"أليتا: ملاك المعركة".. سيادة الصورة بمخزون وجداني وفلسفي مهدور
فيلم "أليتا: ملاك المعركة" يعرض في الصالات السينمائية الإماراتية، وهو متاح للعرض لمن هم فوق سن 13 عاماً.
يتواضع فيلم الخيال العلمي "أليتا: ملاك المعركة" (Alita: Battle Angel) على صعيد المضمون على نحو يصح أن يكون فيه فيلم ترفيه للأطفال المراهقين وعشاق الحركة والمغامرات، من دون أن يستطيع استثمار بذرة الأفكار الكبيرة التي توافرت في متن حكايته.
كان يفترض أن يكون "أليتا: ملاك المعركة" (Alita: Battle Angel) فيلماً عن إشكالية الهوية والانتماء، وكان من الممكن أن يتناول على نحو أعمق فرضية الحكاية الرئيسية عن الفتاة الآلية، التي تحمل دماغاً بشرياً وطاقة هائلة في القلب، إضافة إلى ما توافر في الحكاية من ثنائيات متناقضة تقليدية مثل (الفقر والغنى)، (القوة والضعف)، (الخير والشر)، لكن الكثير من تلك الطاقة الدرامية وما فيها من مخزون وجداني وفلسفي، تم إهداره لصالح صورة حركة مدهشة بقوة مؤثراتها البصرية.
يروي الفيلم حكاية "أليتا" (تؤدي صوتها الفنانة روزا سالازار) الفتاة التي يجد الدكتور إيدو (كريستوف فالتز) حطامها في مكب النفايات ويكتشف أن دماغها البشري ما زال يعمل، فينقلها إلى عيادته حيث يجمّع رأسها مع هيكل معدني كان صنعه لابنته المعاقة قبل أن تموت، ويطلق عليها اسم ابنته الراحلة أيضاً "أليتا"، ومع استعادة "أليتا" صحتها، تبقى تواجه مشكلة فقدانها الذاكرة، فهي لا تتذكر من أين جاءت وفي الآن نفسه تجد نفسها غريبة عن العالم حولها.
وبينما تبدأ "أليتا" بالانخراط في حياتها الجديدة، تتعرف على الشاب "هوجو" (كينان جونسون) الذي يساعدها في استعادة ذاكراتها وتنجذب إليه في قصة حب بدت محكومة باختلاف تكوينهما الجسدي.
سرعان ما تكتشف الفتاة أن لديها قدرات قتالية فريدة من نوعها تستخدمها بداية في الدفاع عن أصدقائها وعائلتها الجديدة، قبل أن تتعقد الأمور حولها وتجد نفسها مجبرة على خوض معارك شرسة في مواجهة أشرار المدينة وفي مقدمتهم "غريوشكا" (جاكي إيرلي هالي)، وصولاً إلى القاتل "فيكتور" (ماهرشالا علي) الذي يدير سباقات الـ "Motorball" ويشتغل في الخطف وتجارة الأعضاء، ويستغل أتباعه بإغرائهم بتسهيل انتقالهم إلى المدينة الحلم "Zalem "، المعلقة في السماء والتي تعيش فيها الطبقة العليا للمجتمع.
ومع اكتشاف أليتا حقيقة ماضيها تستطيع التغلب على الأشرار وقائدهم "فيكتور" وإنقاذ أصدقائها وعالمها الجديد من شرورهم.
تحتشد في تلك الحكاية كثير من التفاصيل، وهي لا تخلو من مشاهد المعارك بطبيعة الحال، الأمر الذي جاء في الغالب على حساب عمق الحوارات، فابتعد بالفيلم عن المستوى الفني والفكري لمصدره في سلسلة المانغا اليابانية Gunnm التي كتبها يوكيتو كيشيرو، لكنه عوّض ذلك على صعيد الصورة، ولا سيما تلك التي تتعلق بالفتاة أليتا.
وبالاستناد إلى تقنية توليد الصور بالحاسوب (CGI) والتقاط الحركة (Mocap) ستنجح الفنانة روزا سالازار في أداء شخصية "أليتا" ونقل مشاعرها على نحو مثالي، اعتماداً على قسمات وجهها كونه الجزء الوحيد الشبه بشري في جسدها الآلي، ولعل أبرز أدواتها عيناها على وجه التحديد المرسومتان بطريقة الأنيميشن، والواسعتان على نحو بديتا نافذة فضولها في العالم الجديد وتوقعها لاستعادة ذاكرة عالمها القديم، كما نجحت في إيصال الإيهام بثقل جسدها الآلي ومكننة حركته بطبيعة الحال من طريقة التمايل في مشيها.
وبأداء صادق يجسد "كريستوف فالتز" مشاعر الحنان والخوف والحزن التي أثقلت حياة "ايدو" ودفعته نحو مسارات حاول أن يمنع عنها ابنته أليتا قبل أن يفشل في ذلك، وفي وقت تأخرت فاعلية "كينان جونسون " في الحكاية حتى الربع الأخير من الفيلم، بدا ماهر شالا علي أسيرا في مساحة لعب تمثيلي محدودة لشخصية مأسورة على الورق، وبالتالي لم نشعر به على النحو الذي فعله في فيلمه السابق "الكتاب الأخضر".
بدوره ينجح المخرج" روبرت رودريغيز " بإدارة كل هؤلاء النجوم وتقديمهم بكاميرا رشيقة لم تركن إلى التقنيات البصرية المتوافرة للفيلم وعوالمه الغريبة في محاكاة بيئات خيالية، وهو يؤكد بذلك قدرته على صناعة الفيلم في الاستديو الضخم بالمرونة ذاتها التي قدم فيها أفلامه المستقلة ذات الميزانية المنخفضة، وإنجاز وجبة سينمائية بالتالي تمتلك أسباب جاذبيتها.
فيلم "أليتا: ملاك المعركة" يعرض الآن في الصالات السينمائية الإماراتية، وهو متاح للعرض لمن هم فوق سن 13 عاماً.
aXA6IDE4LjExNy43MS4yMzkg جزيرة ام اند امز