أسرار رحلة بينيت إلى الكرملين.. لماذا خالف "سبت اليهود"؟
يمتنع رئيس الوزراء الإسرائيلي المتدين نفتالي بينيت السفر خلال عطلة السبت ما جعل سفره إلى موسكو استثناء.
وقد أكد مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي في بيان تلقته "العين الإخبارية" على أنه "أقلع رئيس الوزراء إلى موسكو في ساعات الصباح المبكرة".
وبحسب موقع "تايمز أوف إسرائيل" الإسرائيلي فإنه "يمنع اليهود المتدينين من السفر خلال فترة السبت بموجب القانون اليهودي، ولكن توجد استثناءات مثل الحالات الطبية أو الأمنية التي تكون فيها الحياة مهددة".
وقالت الهيئة العامة للبث الإسرائيلي: " بينيت توجه السبت إلى موسكو على متن طائرة خاصة يستخدمها جهاز الموساد عادة" في إشارة الى جهاز المخابرات الإسرائيلي.
أما صحيفة "الجروزاليم بوست" الإسرائيلية، فقد أشارت إلى أن "تركيا، علمت مسبقا بالزيارة، حيث كان مسار رحلة بينيت فوق أراضيها".
كما يتعمد رئيس الوزراء الإسرائيلي الإعلان مسبقا عن زياراته الخارجية وحتى اتصالاته الهاتفية مع الزعماء في العالم.
ولكن بينيت لم يعلن مسبقا عن زيارته الى العاصمة الروسية وفقط بعد إعلان الكرملين عنها أكدها مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي.
وكان تم الاتفاق على هذه الزيارة خلال مكالمة هاتفية بين بوتين وبينيت جرت يوم الأربعاء، بحسب الإعلام الإسرائيلي.
بالإجمال واستنادا إلى ما أعلنه مصدر إسرائيلي فإن لقاء بينيت مع الرئيس الروسي استغرق 3 ساعات متواصلة وتناول التطورات في أوكرانيا والمحادثات في فيينا حول السلاح النووي الإيراني.
ولاحظت بعض وسائل الإعلام الإسرائيلية أن هذه هي الزيارة الأولى لمسؤول غربي إلى الكرملين منذ العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا، دون أن يتأكد ذلك من الكرملين.
فما الذي دفع بينيت إلى كسر عطلة السبت ولماذا تجنب الإعلان مسبقا عن هذه الزيارة؟.
لم يخف بينيت رغبته في الوساطة بين روسيا وأوكرانيا منذ بدء الأزمة بين البلدين، إذ تحادث مرتين هاتفيا مع بوتين ومثلهما مع الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي.
واستنادا إلى وسائل إعلام إسرائيلية فإن زيلينسكي كان هو من طلب من بينيت الوساطة لدى الرئيس الروسي.
ووفقا لمكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي فإن زيلينسكي كان الزعيم الأول الذي تحدث معه بينيت بعيد لقائه المطول مع بوتين، وأعقبه باتصال هاتفي مع الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون بينما كان يسافر إلى برلين للقاء المستشار الألماني أولاف شولتز.
شولتز كان قد زار إسرائيل، الأربعاء، والتقى رئيس الوزراء الإسرائيلي في أول زيارة له إلى إسرائيل بمنصبه الجديد.
مصدر إسرائيلي قال إن "بينيت ينسق مع الولايات المتحدة وألمانيا وفرنسا ويجري حوارا مستمرا مع أوكرانيا".
وفي حين لم يتضح إذا ما كان بينيت قد تحادث مع مسؤول أمريكي بعد اللقاء مع موسكو فإنه من المؤكد أنه تحدث قبله.
فقد قالت مصادر إسرائيلية إن بينيت تحادث هاتفيا، الجمعة، مع مستشار الأمن القومي الأمريكي جيك سوليفان وأبلغه بقراره السفر إلى موسكو في اليوم التالي.
وبحسب المصادر الإسرائيلية فإن سوليفان لم يعترض على السفر وإن كان شكك بقدرة بينيت على تغيير موقف الرئيس الروسي.
وفي هذا الصدد قال مصدر إسرائيلي: "عقد هذا اللقاء بعد سلسلة طويلة من المحادثات التي أجراها رئيس الوزراء مع عدد من الزعماء الدوليين على مدار الأسبوع الأخير".
3 قضايا خلال 3 ساعات
واستنادا إلى المصدر ذاته، الذي فضل عدم الكشف عن اسمه، فإن اللقاء الذي استمر 3 ساعات، بحث 3 قضايا.
فأولا، جرى البحث في التطورات بين روسيا وأوكرانيا، وثانيا وضع الإسرائيليين والجاليات اليهودية في أوكرانيا في أعقاب اندلاع النزاع.
أما الأمر الثالث، فهو بحث التقدم الذي تم تحقيقه في المحادثات النووية في فيينا، حيث عبر عن الموقف الإسرائيلي الذي يرفض العودة إلى الاتفاق النووي.
وكان رئيس الوزراء الإسرائيلي قال، الثلاثاء: "لقد اتخذت دولة إسرائيل منذ اللحظة الأولى نهجًا مدروسًا ومسؤولاً، والذي يسمح لنا ليس بمراعاة مصالحنا فحسب وإنما بلعب دور مفيد أيضًا، بمعنى أن نكون بمثابة إحدى الجهات الوحيدة الموثوق بها، والتي يمكنها التواصل بشكل مباشر مع كلا الجانبين، والمساعدة حيثما يطلب منا القيام بذلك. ونحن نساعد بالفعل، وبهدوء".
ومنذ العملية الروسية ضد أوكرانيا تحاول إسرائيل الموازنة بين تنسيقها مع موسكو وتحالفها الاستراتيجي مع الولايات المتحدة.
فقد أدانت إسرائيل "الغزو" الروسي لأوكرانيا من خلال وزير الخارجية يائير لابيد وعبر التصويت في الجمعية العامة للأمم المتحدة، لكن بينيت كان متحفظًا على قول أي شيء عن روسيا حتى الآن.
وقالت صحيفة "هآرتس" الإسرائيلية: "إسرائيل في وضع مثالي لتقديم خدمات الوساطة، ربما تكون الدولة الوحيدة التي تتمتع بعلاقات جيدة وقنوات اتصال مفتوحة مع كل من موسكو وكييف. ومع وجود أكثر من مليون مواطن إسرائيلي ولدوا في روسيا أو أوكرانيا، فإن الحكومة الإسرائيلية لديها الكثير من كبار المسؤولين والمستشارين الذين يفهمون القضايا جيدًا".
واستدركت في تحليل تابعته "العين الإخبارية": "ولكن لكي يكون هناك أي نوع من الوساطة، يجب أن يكون كلا الطرفين المتحاربين منفتحين على نوع من الصفقات. كل ما قاله وفعله بوتين خلال الأيام العشرة الماضية أوضح أنه لن يتوقف عند ما هو أقل من تقطيع أوصال أوكرانيا وتفكيكها كدولة مستقلة. إذن ما الذي يمكن أن يأمل بينيت في تحقيقه من خلال لقائه؟".
وقالت الصحيفة الإسرائيلية: "قد يبدو استمرار الاجتماع لمدة ثلاث ساعات مثيرًا للإعجاب، لكنه ليس خارجًا عن المألوف بالنسبة للقاءات بين بوتين والقادة الأجانب. غالبًا ما يداعبهم بمحاضرات طويلة حول دولة أوكرانيا المزيفة، من المحتمل أن يكون بينيت قد تلقى درسًا مشابهًا في التاريخ".
وأضافت: "حتى لو كان الأمر كذلك، فربما كان الاجتماع هو الشيء الصحيح الذي ينبغي عمله، حتى على أمل وجود فرصة ضئيلة للتوصل إلى وقف مؤقت لإطلاق النار يمكن أن يساعد في تخفيف المعاناة الإنسانية الهائلة التي سببها الغزو الروسي".
وكان لقاء بينيت مع بوتين في أكتوبر/تشرين الأول الماضي استغرق 5 ساعات.
ما علاقة الملف الإيراني
تقول صحيفة "الجروزاليم بوست" الإسرائيلية إن "وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف قدم مطالب جديدة في مفاوضات الاتفاق النووي الإيراني في فيينا نهاية الأسبوع، دعا من خلالها إلى ضمانات مكتوبة بأن العقوبات المتعلقة بحرب أوكرانيا لن تمنعها من التجارة مع طهران".
وأضافت في تحليل تابعته "العين الإخبارية": "جاء هذا الطلب في الوقت الذي قالت فيه الأطراف إن العودة إلى الاتفاق النووي لعام 2015 ما زالت على بعد أيام".
ولفتت إلى أن "إسرائيل كانت شديدة الانتقاد للاتفاق، قائلة إنه لا يقيد البرنامج النووي الإيراني بما فيه الكفاية ولا لفترة طويلة بما فيه الكفاية، بينما يرفع العقوبات التي ستجعل الأموال تتدفق على طهران لوضعها في حربها بالوكالة في جميع أنحاء الشرق الأوسط".
وقال المحلل السياسي بالقناة الإخبارية (12) الإسرائيلية، عميت سيغال: "لرئيس الوزراء الإسرائيلي، كل رئيس وزراء، عاصمة أوروبية واحدة يجب أن تهمه هذه الأيام، وهي فيينا، وليس كييف".
وأضاف: "كل عملية وساطة يجب أن يترتب عليها تأثير على الاتفاقية النووية".
aXA6IDMuMTQ1LjkuMjAwIA== جزيرة ام اند امز