مذيع "الصور الفاضحة".. "وجه شهير" أخفته "بي بي سي" وكشفته الزوجة
لا صوت يعلو على ترددات "بي بي سي" البريطانية هذه الأيام سوى صدى "فضيحة جنسية" تدوي في أرجاء المملكة المتحدة.
فعلى مدى أسابيع كانت "بي بي سي" تحت قصف وابل من الأسئلة حول تعاملها مع تحقيق داخلي بشأن صور فاضحة، تتعلق بمذيع مشهور وفتى قاصر.
أسئلة قوبلت بصمت طويل، حتى كسر بيان لـ"بي بي سي" حاجز الهدوء يوم الأحد الماضي، وجاء فيه أن هيئة الإذاعة البريطانية أوقفت أحد مذيعيها، بعد مزاعم قيامه بدفع آلاف الجنيهات لمراهق، من أجل التقاط صور جنسية فاضحة.
وأقرّت الهيئة وقتها أنها علمت لأول مرة بشكوى في هذا الموضوع في مايو/أيار الماضي، لكن تم تقديم ادعاءات جديدة ذات طبيعة مختلفة يوم الخميس الماضي، وأٌبلغت "سلطات خارجية" بالأمر.
بيان يشق الغموض
وفيما لم تتحدث "بي بي سي" ولا الإعلام البريطاني، ولا الشرطة التي تحقق في المزاعم، عن هوية هذا المذيع، حينها بدأت خيوط القصة تتكشف اليوم مع تداول الاسم.
المثير في الأمر هو أن زوجة المذيع هي من كشفت هويته، حين قالت إن زوجها هيو إدواردز هو الشخص المعني بمزاعم تتعلق بدفع مبلغ مالي لمراهق، مقابل التقاط صور جنسية.
وذكرت الزوجة فيكي فليند، في بيان، أن زوجها الأب لخمسة أطفال "يتلقى العلاج في أحد المستشفيات لأنه يعاني حاليا من مشكلات نفسية خطيرة".
وأضافت "أٌصدر هذا البيان نيابة عن زوجي هيو إدواردز بعد خمسة أيام عصيبة مرت على عائلتنا".
ومضت قائلة "هيو يعاني من مشاكل نفسية خطيرة. وكما هو موثق فقد خضع لعلاج من اكتئاب حاد في السنوات الأخيرة".
وتابعت "لقد أدت أحداث الأيام القليلة الماضية إلى تفاقم الأمور إلى حد كبير، فقد عانى (هيو) من نوبة خطيرة أخرى ويتلقى الآن رعاية داخل المستشفى، حيث سيبقى هناك في المستقبل المنظور".
ونظرا للظروف التي يمرون بها، طلبت الزوجة "احترام خصوصية العائلة وأي شخص آخر محاصر في هذه الأحداث المزعجة".
مستطردة: "أعلم أن هيو يأسف بشدة لأن العديد من الزملاء قد تأثروا بالتكهنات الأخيرة لوسائل الإعلام.. نأمل أن يؤدي هذا البيان إلى إنهاء ذلك"، فيما يبدو أنها تتمسك بـ"براءة زوجها".
حين فاحت الرائحة
وبدأت المزاعم الأخلاقية حول مذيع بي بي سي بتقرير نشرته صحيفة "ذان صن"، قبل أيام، نقلت فيه عن والدة الشاب "الضحية"، قولها إن المذيع دفع لابنها أكثر من 35 ألف جنيه استرليني (45 ألف دولار) على مدى ثلاث سنوات مقابل صور فاضحة.
وقالت الأم للصحيفة أيضا إن المراهق، الذي يُزعم أنه كان يبلغ من العمر 17 عاما عندما بدأ التحدث إلى مقدم البرنامج، استخدم المال في تعاطي الكوكايين، وأنها تقدمت بشكوى لـ"بي بي سي" في مايو/أيار.
"بي بي سي" والسمعة
فضيحةٌ أقر القائمون على "بي بي سي" بأنها أضرت بالمؤسسة العريقة، وهو ما صرّح به مديرها العام تيم ديفي.
وقال ديفي إن الادعاءات الأولية التي قدمتها والدة المراهق أُخذت على محمل الجد من قبل "بي بي سي".
لكنه بيّن أن الشكاوى لم تُنقل إليه أو إلى غيره من كبار مديري هيئة الإذاعة البريطانية حتى أواخر الأسبوع الماضي، عندما كانت على وشك أن تنشرها صحيفة "ذا صن" في لندن.
واعترف ديفي بأن المزاعم الفاضحة "شوهت سمعة" هيئة الإذاعة البريطانية العامة التي وجدت نفسها مرارا وتكرارا في قلب الخلافات السياسية إثر تصرفات وتصريحات الشخصيات التي تبث على الهواء.
وأضاف ديفي في مقابلة مع راديو "بي بي سي 4": "من الواضح أن هذا يضر بهيئة الإذاعة البريطانية.. إنه ليس بالوضع الجيد".
الحكومة "مصدومة"
ومع تراكم الادعاءات ووجود العديد من الأسئلة التي لا تزال دون إجابة يبدو أن هيئة الإذاعة البريطانية تحت الحصار، فالفضيحة التي هزت أرجاء المؤسسة دوّت بين جدران "داوننغ ستريت" (مقر الحكومة).
وهو ما عبّر عنه رئيس الوزراء البريطاني ريشي سوناك، الذي وصف هذه المزاعم بـ"الصادمة"، خلال توجهه قبل يومين لحضور قمة الناتو في ليتوانيا.
وقال سوناك إنه صُدم وقلق من مزاعم أن مقدم برامج في بي بي سي دفع لشاب مقابل الحصول على صور فاضحة.
ولفت إلى أنه "لا يعرف هوية المذيع المتهم ولكنه يريد التعامل مع الموقف في أسرع وقت ممكن".
المراهق ليس الوحيد
ووفق صحيفة تليغراف البريطانية، فإن إدواردز البالغ من العمر 61 عاما لم يستقل من عمله كما تردد مؤخرا، بل إنه مذيع الأخبار الأعلى أجرا براتب 435 ألف جنيه استرليني.
كما لم تتوقف مصاعب المذيع الشهير عند فضيحة الصور الجنسية، إذ تفيد تقارير صحفية بأن إدواردز يواجه مزاعم جديدة بشأن سلوكه تجاه زملائه في العمل.
إذ أفادت التقارير بأن ثلاثة من موظفي "بي بي سي"، اثنان منهم من الموظفين الحاليين، حركوا مزاعم جديدة ضد المذيع، بما في ذلك ادعاء أن إدواردز أرسل إلى أحدهم رسائل تحمل إيحاءات غير لائقة.
المذيع الذي أعلن وفاة إليزابيث
تأتي هذه الهفوة الأخلاقية الضخمة بعد أشهر فقط من بلوغ إدواردز قمة حياته المهنية، إثر اختياره في سبتمبر/أيلول الماضي للإعلان على الهواء عن وفاة الملكة إليزابيث الثانية، وقاد تغطية "بي بي سي" لجنازتها، كما لعب دورا بارزا في تقديم تتويج وريث العرش الملك تشارلز.
هزات وأزمات تعكر أثير "بي بي سي"
لم تكن أزمة إدواردز هي الوحيدة في سجل "بي بي سي"، إذ إن المؤسسة البريطانية لديها تاريخ طويل من المشاكل والأزمات التي تصدرت عناوين الصحف.
ففي ٢٠١٦ أقرّت بأنها فشلت في منع الاعتداءات الجنسية لمذيعها الراحل جيمي سافيل، على ضحايا بعضهم قُصر، بسبب ثقافة الخوف داخل الهيئة، و"الشعور بأن المشاهير لا يمكن المساس بهم".
وبعد تحقيقات داخلية، ثبُت أن سافيل كان يستغل شهرته في جذب ضحاياه والاعتداء عليهم في غرفة تبديل الملابس داخل مبنى بي بي سي في فترة السبعينيات.
وبعيدا عن الفضائج ذات الطابع الجنسي، تفاقم المزاعم الأخيرة بحق هيو، أزمات هيئة الإذاعة البريطانية المالية والإعلامية، المستمرة منذ أشهر، والتي قادت إلى تسريح العديد من الموظفين وإغلاق منصات البث التي اشتهرت بها الهيئة لعقود طويلة.
ففي سبتمبر/أيلول الماضي، أعلنت "بي بي سي"، إلغاء ما يقرب من 400 وظيفة، إثر إغلاق الإذاعة العربية بعد 84 عاما من الخدمة، في إطار خطتها لإعادة الهيكلة والتوجه إلى العروض الرقمية نتيجة أزمة مالية.
وبعد ذلك بأشهر، وبالتحديد في مارس/آذار الماضي، مرّ برنامج كرة القدم الرئيسي لهيئة الإذاعة البريطانية "ماتش أوف ذا داي" (مباراة اليوم) بأزمة كبيرة، بعد أن قاطعه معلقوه الرئيسيون، تضامناً مع غاري لينيكر مقدم البرنامج الذي جرى إيقافه إثر انتقاده سياسة اللجوء الحكومية.