إليكم كواليس أول 3 أيام لاجتماع بون 2025.. نقاشات ساخنة وتحديات مناخية

في مدينة بون الألمانية البعيدة عن الصراعات العالمية اليوم؛ ينعقد اجتماع بون؛ حيث توفر جوًا مناسبًا للأطراف للمشاروات المناخية.
في ظل تحديات جيوسياسية واقتصادية يواجهها العالم اليوم، انطلق اجتماع بون -الدورة الدورة الثانية والستين للهيئات الفرعية لاتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ (UNFCCC)- يوم الإثنين الموافق 16 يونيو/حزيران 2025. وعلى الرغم من أنّ قمم الأمم المتحدة للمناخ تنطلق بموجة إعلامية ضخمة، إلا أنّ اجتماعات نصف العام في بون تكون بمثابة مساحة تفاوضية رسمية هادئة تمكن الأطراف من النقاش وتحديد الأولويات تمهيدًا لمؤتمرات الأطراف، مثل مؤتمر الأطراف في دورته الثلاثين (COP30) الذي ينطلق في بيليم بالبرازيل في نوفمبر/تشرين الثاني هذا العام.
ويحظى اجتماع بون هذا العام تحديدًا بأهمية بالغة؛ خاصة بعد (COP29)، وكونه قادم في عام 2025 الذي كان من المقرر فيه أن تُقدم كل دولة من دول الأطراف خطتها لـ"المساهمات المحددة وطنيًا". من جانب آخر، هناك العديد من الملفات التي تحتاج إلى نقاش عميق مثل: التمويل المناخي والتكيف وأسواق الكربون وغيرهم. وبهذا يُعد اجتماع بون نقطة محورية لتحديد اتجاه المفاوضات في بيليم نهاية العام.
التكيف تحت المجهر
يشغل الهدف العالمي للتكيف (GGA) المادة رقم 7 في اتفاق باريس، ويهدف إلى تعزيز قدرات الدول النامية لوضع وتنفيذ خطط تساعدهم على التكيف مع التغيرات المناخية، لكن التحدي الأكبر في هذا أنّ هناك حاجة ماسة إلى التمويل المناخي. وقد أبدت الرئاسة البرازيلية لـ(COP30) اهتمامًا واضحًا وخاصًا بقضية التكيف. الأمر الذي جعلها قضية محورية في نقاشات اجتماع بون؛ إذ تعمل الدول الأطراف على تحضير وبناء زخم وتحديد الأولويات في الفترة التي تسبق انطلاق القمة.
بالفعل في اليوم الأول من اجتماع بون، انطلقت العديد من الفعاليات حول الهدف العالمي للتكيف، وناقش الخبراء الفنيين مؤشرات لقياس مدى التقدم في تحقيق الهدف العالمي للتكيف، حتى وضعوا 490 مؤشرًا، يستطيعون من خلالها تحديد التقدم المحرز. وفي اليوم الثاني استمرت النقاشات حول التكيف وسُلط الضوء على ضرورة تعبئة التمويل المناخي بأسرع وقت؛ لدعم خطط التكيف.
وفي اليوم الثالث، اتفقت الأطراف على أهمية إجراء بعض التعديلات على مؤشرات قياس الهدف العالمي للتكيف والوصول إلى 100 مؤشر، لكن ظل الخلاف قائمًا بين الأطراف حول النهج المتبع في ذلك.
أزمة التمويل المناخي
يشغل التمويل المناخي المادة رقم 9 من اتفاق باريس، وقد كانت المادة 9.1 التي تنص على أن "تُقدم البلدان المتقدمة الأطراف موارد مالية لمساعدة البلدان النامية الأطراف في كل من التخفيف والتكيف مواصلة لالتزاماتها القائمة بموجب الاتفاقية". لذلك، ليس من الغريب أن تحتل تلك المادة مقعدًا في نقاشات بون من اليوم الأول، وأُثيرت العديد من الجدالات بين الأطراف حول هذا الأمر.
وفي اليوم الثاني، أكدت مجموعة الـ77 + الصين على التزام الدول المتقدمة لتوفير التمويل المناخي، وأشارت إلى أنّ هذا من ضمن أولوياتها الأساسية؛ فيما أعربت الدول النامية عن خيبة أملها لإحجام الدول المتقدمة عن مناقشة التزامها القانوني بتقديم الدعم المالي للدول النامية؛ لتسريع عجلة تنفيذ اتفاق باريس، وأشارت إلى أنّ تلك المسألة ستكون من أولوياتها في COP30.
واشتدت النقاشات في اليوم الثالث بداية من مشاروات الرئاسة حول خارطة طريق باكو-بيليم التي افتتحها رئيس COP29، السيد "مختار باباييف"، والذي دعا الأطراف والجهات المختصة إلى تعزيز المشاركة في تعبئة 1.3 تريليون دولار أمريكي للتمويل المناخي. من جانبه، أشار الرئيس المعين لـCOP30 السيد "أندريه أرانا كوريا دو لاغو" إلى دور وزراء المالية في دعم وتطوير خارطة الطريق. بينما حثت الدول النامية على أهمية تبسيط إجراءات الحصول على التمويل وتسريع آلية صرفه.
التخفيف
أُثيرت النقاشات حول عملية التخفيف بصورة واضحة في اليوم الثالث من الاجتماع؛ وكانت هناك العديد من المشاروات حول "برنامج عمل التخفيف" (MWP)، والذي أُنشئ بموجب اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ لتسريع الجهود العالمية للحد من انبعاثات الغازات الدفيئة المتسببة في الاحتباس الحراري. لكن في اجتماع بون، أبدت العديد من الأطراف عن امتعاضها لعدم تحقيق ذلك البرنامج الأهداف المرغوبة، ما يجعل هدف تحقيق هدف 1.5 درجة مئوية بعيد المدى نوعًا ما.
الخسائر والأضرار
في اليوم الثالث من الاجتماع، حظيت الخسائر والأضرار باهتمام كبير. ويجدر بالذكر أنه تمت الموافقة على إنشاء صندوق الخسائر والأضرار في مصر خلال COP27، ثم أُنشيء الصندوق في اليوم الأول في COP28 بالإمارات العربية المتحدة. ومن ثمّ انتقلت الكرة إلى ملعب أذربيجان في COP29، وهناك أُثيرت بعض الخلافات حول تمويل الصندوق، ولم تستكمل الأطراف مراجعة آلية وارسو الدولية للخسائر والأضرار للعام 2024، وأجلت الأطراف النقاش حوله إلى اجتماع بون، ومن المأمول أن تتوصل الأطراف لقرار اعتماده في COP30. وبالفعل بدأت بعض المشاورات غير الرسمية في الاجتماع خلال اليوم الثالث حول التقرير السنوي المشترك للجنة التنفيذية لآلية وارسو الدولية وشبكة سانتياغو.
يأتي اجتماع بون لهذا العام في خلال فترة حرجة دوليًا في ظل الصراعات والنزاعات الموجودة اليوم، ما قد يؤثر على أولويات الأطراف عند اتخاذ قرارات العمل المناخي، لكن ما زالت النقاشات قائمة ولم تنته.