطنين.
وتؤكد كل المؤشرات وقناعات المعنيين بملف الحرب في اليمن أن مليشيات الحوثي ستعيد المبعوث الأممي الجديد هانس غروندبرغ إلى ذات المربع الذي توقف عنده المبعوث السابق مارتن غريفيث حين أعلن أنه فشل في تحقيق شيء سوى اتفاق ستوكهولم الذي لم تنفذه تنصلت عن القبول به بعد أن ضمنت توقف معركة تحرير الحديدة .
وهذا ما أكده رئيس البرلمان اليمني سلطان البركاني مؤخرا بأن "مليشيات الحوثي لا تؤمن بالحوار والسلام وما تزال تعمل على إشعال الحرب وهذه مؤشرات لا تنبئ إطلاقاً عن رغبتهم في القبول بخيارات السلام".
البركاني الذي كان يتحدث وكيلة الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون السياسية وبناء السلام روزماري ديكارلو في نيويورك أشار الى أن مليشيات الحوثي أسقطت جميع مبادرات السلام للمبعوثين الدوليين والسعودية وواشنطن".
خطة أممية أم فرصة للحوثي
وحدد المبعوث الدولي إلى اليمن الأسبوع القادم موعدا لبدأ مشاورات ثنائية منظمة بهدف إثراء إطار خطته ثلاثية المسارات لصقلها مع مختلف أصحاب المصلحة اليمنيين بمن فيهم الأطراف المتحاربة والأحزاب السياسية وممثلون وممثلات عن المجتمع المدني والخبراء بما فيهم النساء.
وأشار إلى أنه يسعى لتأسيس عملية متعددة المسارات، "يمكن من خلالها التعامل مع مصالح الأطراف المتصارعة ضمن سياق أجندة يمنية أوسع في ثلاثة مسارات للشؤون السياسية والأمنية والاقتصادية".
وعلق سفير اليمن في لندن السياسي اليمني البارز ياسين سعيد نعمان على إحاطة غروندبرغ الذي أعلن فيها خطته الجديدة، قائلا "لو أنه أضاف إحاطته المقدمة إلى مجلس الأمن عبارة واحدة تقول إن الحوثيين رفضوا ويرفضون استقباله في صنعاء حتى اليوم منذ تعيينه ، لكان وفر على مجلس الأمن مشقة التفكير في فهم تعقيدات المشكلة".
من جانبه قال الناشط السياسي في حزب المؤتمر الشعبي العام رشاد الصوفي، إن مليشيات الحوثي ومن خلفها الدبلوماسية الإيرانية باتت أكثر براعة في قراءة النيات الأممية وحتى الدولية ولهذا تسعى جاهدة لخداع المجتمع الدولي بالملف الإنساني ثم الاستفادة قدر الإمكان في توسيع رقعة سيطرتهم الجغرافية.
وأوضح في تصريح لـ"العين الإخبارية"، أن الحوثيين يعتقدون اعتقاداً راسخاً بأن سياسة المناورة منحتهم نفوذا متزايدا في حسم عديد المعارك الداخلية ضد مناهضيهم وفي الجبهات مع القوات اليمنية.
وأشار إلى أن مليشيات الحوثي حاولت إظهار تراجع وهمي نحو السلام عندما واجهوا خطرا وجوديا حقيقيا في معركة الحديدة قبل أن يتنصلوا عن اتفاق ستوكهولم وينسف كل المبادرات كان آخرها المبادرة السعودية والوساطة العمانية.
وأضاف "أن مهادنة جماعة إرهابية لن تشكل إلا فرصا ثمينة ويبدو أن البلد ودول الجوار أمام فصل جديد لعنف واسع للإرهابيين تزامنا مع الحراك الأممي الذي سينطلق الأسبوع المقبل".
ويتساءل الصوفي.. هل الأمم المتحدة لا تتعلم من تراكم الخداع الحوثي ومراوغته ونسفه لمبادرات السلام، أم أنها أصبحت فعلا تتغاضى على إرهاب عابر للحدود وعن اتفاقات باتت هدايا مجانية للمليشيات كاتفاق ستوكهولم، الذي يدخل عامه الـ4 من الفشل الذريع؟
aXA6IDMuMTM5LjEwOC45OSA= جزيرة ام اند امز