«برنار أرنو».. لاعب «غير متوقع» في معركة الرسوم الجمركية

في خضم أزمة تجارية بين أمريكا وأوروبا، ومع إعلان دونالد ترامب فرض رسوم جمركية جديدة على منتجات أوروبا، ظهر اسم الملياردير الفرنسي برنار أرنو، رئيس مجموعة "إل في إم إتش" وأغنى رجل في أوروبا، لاعبا غير متوقَّع على مسرح السياسة الاقتصادية العالمية.
وفي مشهد يجمع السياسة بالبيزنس الفاخر، استقبل الرئيس الأمريكي دونالد ترامب رجل الأعمال الفرنسي برنار أرنو، رئيس مجموعة "إل في إم إتش" وأغنى رجل في أوروبا، في البيت الأبيض، واصفًا إياه بـ"الصديق المقرّب".
اللقاء، الذي تخللته نقاشات حول كأس العالم لكرة القدم 2026 وتعاون "إل في إم إتش" عبر علامة "تيفاني"، تجاوز طابعه الرمزي، ليطرح تساؤلات حقيقية في الأوساط الاقتصادية الأوروبية: هل يؤدي أرنو، الذي دعا مؤخرًا إلى تسوية "ودية" مع الولايات المتحدة، دور الوسيط بين واشنطن وبروكسل وسط تصاعد الحمائية الأمريكية؟
رسائل جمركية مشفرة
وفتح قرار ترامب بزيادة الرسوم الجمركية على بعض المنتجات الأوروبية -من الصناعات الفاخرة إلى الفولاذ والزراعة- جولة جديدة من الحمائية الاقتصادية التي تهدد بتقويض العلاقات عبر الأطلسي، في وقت تحاول فيه الشركات الكبرى تفادي خسائر فادحة.
في هذا السياق، يبرز لقاء ترامب-أرنو كخط اتصال خلفي، حيث تسعى بعض النخب الاقتصادية إلى احتواء التصعيد من خلال قنوات غير رسمية.
ويؤكد أوليفييه باسيه، الباحث في "مؤسسة مونتين" الفرنسية، في تصريح لـ"العين الإخبارية"، أن "أرنو يتحرك كرجل أعمال يسعى لحماية مصالح مجموعته، لكنه يؤدي من حيث لا يدري دورا دبلوماسيا غير مباشر. ظهوره بجانب ترامب وسط أزمة جمركية يُقرأ كرسالة ناعمة من الإدارة الأمريكية للقطاع الخاص الأوروبي: هناك باب مفتوح، ولكن بشروط ترامب".
دبلوماسية تيفاني
الزيارة الرسمية التي شارك فيها أرنو وابنه جاءت بحجة التحضير لكأس العالم 2026، حيث صممت شركة "تيفاني"، المملوكة لمجموعته "إل في إم إتش"، الكأس الخاصة بمونديال الأندية. لكن اللقاء تحوّل سريعًا إلى مناسبة ذات أبعاد اقتصادية أعمق.
يرى لوران دافيد، الخبير الاقتصادي في معهد "إفري" الفرنسي، لـ"العين الإخبارية" أن "ترامب يعتمد على شخصيات مثل أرنو لبناء قنوات خلفية مع أوروبا. ففي الوقت الذي يصعّد فيه على الجبهة الرسمية، يرسل إشارات تهدئة عبر رجال الأعمال المؤثرين، ملوّحًا بإمكانية التفاوض ولكن وفق قواعد السوق الأمريكية".
ويضيف دافيد: "في لعبة الضغط والتفاوض التي يمارسها ترامب، تلعب رمزية أرنو دورا مضاعفا: هو في آنٍ واحد وجه أوروبا الصناعية وأداة تأثير فرنسية داخل السوق الأمريكية".
أوروبا القلقة
لقاء أرنو بترامب يأتي في وقت حساس للغاية، حيث تلوّح بروكسل بردود فعل حادة على القرار الأمريكي، بينما تخشى كبريات الشركات الأوروبية، خصوصًا تلك ذات الحضور في السوق الأمريكية، من الدخول في مرمى الإجراءات الجمركية، بحسب صحيفة "سود ويست" الفرنسية.
ويشير مراقبون إلى أن أرنو، الذي تحقق مجموعته ما يقارب 25% من إيراداتها من السوق الأمريكية، يملك دوافع قوية للتحرك شخصيًا لاحتواء الضرر، وهو ما يفسر كثافة ظهوره في البيت الأبيض خلال الأشهر الأخيرة، بما في ذلك حضوره حفل تنصيب ترامب وزياراته المتكررة ضمن وفود رجال الأعمال.
خطوط مفتوحة
في الوقت الذي تتحدث فيه المفوضية الأوروبية عن "عدوان اقتصادي غير مبرر" من واشنطن، تلجأ الشركات الكبرى إلى وسائل بديلة لحماية مصالحها. ويبدو أن برنار أرنو، بحكم وزنه المالي والرمزي، بات أحد هذه الوسائل.
ففي عالم يتغيّر بسرعة، لم تعد السياسة حكرًا على الدبلوماسيين. والملياردير الفرنسي، الذي يجمع بين النفوذ الاقتصادي والعلاقات العابرة للحدود، يُنظر إليه كـ"جسر ثراء" قد يخفف من حدة التصادم بين القارتين.
وساطة ناعمة في زمن الحمائية الصلبة
هل يستطيع أرنو بالفعل لعب دور الوسيط بين ترامب وأوروبا؟ السؤال مفتوح، لكن الظرف مناسب: البيت الأبيض مستعد لسماع صوت المصالح.. بشرط أن يأتي من رجال يعرفون لغة السوق.
aXA6IDMuMTQxLjE2NC4yNTMg جزيرة ام اند امز