سوق "الكنيسة التذكارية" في برلين.. الاحتفالات تهزم الإرهاب
أضواء وزينات براقة، وزوار مبتهجون، وأجواء احتفالية ميزت الليلة الأولى لسوق عيد الميلاد الملاصق للكنيسة التذكارية في ذكرى هجوم برلين.
"أضواء وزينات براقة، وزوار مبتهجون، وأجواء احتفالية".. كانت هذه ملامح الليلة الأولى لسوق عيد الميلاد الملاصق للكنيسة التذكارية في قلب برلين، رغم التشديدات الأمنية الكبيرة، وذكرى هجوم برلين الذي وقع قبل ٣ سنوات في نفس المكان.
وكان الشاب التونسي أنيس العامري قاد شاحنة ضخمة لاقتحام سوق الكنيسة التذكارية في ١٩ ديسمبر / كانون الأول ٢٠١٦، ما أسفر عن مقتل ١٢ شخصا دهسا، وإصابة ٤٨ آخرين، قبل أن يلقى حتفه أثناء هروبه لإيطاليا.
ورغم هذه الذكرى الصعبة، لم تخفت أضواء السوق، ولم يتراجع الاهتمام به، ولم يقاطعه الزوار، بل ازدادت الاحتفالات فيه بريقا وكأنها تتحدى الإرهاب.
وفي أجواء احتفالية تغلفها موسيقى صاخبة، افتتح عمدة برلين، مساء الإثنين، سوق أعياد الميلاد في محيط الكنيسة التذكارية، في تقليد متبع سنويا منذ ٣٦ عاما.
وعلى مسافة ٤٠٠ متر، تنتشر الأضواء والزينات البراقة، و٢٠٠ كشك خشبي يبيع هدايا وشجرة عيد الميلاد، والمنتجات المصنعة يدويا، وأطعمة ومشروبات تقليدية، ولعب للأطفال وحلويات.
وفي وسط السوق، تنتصب شجرة عملاقة لعيد الميلاد، من إعداد المصمم الألماني، أندرياس بويلك. ويبلغ ارتفاعها نحو ٢٠ مترا، ويزينها كرات حمراء وصفراء، ما يضفي بعدا جماليا على المكان.
وفي مدخل السوق، يمر الزائرون بنصب تذكاري لتخليد ضحايا الهجوم الإرهابي الذي وقع قبل ٣ سنوات، فيما تنتشر في محيط النصب التذكاري، الشموع وصور الضحايا، ويقف المارة دقائق صمت على أرواحهم.
لكن تذكر الضحايا لا يقتل أجواء الاحتفال، فالموسيقى تملأ المكان صخبا يوميا حتى العاشرة مساء. ومحادثات المارة، وروائح اللوز المحمص والشيكولاتة، والبطاطس المشوية تزيده جمالا.
وتمتد فعاليات السوق حتى ٥ يناير المقبل، ويزوره سنويا نحو ١.٥ مليون زائر، وفق تقديرات بلدية برلين.
يقول توماس شنايدر، وهو رجل أربعيني، لـ"العين الإخبارية": "حرصت على زيارة سوق الكنيسة التذكارية في يومه الأول، وقضيت لحظات جميلة".
ويتابع: "الزينات والأضواء بالغة الجمال هذا العام، والأجواء رائعة. كما أن العديد من المنتجات المعروضة تجذب الانتباه".
ويضيف: "سأزور المكان مرة أخرى مع عائلتي لشراء بعض الهدايا، والسماح لأطفالي بالتقاط الصور".
وحتى يتسنى للزوار الاستمتاع بالسوق دون خوف، شددت شرطة برلين إجراءات الأمن في المكان، ووضعت حواجز إسمنتية في مداخله الرئيسية للحيلولة دون اقتحامه بأية مركبات.
كما ينتشر عناصر الشرطة بلباسهم الرسمي خارج السوق، فضلا عن تفقد عناصر شرطة بثياب مدنية له من الداخل على مدار الساعة، لرصد أي تهديد، حسب صحيفة تاجس شبيجل الألمانية "خاصة".
ونقلت الصحيفة عن المسؤول الشرطي ديرك جيراش قوله: "لا نريد أن تتأثر أجواء الاحتفال بوجودنا.. لذلك سننشر عناصر شرطية بزي مدني في داخل السوق".
وتابع: "هذا لا يعني أننا سنختفي، سنتواجد بالخارج، وأحيانا بالداخل، مسلحين بشكل كامل، لتأمين الزوار".
ويقول توماس شنايدر، وهو يشتري اللوز المحمص، إن "تشديدات الأمن كبيرة في السوق، والحواجز تتواجد في المداخل والمخارج، لكني لا أنشغل بذلك"
ويتابع: "الإرهاب لن يهزمنا.. سنواصل الاحتفال بالأعياد، واستعادة تقاليدنا الراسخة دون خوف".