بارتوميو وبرشلونة.. كيف تدمر ناديا كبيرا في 5 سنوات؟
شهد برشلونة، زلزالا، صباح الإثنين، بعدما ألقت الشرطة القبض على جوسيب ماريا بارتوميو، رئيس النادي السابق، لتورطه في اتهامات بالفساد.
وداهمت الشرطة الكتالونية مكاتب برشلونة، كما ألقت القبض أيضا على عدد من مساعدي بارتوميو السابقين، على رأسهم أوسكار جراو، المدير العام السابق، وجوميز بونتي، رئيس الخدمات القانونية السابق للبارسا.
جاء ذلك على خلفية القضية المعروفة إعلاميا بـ"بارسا جيت"، والمرتبطة بعدد من نجوم وأساطير برشلونة، على رأسهم ليونيل ميسي، وجيرارد بيكيه، وبيب جوارديولا، وكارليس بويول، وحتى خوان لابورتا الرئيس الأسبق، وغيرهم.
"بارسا جيت" تعد حلقة بارزة في مسلسل تراجع برشلونة على يد إدارة بارتوميو خلال آخر 5 سنوات، وجعله في حالة يرثي لها بعدما كان أحد عمالقة القارة الأوروبية على كافة الأصعدة.
كوارث مالية
في يونيو/ حزيران 2015، أتم برشلونة الثلاثية، بفوزه بلقب دوري أبطال أوروبا تحت قيادة المدرب لويس إنريكي، بعدما حقق في وقت سابق ثنائية الدوري الإسباني والكأس في إسبانيا.
وبعد 5 سنوات تقريبا من تلك الأيام التي لا ينساها مشجعو برشلونة، انتقل البارسا من قمة عرش كرة القدم الأوروبية، إلى أزمة مالية ورياضية ضخمة، والسبب الأول هو بارتوميو، الذي كان يشغل منصب الرئيس المؤقت منذ 2014، قبل أن يتم انتخابه بشكل دائم في يوليو/ تموز 2015.
وقبل الانتخابات، أنهى مجلس إدارة برشلونة برئاسة بارتوميو، اتفاقية رعاية مع الخطوط الجوية القطرية، وذهب يبحث عن عقد رعاية جديد بأرقام أعلى، مستندا على نجاحاته الرياضية، وعلى رأسها لقب دوري أبطال أوروبا.
وحصل برشلونة على أموال أكبر من الراعي الجديد شركة "راكوتين" اليابانية، لكنه لم يتمكن من إنفاقها بشكل صحيح، فأبرم عدة صفقات مخيبة للآمال بالتعاقد مع لاعبين مثل أردا توران وأليكس فيدال ولوكاس ديني وباكو ألكاسير وأندريه جوميز وصامويل أومتيتي، الذين لم يتمكن أي منهم من التميز.
في الوقت نفسه، رفعت إدارة بارتوميو رواتب أغلب لاعبي الفريق بزيادة جنونية، وعلى رأسهم جوردي ألبا وسيرجيو بوسكيتس وجيرارد بيكيه ولويس سواريز والقائد ليونيل ميسي، الذي من المفترض أن يحصل على 550 مليون يورو خلال 4 سنوات فقط.
ونتيجة لذلك، أصبح برشلونة النادي صاحب أعلى فاتورة للأجور في كرة القدم الأوروبية، وهو ما جعله النادي الأكثر تضررا من تبعات جائحة فيروس كورونا، التي أوقفت العديد من مصادر الدخل مثل تذاكر المباريات وغيرها.
خطايا نيمار
وفي صيف 2017، نجح باريس سان جيرمان الفرنسي في خطف نيمار دا سيلفا من برشلونة، عن طريق دفع قيمة الشرط الجزائي في عقده (222 مليون يورو)، وبالرغم من أن المبلغ ضخم، فإن برشلونة أيضا أخفق في استغلاله كما يجب.
برشلونة ضم الفرنسي عثمان ديمبلي من بروسيا دورتموند الألماني في 2017، ثم البرازيلي فيليبي كوتينيو من ليفربول الإنجليزي في 2018، والفرنسي أنطوان جريزمان من أتلتيكو مدريد في 2019، وهو ما كلف خزينة البارسا 405 ملايين يورو حتى الآن، بخلاف المتغيرات الممكن دفعها لاحقا، أي ما يقترب من ضعف المبلغ الذي جناه النادي من رحيل نيمار، وفي النهاية لا يمكن القول أيضا أن أيهم نجح في تعويض النجم البرازيلي.
وبعد عام واحد من توليه رئاسة برشلونة، أقر بارتوميو أن النادي خالف القوانين وتهرب من الضرائب عند التوقيع مع نيمار في 2013 قادما من سانتوس البرازيلي، وهو إقرار أضر بصورة النادي، لاسيما مع وجود شكوك حول صحته.
قائمة أعداء
بعد فترة ليست طويلة من انتخابه في منصب الرئيس، بدأت قائمة خصوم بارتوميو تتزايد داخل برشلونة، بسبب قراراته التي لم ترض أطرافا عديدة، ومنها الموافقة على لعب مباراة في الدوري الإسباني ضد لاس بالماس خلف الأبواب المغلقة، بسبب الاحتجاجات في شوارع كتالونيا.
وازداد الخصوم بعد قضية "بارسا جيت"، التي كشفت عن تورط بارتوميو في قضايا فساد، ودفع مبالغ مالية لشركة علاقات عامة من أجل تشويه صورة عدد من نجوم وأساطير النادي الكتالوني، أبرزهم بيب جوارديولا وكارليس بويول وليونيل ميسي.
ميسي نفسه دخل في صدام علني مع بارتوميو في أغسطس/آب الماضي، حتى أن النجم الأرجنتيني أعلن رغبته في الرحيل مستفيدا من بند في عقده يتيح له المغادرة مجانا، قبل أن يضطر للبقاء بعد شد وجذب مع الإدارة، لكي لا يقوم بمقاضاة النادي.
وفي مقابلة له مع موقع "جول" العالمي، اشتكى ميسي من أن رئيس برشلونة السابق كذب عليه في مناسبات عديدة، كما ظهر غضبه على الإدارة السابقة في رسالة توديع صديقه الأوروجواياني لويس سواريز الذي رحل إلى أتلتيكو مدريد في الصيف الماضي، وهو ما كان بمثابة خطيئة جديدة لإدارة بارتوميو.
وبعدما تلقى برشلونة هزيمة كارثية بنتيجة 2-8 أمام بايرن ميونخ في دوري أبطال أوروبا الموسم الماضي، قررت إدارة النادي الكتالوني إجراء عملية إحلال وتجديد في صفوف الفريق، ولأن الأزمة المالية لم تسمح بضم لاعبين جدد، اكتفى البارسا بتسريح عدد من اللاعبين.
سواريز بجانب إيفان راكيتيتش وأرتورو فيدال، كانوا أبرز الذين غادروا صفوف برشلونة بعد زلزال ميونخ، علما بأن المهاجم المخضرم رحل إلى أتلتيكو مدريد في سبتمبر/أيلول الماضي في صفقة لم يجني البارسا من ورائها أكثر من 5 ملايين يورو.
ربما كان برشلونة في حاجة للتخلي عن بعض من عناصر الحرس القديم، لكن الأرقام توضح أن الاستغناء عن سواريز، بحجة تقدمه في السن، كان من أكبر الأخطاء، حيث أنه يحتل حاليا المركز الثاني في جدول ترتيب هدافي الدوري الإسباني برصيد 16 هدفا، متأخرا بـ3 أهداف عن صديقه ميسي متصدر الترتيب.
سواريز (34 عاما) هو أحد أهم أسباب توهج كتيبة المدرب دييجو سيميوني، التي تحتل حاليا صدارة جدول ترتيب الدوري الإسباني برصيد 58 نقطة، بفارق 5 نقاط عن برشلونة، الذي لعب مباراة أكثر من أتلتيكو.